رسـائـل دافـئـة.. لـلـثـلـج

الدار البيضاء اليوم  -

رسـائـل دافـئـة لـلـثـلـج

زياد خدّاش
بقلم : زياد خدّاش

1-في لقاء الكتابة المجنونة سألت مريم الطالبة المغربية سؤالاً غريباً جداً عليها: -1- مريم متى آخر مرة رأيت فيها البحر؟ - ضحكت مريم طويلاً وضحك الصف كله، ما هذا السؤال أستاذ؟ أنا الآن أرى البحر، وأشارت إليه، كان يجلس طويلاً وعريضاً تحت النافذة، فارتبكتُ أنا وصمتُ دقائق. نسيتُ لأول وهلة طبعاً أنني في الرباط وليس في رام الله. ولم أخبر طلاب وطالبات الرباط حتى لا يتهمونني بالجنون أن 27 طالباً في صفي من 35 طالباً لم يروا البحر إلا في شاشات التلفزيون.

2- ختمت تدريب عودتي إلى عكا هذا اليوم بجلسة طويلة صامتة فوق عشب هذه التلة؛ في لحظة ما غير واعية كعادتي، حفرتُ بيدي بحثاً عن جذر عشبة، فإذا بشيء يسحب يدي إلى الأسفل، ارتعبت، ناديتُ على أصحابي فلم يسمعوني، حاولتُ أن أنهض فلم أقدر، سحبَني انهيار التربة المتتابع إلى الأسفل، فإذا بي فوق سطح بيت قديم، وصغير. هو سقوط على وجه الحقيقة التي حاولوا أن يخفوها بالأتربة إذاً. لم أخف، لم أتأذَّ، كنتُ أشعرُ أنني أسقط فوقي، أو فوق يد الحجة عزيزة اللي ولّدتني، فيما يشبه عودةً جسدية إلى إحساسي الأول الطازج بالحياة. صعدتُ مسرعاً نحو أصحابي العكاويين أريد بلهفةٍ أن أسألهم أين نحن بالضبط. نحن في قرية (الزيب) المهجرة يا زياد. عدتُ إلى رام الله قبل قليل مغموراً بتراب بلادي وبالحزن وبالحقيقة.

3- في أيامه الأخيرة وحين يتحول الثلجُ إلى ركامات عشوائية حزينة ومرمية بإهمالٍ على الأرصفة، وحين تعود الحياة الطبيعية إلى سياقها، وحين تنحسر دهشاتُ الناس ويغرقون في أعمالهم ومصالحهم، تباغت الثلج غضباتٌ مجنونة يائسة، فيشدُّ على جلده ويقسو، يغمضُ عينيه ويحاول أن ينام، لا يحزن لذلك سوى الأطفال الذين يواصلون التحرش به لكن بلا جدوى، بعد عدة أسابيع تتقلص جثث الركامات، يموتُ الثلج ميتَتَه الأخيرة، يصبحُ ذكرى، وحدهم الأطفال لا يتوقفون عن التقاذف بالحجارة أو بأشياء أخرى. كأنهم يقذفون وعيَ الثلج ووعيَ الهشاشة الحلوة إلى بعضهم البعض. هل يمررون وحشةَ الرحيل ووعيَه إلى أياديهم الصغيرة الضجرة؟؟. هل يُرسلون له رسائل ليعود؟!

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

ثم أغمضت عينيها واستيقظت

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسـائـل دافـئـة لـلـثـلـج رسـائـل دافـئـة لـلـثـلـج



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 09:15 2017 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

طائرة أسرع من الصوت أحدث ابتكارات وكالة "ناسا"

GMT 11:56 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:27 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يدافع عن مور في انتخابات آلاباما رغم لاعتراضات

GMT 10:00 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ورشة عمل للمصور العالمي إليا لوكاردي في "إكسبوجر 2017"

GMT 01:32 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

إيل فانينغ تطل بفستان مثير باللون الكريمي

GMT 01:53 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

عمر عريوات يكشف عن رواج كبير لـ"إيبوكسي" في الجزائر

GMT 09:05 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليم الصلاة للأطفال مسؤولية الأمهات

GMT 17:35 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

زايو "حظيرة" الصراع السياسي لمن يريدون مراكمة الثروات

GMT 03:28 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

حنان بركاني تحتفل بطرح "خفايا متجلية"

GMT 03:55 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

سيارة الفئة E من "مرسيدس" في معرض ديترويت للسيارات

GMT 20:46 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

"أفتو فاز" توضح مواصفات سيارتها " Lada Vesta"

GMT 14:36 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

صدور ترجمة "علم اجتماع المعرفة" لعلي الوردي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca