احمرار الوجوه

الدار البيضاء اليوم  -

احمرار الوجوه

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطاالله

لا يزال كتاب (التحدث إلى الغرباء) للبريطاني مالكولم غلادويل يتصدر المبيعات منذ صدوره العام 2019. وينقض الكتاب من خلال رواية بعض الأحداث الدرامية، نظريةً قائمةً منذ التعرف إلى التحقيق القضائي حول العالم. ويستند المحققون عادةً في الجرائم أو المؤامرات أو عمليات التجسس، إلى قاعدة عامة.
وهي أن المتهم سرعان ما ينهار عندما توجه إليه التُّهمة. وما إن يبدأ المحقق بطرح الأسئلة، حتى يصفر أو يحمر وجهُ صاحبه، ثم يبدأ بالاعتراف. يؤكد غلادويل أن هذه هي أغبى نظرية في القضاء والأكثر إجراماً في حق الأبرياء. نسبة كبيرة من الناس يمكن أن تصاب بالاحمرار لأي سبب كان، بمجرد أن تطرح في صيغة التهم.
ويذهب بعض الضعفاء إلى درجة الإقرار بجريمة لا علاقة لهم بها على الإطلاق، وحتى لم يكونوا قد عرفوا عنها قبل البدء بالتحقيق معهم. والقصة الشهيرة في هذا الحقل وقعت في لبنان قبل سنوات مع الممثل زياد عيتاني الذي تعرض للتعذيب والضرب بتهمة التعامل مع إسرائيل. ومن أجل التخلص من المزيد من التعذيب لم يكتفِ بالاعتراف بل اخترع عملية أن إسرائيل كانت تتصل به في تركيا وتسلمه المال بينما يسلمها المعلومات. لقد تآمر المحققون على الرجل المسكين من الألف إلى الياء ودبروا له تهمة لا وجود لها، وجعلوه يُقر بأمر لا علاقة له بهِ، ولا وجود له في الأساس.
يعطي غلادويل نماذج شهيرة حول العالم عن قضايا مماثلة. وعن أبرياء قضوا سنوات طويلة في السجن قبل الإفراج عنهم وإخراجهم من أقبية العذاب. ويقول إن نسبة الغباء بين محققي (إف.بي.آي) و(سي.آي.إيه) والمؤسسات الأخرى لا تصدق. ولا تزال نسبة كبيرة جداً في الشرطة تعتمد نظريات تعلمتها في الروايات البوليسية القديمة وكتب أغاثا كريستي. (التحدث إلى الغرباء) حكايات ظلم تقع كل يوم. وأشخاصها لا يتغيرون! شرطي أبيض فائق القوة وضحية من الأميركيين السود: يُقتل برصاص الشرطة، أو اختناقاً في سياراتها أو انتحاراً بسبب بشاعة المعاملة.
يبدأ غلادويل هذه الأحداث الملحمية بحادثة وقعت العام 2015 عندما أوقف شرطي في شيكاغو صبية سوداء لأنها لم تعطِ إشارة الانتقال من خط إلى آخر. وأصر على إهانتها واعتقالها لمدة ثلاثة أيام. خرجت من الاعتقال لكي تنتحر على الفور.
لكن الظلم القضائي لائق على السود وحدهم، بل هو سمة العقلية الشرطوية في كل مكان. حيث ضعف الأدلة والبراهين يزيدُ في عناد الشرطي أكثر مما يخفف من براءة المتهم.
المشكلة سوف تظل واحدة: ذوو الحساسيات الفائقة والطباع الإنسانية أمام فظاظة محقق فاشل، أو شرطي لا يملك من القوة سوى ساعديه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احمرار الوجوه احمرار الوجوه



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:07 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

منحوتات باتريشيا بيتسينيني تحصد شهرة عالمية كبيرة

GMT 22:58 2014 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

أفكار لاستغلال سطح المنزل في الصيف

GMT 17:10 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط قتلى وجرحى بسبب انطلاق موسم القنص في المغرب

GMT 06:25 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

علماء على بُعد خُطوات مِن إنتاج "أجنة صناعية"

GMT 06:36 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

الحكومة تتراجع عن الرفع من التعويضات العائلية

GMT 12:54 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

منتخب تونس لليد يستعد لدورة ألعاب البحر المتوسط

GMT 21:03 2018 الأحد ,15 إبريل / نيسان

توقيف 10 شباب من أصول مغربية في إيطاليا

GMT 06:27 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

أفضل الطرق للحصول على التغذية لشعر صحي وجذاب

GMT 18:23 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

مصر ضيفة شرف في الدورة 24 لمعرض الكتاب في الدار البيضاء

GMT 15:29 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

رافايل نادال يُؤكِّد انسحابه مِن بطولة بريسبان للتنس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca