قوافل الأوطان

الدار البيضاء اليوم  -

قوافل الأوطان

سمير عطاالله
سمير عطاالله

كلما وقع حادث في الطبيعة، أو في البشر، أسرع المؤرخون والمدوِّنون إلى القول إنه لم يقع مثله منذ قرن أو قرنين. أو عشرة. كلما حل بالناس زمن عصيب، قيل إن العالم لم يشهد مثله في العقود أو القرون الماضية. والمراحل السعيدة التي يتذكرها العالم حقب قصيرة، مثل حقبة النهضة في أوروبا، التي بدأت في إيطاليا، أو «عصر التنوير» الذي بدأ في المانيا، أو «الحقبة الجميلة» التي عاشتها فرنسا بين الحربين الكبريين، ولم تتكرر.

لكن الأزمات والأزمان تتشابه، وكذلك شكاوى الناس، وبحثهم الدائم عن السعادة، وهوحق منصوص عليه في الدستور الأميركي، وله حقيبة وزارية خاصة في حكومة الشيخ محمد بن راشد.إلى جنابكم بعض المواقف التي سبقنا إليها السابقون في الجزيرة المعروفة باسم بريطانيا، والتي عُرف بعض رؤساء حكوماتها بالاطلاع الواسع على التاريخ: أشهر سياسييها في القرن التاسع عشر، وليم ويلبرفورس، قال عام 1801 «إنني لا أجرؤ على الزواج، لأن المستقبل يبدو مضطرباً إلى حد بعيد». وفي عام 1806 قال رئيس الوزراء، وليم بت «لا شيء حولنا سوى الخراب واليأس». وفي عام 1849 قال رئيس الوزراء بنجامين دزرائيلي «لا أمل في الزراعة والصناعة والتجارة». وفي عام 1852 قال دوق ويلنغتون وهو على فراش الموت «أحمد الله على أنني لن أكون حياً لكي أشاهد نتائج الخراب الذي نحن الآن فيه». وفي الوقت نفسه كان كثيرون يقولون «إن الأفضل لم يأت بعد».

للمرة الأولى في حياتي أسمع اللبنانيين جميعاً يقولون إنهم لم يشهدوا أسوأ من الأيام التي يمرون بها. وأبحث في ذاكرتي وذاكرة التاريخ، لكي أعثر على جواب مختلف، ولا أجد.

في الحرب تم تهجير اللبنانيين كما يجري في الحروب عادة، كما يقول الفرنسيون. لكن الآن يتم تهجيرهم من دون أي قتال: لا عمل، لا خبز، لا بنزين، لا كهرباء، لا وسائل نقل،ولا حتى مياه شفة أو ري في بلد يعادل سقوط الأمطار فيه سقوطها في بريطانيا. لكن المياه هنا تسقط في السدود الجافة أو في جيوب الفاسدين أو الفاسقين، أو خلاة الضمائر قساة القلوب.

غير أن هذا التيه البائس ليس حكراً عليهم، بل مشهد يومي في أماكن عدة من بقاع الكوكب المتقاتل. لا تمر فترة إلا وتنقلب الأرض بأهلها ويصبح المواطن لاجئاً في بلد آخر، وصاحب البيت خارجه سائراً في دروب لا يعرفها، وليس معه مما جنى وبنى سوى حزمة من الثياب. ودول، مثل تركيا، تنوء هي أيضاً بمن جاءها من لاجئين من جوارها الواسع. أو دول صغيرة، مثل الأردن ولبنان. أو لاجئو الصين. أو فنزويلا، أو ميانمار. قوافل هاربة في كل القارات. من الظلم إلى البؤس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوافل الأوطان قوافل الأوطان



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 00:01 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تتأهل رسميًا إلى نصف نهائي بطولة أفريقيا للريشة الطائرة

GMT 20:57 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

اختيار هشام نصر متحدثًا رسميًا لاتحاد اليد المصري

GMT 19:36 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

ارتفاع أسعار تذاكر مباراة وداع فينغر

GMT 07:53 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرف على قواعد اختيار هدية عيد الحب لشريكة الحياة

GMT 02:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المجلس الأعلى للقضاء يعاقب 15 قاضيا من مختلف المدن المغربية

GMT 06:17 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

جيجي حديد في إطلالة من الجلد في عيد ميلاد حبيبها

GMT 23:48 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

نجل "عبدالرؤوف" يكشف حقيقة حالته الصحية

GMT 06:50 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الحزب الجمهوري يمدح إيفانكا ترامب ويشيد بمجهوداتها

GMT 12:46 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تنظيم الدورة الثانية للدوري الدولي لكرة الماء في الرباط

GMT 23:36 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الأحد
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca