العشاء والوباء

الدار البيضاء اليوم  -

العشاء والوباء

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطاالله

تجنبتُ طوال ثلاثة وثلاثين عاماً في هذه الزاوية، كما تجنبت طوال عمري في مجالس الصبا والشباب، استخدام أي كلمة مجافية للذوق. لا كتابةً ولا شفاهاً. لا في المرح ولا في الترح ولا في أي ضرورة من الضرورات. بل ولا في المواعيد الطبية. ولن أفعل ذلك الآن.

لكن «كورونا» فرض علينا، في العالم أجمع، أن يكون عالمنا بعد اليوم، أكثر نظافة مهما كان فقيراً. فالنظافة من الإيمان، وليست من الفقر، أو من الغنى. وليست مسؤولية دولة أو شعب أو فرد، بل هي أيضاً مسؤولية صانع الحلوى في الصين.

أصدرت دار الساقي عام 2015 كتاباً مثيراً وضعته المذيعة الصينية الشهيرة «شينران» عن تجاربها مع المستمعات اللواتي يشكين إليها حوادثهن. إحدى أولئك تشكو إليها ما رأته في أحد الأفران حيث شاهدت كيف يصنع العمال الكعك المفضل لديها. لن أدخل في أي تفصيل. لكن الكاتبة تنقل عن صحافية زميلة لها قولها: «إن أقذر الأمكنة في العالم ليست المجاري بل أطعمة المصانع ومطابخ المطاعم». وتضيف أنها توقفت عن أكل الكعك الذي تحبه.

البعض يريد مقاضاة الصين لأنها سمحت بتسرب فيروس «كورونا» وتسببت في كل هذه المآسي. ولعلّهم على حق. وقد تكون الصين، ومعها دول آسيوية أخرى، حرة في أن تأكل ما تشاء شرط أن تضمن عدم عبور جراثيمها وفيروساتها إلى العالم، وأن يتحول الخفاش المقزز من عشاء إلى وباء عالمي.

رغم الرقابة الشديدة في الصين والنظام الشيوعي، فقد صدرت كتب كثيرة عن طبيعة الحياة في البلاد، أحدها عرضتُه هنا قبل سنوات «بجعات برية» (أيضاً دار الساقي) وفيه ما تتعرض له المرأة الصينية من عنف الرجل واستبداده. وفي «نساء من الصين» نقرأ عن عذابات الأسرة وفظاعات الآباء والأزواج. وكنا نعرف أن هذه الانحرافات العدمية منتشرة في المجتمعات الغربية المنحلة، لكن لم يخطر لنا أنها شائعة أيضاً في مجتمع انضباطي كالمجتمع الصيني، ليس في ظل الشيوعية وحدها، بل في ظل التربية الكونفوشية التي بُني عليها المجتمع الصيني.

بعد «كورونا» العابر للقارات سوف يتعين على كل بلد أن يعيد النظر في طريقة حياته. عندما انتقلنا من باريس إلى لندن للسكن أواخر السبعينات، اكتشفنا أن ما يتلذذ به الفرنسيون من أعضاء المواشي، ممنوع في بريطانيا إلا عند اللحامين الفرنسيين. وكانت فرصة لنا، خصوصاً أن في المطبخ اللبناني الكثير من المشهيّات على الطريقة الفرنسية. ومنذ ذلك الوقت، اكتفينا من كل ما هو فرنسي بالأدب والفكر والعطر وأنواع الجبنة. وعندما أقول العطر، أقصد الرجالي الخفيف وليس ما يشاع عن العرب استخدامه، أي المركّز منه. وهو ما يشير إليه شكسبير في «ماكبث» عندما يقول إن كل عطور العرب لن تخفي رائحة الدماء المجمّدة على أيديهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العشاء والوباء العشاء والوباء



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 00:01 2018 الأربعاء ,16 أيار / مايو

دجاج على الطريقة الصينية "دجاج كانتون"

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الارشيف الوطني ومشجب أسرار الدفاع الوطني

GMT 03:34 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

طرح منزل الكشافة بادن باول للبيع مقابل 3.5 مليون استرليني

GMT 16:43 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

متشرد يوقف "طرامواي’" الدارالبيضاء في الحي المحمدي المغربي

GMT 11:24 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان حسن كامي والفنانون ينعوه برسائل مؤثرة

GMT 06:35 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر نفط عُمان يرتفع الى 71.14 دولار الخميس

GMT 12:44 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هوجو جاستون يحرز ذهبية التنس في أولمبياد الشباب

GMT 07:00 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان ظلال الجفون "الصارخة" تسيطر على موضة الخريف

GMT 22:22 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

اكتشفي طرق سهلة و مريحة لتنظيف أواني الطهي

GMT 07:08 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على سبب تسمية الجامع الأزهر

GMT 04:42 2018 الخميس ,14 حزيران / يونيو

حجز أدوية مهربة وغير مرخصة في بني ملال

GMT 17:41 2018 الأحد ,27 أيار / مايو

نجوم الكرة يتعاطفون مع النجم صلاح

GMT 08:51 2018 السبت ,19 أيار / مايو

6 حلول فعالة لعلاج قشرة الشعر الموسمية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca