أصوات العرب

الدار البيضاء اليوم  -

أصوات العرب

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

مضى على الإذاعة الأولى في العالم أكثر من مائة عام. وعرف العرب الإذاعة الأولى في مصر نحو 1936، وكانت الثانية في جزيرة صغيرة «قليلة السكان» تدعى البحرين عام 1940. كان الراديو عند المتقدم، والمتقدم يومها كان الاستعمار، والاستعمار الأكبر عندنا كانت بريطانيا. وبريطانيا سرعان ما أدركت من مستعمراتها حول العالم أن هذا السحر الجديد وسيلة خارقة لمخاطبة الشعوب وإبلاغها ما تريد. ومن أوائل البرامج التي استغلت به سرعة الأثير كان «تعليم الإنجليزية بالراديو»، أو «تعليم الإنجليزية باللغة الإملائية». وهكذا، تعلم الألوف حول العالم الكلمات الضرورية من لغة يتعاطون بها عبر الأمم. لغة الاستعمار.
لكن ناس تلك الأيام كانوا فقراء. ولم يكن في كل منزل راديو. ولا في كل قرية كهرباء. ولا في كل بلد إذاعة. عام 1954 صنعت شركة «تكساس إنسترمونتس» أول ترانزيستور، أو «راديو جيب» على صعيد تجاري، يعمل على البطاريات. وبدأ عصر الراديو المنزلي في الأفول. صار في إمكان العمال حمله إلى المصانع، والفلاحين إلى الحقول، والمتنزهين إلى الحدائق. وفيما كان الإنسان العادي يبحث عن متع الحياة في الموسيقى والغناء، انتبه أولو الألباب إلى الفائدة الأكثر أهمية: السياسة. وفي هذا الجانب من الأرض، التقت على الأثير ثلاث مصادفات في وقت واحد: صوت أم كلثوم، وصوت جمال عبد الناصر، و«صوت العرب». صارت جماهير الموجة المتوسطة تسهر على حنجرة أم كلثوم وتفيق على حنجرة عبد الناصر، وتنزل إلى الشوارع على حنجرة أحمد سعيد. وقد دامت هذه الظاهرة المثيرة نحو عقدين، وانتهت على نحو درامي مثل كل الأساطير: يونيو (حزيران) 1967، خفت «صوت العرب» عندما تبين لأحمد سعيد، الذي أعلن الانتصارات الكبرى من قبل، أنه خدع الشعوب بإخفاء الهزيمة، وتهدج صوت عبد الناصر وهو يقدم استقالته إلى مصر، وقامت حملات في كل مكان على أم كلثوم، تتهمها بأنها خدرت العرب في مطولاتها الجميلة وأنستهم الفقر والتخلف.
إذا شاء المرء، يستطيع أن يحدد 67 عام نهاية الإذاعة العربية. ففي أي حال، كان التلفزيون قد بدأ في التأثير والانتشار. ولم يعد يمكن لجماهير الرياضة الطاغية أن «تصغي» إلى المباريات بدل أن تشاهدها. ولا عاد لائقاً أن تكتفي بسماع المسرحيات وصوت فاتن حمامة بدل أن تشاهدها صبية مغرمة بـ«الراجل» الكبير عماد حمدي.
كان الراديو زمناً بالغ الثراء والجمال والإثارة. لمعت فيه أسماء كثيرة وأدخل البهجة إلى قلوب كثيرة، خصوصاً قلوب الأطفال. وفي السعودية تولى برامج الأطفال عباس غزاوي وزوجته نجدية الحجيلان، فيما كان أطفال الكويت ينتظرون ماما أنيسة (جعفر). وتنعم أطفال لبنان بحكايات حبوبة حداد، صوت الجدة الخشن.
حامل الحكايات التي تهدهد دنيا الطفولة.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصوات العرب أصوات العرب



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 13:35 2017 الأحد ,26 آذار/ مارس

من سرق الرجاء البيضاوي

GMT 00:24 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

منتخب المغرب لكرة اليد يخوض أول تدريب في الغابون

GMT 02:12 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

حمدالله يغيب لمدة أسبوعين بسبب الإصابة

GMT 03:19 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم الحكومي في بريطانيا يحقق تقدمًا ملحوظًا لطلابه

GMT 11:40 2016 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي فائدة النوم المشترك مع الطفل

GMT 01:26 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الرجل لا يرى عيوب جسم زوجته أثناء العلاقة الحميمية

GMT 04:54 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل مهجور معروض للبيع بسعر يتجاوز نصف مليون دولار

GMT 23:14 2016 الخميس ,28 تموز / يوليو

علاج قشرة الشعر نهائيا بأفضل الطرق

GMT 16:36 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

خطوبة مصطفى عاطف بحضور الشيخ أسامة الأزهري

GMT 16:23 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

رونالدو يودع جماهير ريال مدريد برسالة مؤثرة

GMT 12:36 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

تعرف على أسرار حياة النعام وكيف يعبر عن نفسه
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca