حالة الطوارئ لا تحتمل المزاح

الدار البيضاء اليوم  -

حالة الطوارئ لا تحتمل المزاح

صلاح هنية
بقلم : صلاح هنية

اعتاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرون منهم على الاستخفاف بجميع القضايا العامة، وكأنهم متفرغون للتعليق على كل صغيرة وكبيرة بمنطلقات سلبية دائما وان الذين أمامهم ليسوا معنيين بأبعاد القرارات التي تصدر، وانسحب الأمر على حالة الطوارئ التي تتعاطى مع وباء فيروسي طال معظم دول العالم ونحن لسنا محصنين تماما منه، وباتت التعليقات تتوالى تحت لافتات تبحث عن ثغرة في القرار، لكن الأمر لم يكن موفقا بالمطلق لأن الأمر ليس مزاحا ولا يتعلق بالنقاش حول جدوى مهرجان فني أو حفل تخريج أو تصريح صحافي أثار تساؤلات، بل الأمر يطال الناس وصحتهم وسلامتهم وهو صميم الأمن الصحي.

من المتعارف عليه أن المرض المنتشر في أرجاء العالم تقود جهود مواجهته هيئات دولية وخصوصا منظمة الصحة العالمية التي تضع بروتوكولات للتعامل مع هذا الأمر ولا تخترع، وبالتالي تعتمد الدول تلك الإجراءات حسب درجة الخطورة، وبالتالي ما تم التعامل معه من حالة طوارئ مستند لهذه البروتوكولات، ويجب أن يكون واضحا انه وقاية وليس عقابا، خصوصا عندما يقال عدم التنقل بين المحافظات إلا للضرورة، والضرورة هنا واسعة ستشمل نقل البضائع والسلع بين المحافظات وتنقل الأطباء للضرورة، لكن التنقل ليس الضروري وفقط لأغراض التنقل فإنه يعيق عمل الجهات المختصة بعمل الطوارئ.

طبعا، هذا لا ينفي أحقية المختصين باستخلاص العبر وتقييم الأداء خصوصا أن دخول وفد سياحي الى فندق من فنادق بيت جالا وزيارته لعدة مواقع جغرافية في البلد دون أي احتياطات لا من قبل وزارة السياحة ولا وزارة الصحة ومن ثم نبدأ الركض وراء المناطق التي زاروها ونبحث عن مصابين متوقعين كان بالإمكان تلافي إصابتهم، وواحد من أهداف الطوارئ تلافي هذه الواقعة التي كان بالإمكان تلافيها، وسبقها تساهل وزارتي الصحة والسياحة مع أصحاب الفنادق والمطاعم بالسماح بالرحلات الداخلية مع أخذ الحيطة والحذر متناسين بروتوكولات منظمة الصحة العالمية في هذه الأوضاع بعد أن اغلق الحرم المكي وأغلقت دول حدودها أمام الدول المصابة بالفيروس.
للأسف كان هناك إصرار من باب الهزار وخفة الدم المبالغ فيها «أيعقل انه لا توجد لدينا ولا إصابة واحدة بالفيروس!!!» أو من عيار «بانتظار أول إصابة!!!»، «خطيب المسجد ليس خبيرا في الفيروس!!!!»، وعندما كشف عن الحالات في بيت لحم عادوا ليقولوا «ألم نقل لكم!!!!»، ولأن علاقتي جيدة ببعضهم، علقت بحدية قليلة على هذه التعليقات، منوها الى أن الموضوع «مش لعبة ولا مزحة» وليس موضوع نقاش، انتصر أنا على فريق آخر بل الموضوع صحة وسلامة أو خطورة كارثية.
وهذا المزاج ساد كل الإعلاميين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، فقد تابعت مقابلة تلفزيونية مع الناطق باسم وزارة الصحة الأردنية بخصوص «كورونا» المذيع: «معقول ولا حالة في الأردن ... الناطق: يعني نفبرك حالة عشان ترضو يا عمي ما في ولا حالة» رغم أن قناعتي أن للإعلام دورا آخر مهما وكذلك التواصل الاجتماعي أما المفاجئ أن تؤخذ الأمور بالجملة مزحا بمزح، كل الأمور بذات مسطرة المزح.
طبعا، عندما يبادر خبير ما أن ينحى منحى جدية التعامل، تجد تعليقات من عيار الاستخفاف بكل شيء، وبادر أشخاص ثقة في هذا المجال للحديث بواقعية، منهم من نبه لأهمية الثقة بأن الإجراءات تأتي من منظمة الصحة العالمية، وخبراء تحدثوا عن خطورة التجمعات في الأماكن المغلقة فقامت الدنيا ولم تقعد، المدارس في الصف الواحد 50 طالبا في مكان مغلق، وعندما أغلقت المدارس بات النقاش: ماذا يفعل الآباء الذين يعملون، أين يذهبون بأولادهم، كأننا في لعبة بونج بونج، كل كرة نردها بسرعة دون تقدير للموقف الذي سنقع فيه أن أهملنا وتساهلنا.
وفجأة، ننتقل الى ملف آخر، التدافع على الأسواق من قبل المواطنين الذين كانوا يتحدثون بالأمس، عن أبنائهم في المدارس وعن استمرارهم في العمل دون غيرهم وعن واقعة بيت لحم وعن الجاهزية، ونسوا كل هذا الحديث وذهبوا صوب الأسواق يتناولون عن الرفوف ما يحتاجونه وما لا يحتاجونه، رغم تأكيد كل جهات الاختصاص أن السلع لن تنفد ولن ترتفع أسعارها، والتدافع هو من سيرفع الأسعار أساسا.
علينا أن نتوقف أمام مسؤولياتنا، كل في موقعه، وألا نتهاون بالأمر ولا نسعى وراء سبق صحافي يضر بالأمن الصحي ولا نعتقد إذا اثرنا شائعة نبرر أننا نسأل الأسئلة الصعبة!!! وما هي إلا شائعات تضر أكثر مما تفيد بتوضيح الأمر، في الطوارئ أثناء خطورة مرض منتشر في العالم، التذاكي لا مكان له والثقة بالإجراءات واجبة، واستخلاص العبر يجب أن يتم بعد ذلك خصوصا في فحص الأداء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة الطوارئ لا تحتمل المزاح حالة الطوارئ لا تحتمل المزاح



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 08:07 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 07:30 2018 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

تسيبراس يعد المواطنين بخفض معدلات البطالة

GMT 22:59 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة تويوتا تكشف عن سيارتها "كورولا 2020" الجديدة كليًا

GMT 12:45 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تنظيم حملة للتبرع بالدم في مدينة وجدة

GMT 18:56 2015 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

عامر يتأهل لنصف نهائي البطولة الأفريقيَّة للسلاح

GMT 11:21 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدي لاستقبال فصل الشتاء بخطوات بسيطة في المنزل

GMT 21:57 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة الهندية دراتشي دهامي تنشر صور زواجها على "إنستغرام"

GMT 23:37 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

توقيف شخصين رفقة شابتين في أوضاع مخلة في أغادير

GMT 03:45 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

ماديسون بير تتألق باللون الأبيض في لوس أنغلوس

GMT 04:55 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

طرح منزل بسيط في ملبورن للبيع مقابل 2 مليون دولار

GMT 17:30 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدارة سجن وجدة تنفي دخول معتقلي "جرادة" في إضراب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca