الحريري رفع سقف التحــــدّي الى الأقصى... فمَن سيلاقيه؟!

الدار البيضاء اليوم  -

الحريري رفع سقف التحــــدّي الى الأقصى فمَن سيلاقيه

بقلم : جورج شاهين

توقفت مراجع ديبلوماسية وسياسية أمام الموقف المتشدّد الذي عبّر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري أمس الأول عند اعترافه بحجم الأضرار الناجمة عن التهريب عبر المعابر غير الشرعية، ومكافحة النتائج المترتّبة عليها في السوق الداخلية، ورهانه على التركيبة القضائية الجديدة. وبحجم التقدير للموقف لا تُخفي المراجع قلقها من أن يكون قد رفعَ السقف عالياً فمَن سيلاقيه؟ ومَن هم الخصوم المفترَضون؟
ليست المرة الأولى التي يستمع فيها اللبنانيون وممثلو الدول والمؤسسات والهيئات المانحة الذين يتابعون عن كثب ما يجري في لبنان، ما عبّر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري من إشارات واضحة الى فهم لبنان الرسمي حجم ما بلغته التعقيدات المالية والإقتصادية والأسباب التي دفعت الى تدهور الوضع.

فقد حفلت سلسلة البيانات الوزارية ومعها مسلسل الوثائق وأوراق العمل التي طُرحت على طاولة لقاء بعبدا الإقتصادي والمالي، قبل اسابيع قليلة، وتلك التي انتهت اليها ورشات العمل التي حاولت التصدي للوضع الإقتصادي والنقدي في البلاد، كما الأوراق التي قدّمها لبنان على عتبات المؤتمرات الدولية، بتحديد حجم الإلتزامات التي تقدَّم بها لنيل ما تقرّر من قروض ميسّرة وهبات متفرّقة.

وإزاء ردود الفعل بين مرحِّبة وصامتة في انتظار الخطوات العملية اللاحقة على اختلافها، طُرحت اسئلة تدلّل على أنّ لمثل هذه المواقف والتعهّدات أسباباً موجبة تدفع الى الأخذ بها في مثل الظروف التي تعبرها البلاد، والتي في حال أخذت مجراها الطبيعي سيتمكّن لبنان من مخاطبة المجتمع الدولي وتحميله مسؤولية الدعم المطلوب لنجدة لبنان.

وفي رأي المراجع السياسية والديبلوماسية انّ موقف الحريري هذه المرة لا يخضع لمقارنات سابقة، فهو ترجمة لسلسلة من القرارات والتوجّهات التي تقرّر أن تتّخذها الحكومة في مهلة قصيرة لا تتعدى الأشهر الستة الفاصلة عن موعد تقديم التصنيف الجديد للوضع في البلد، وعلى عتبة مجموعة من التحركات الدولية الداعمة للبنان في المملكة العربية السعودية وباريس ومنتديات أخرى.

وبالإضافة الى هذه العناصر التي تدفع باتّجاه التقديرات الإيجابية لما تعهّد به الحريري يجدر التوقف عند بعض المحطات التي ترجمتها هذه العبارات القليلة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

- التفاهم الكبير الذي تحقق في لقاء بعبدا الإقتصادي الذي وضع، بمجرد مشاركة كل من رئيسي مجلس النواب والحكومة ورؤساء الكتل اللبنانية الممثلة في مجلس النواب، بعض الخطوات الأساسية التي لا بدّ منها لرفع الخطر المحدق بالدولة اللبنانية ومؤسساتها بمعزل عن النظريات المختلفة التي عبّر عنها البعض، كل من موقعه في الموالاة او المعارضة أو في منزلة من المنزلتين.

- الإجماع على ضرورة مكافحة العوائق السلبية التي قادت الى قراءة فاشلة في التوقعات في كل من موازنتي عامي 2017 و2018 بعد طول انقطاع عن إقرار مثيلاتها منذ عام 2005. فقد سجّلت الفوارق بالأرقام بين توقعات الإيرادات والنفقات في الموازنتين ما يتراوح بين 18 و21 % عمّا قالت به مشاريع الموازنة، وردت الأسباب الى العجز في تحصيل كامل الرسوم والضرائب وتضخّم حجم التهرب الضريبي الناجم بنسبة كبيرة منه عن عمليات التهريب والتهرب الضريبي الذي تورّط فيه موظفون من مختلف المؤسسات والاجهزة المعنية.

- لحظت كل التقارير الأمنية والمالية التي جرى تداولُها في الإجتماعات المتخصّصة لمعالجة الوضع الإقتصادي حجم الهدر الناجم عن التهريب، بدليل انّ التقديرات التي وعدت بها ادارة الجمارك عند تشدّدها في مكافحة التهريب على المعابر الشرعية وغير الشرعية لم تأتِ بما كان مقدَّراً. وجاءت الملاحقات في بعض القطاعات لتؤكد الإنطباع بأنّ جهداً إضافياً ما زال مطلوباً.

- الارتياح الذي تركته التعيينات والمناقلات القضائية في الأوساط الموالية والمعارِضة للمرة الأولى، خصوصاً أنها أعقبت تعيينات ادارية وديبلوماسية ودستورية أثارت الكثير من الشكوك، ومعها التحفّظات، حتى ضمن الصف الواحد لاعتمادها على قاعدة المحاصصة دون الأخذ بمعايير الكفاءة بإجماع قلّ نظيره.

هذا غيض من فيض، فإن صدقت هذه القراءة المثالية لدى المراجع المالية والإقتصادية والديبلوماسية والمؤسسات المالية الكبرى، ستختلف الظروف بالتأكيد، وسيكون التقييم المقبل للأوضاع في لبنان إيجابياً. وقبل الحديث عن التصنيف المقبل تجدر الإشارة الى أنّ أمام اللبنانين اكثر من محطة لإبراز النّية بالإصلاح والتغيير ومكافحة الفساد. فالعالم الغربي الذي التقى في مؤتمر «سيدر» لن يقدّم كما بات معلوماً شيكاتٍ على بياض.

فالهيئة التي شُكلت لمواكبة كيفية تنفيذ القروض والمساعدات انطلقت في عملها وستقدّم تصورها المتشدد منتصف تشرين الثاني المقبل. وقبل الوصول الى هذه المحطة يستعد الجميع لمراقبة ما ستؤول اليه أعمال اللجنة الوزارية العليا اللبنانية – السعودية الشهر المقبل على وقع جولات مندوبي الصندوق والبنك الدوليين على المسؤولين، ومراقبة مؤسسات التصنيف للأداء اليومي للمسؤولين، فإن ثبت لديهم انّ ما هو قائم جدّي وفعّال سيكون له الأثر البالغ في المرحلة المقبلة.

يبقى انّ المراجع الديبلوماسية والسياسية تنظر بعين القلق الى إمكان أن يؤثر الوضع السياسي على ما هو مبذول من جهد. فتطوّرات الجنوب زرعت القلق من وجود مَن يريد جعل الساحة اللبنانية مكمِّلة للساحتين السورية والعراقية وهو ما يلقي بالظلال على النتائج المتوقعة. لكنه يشكل دافعاً يلقي بالمسؤولية، من اليوم، على هذا الفريق الذي يميز بين ما يجري في الإقليم وما هو مطلوب في لبنان، ان يعبّر عن القدرة على الفصل بين الأمرين، فلا يضع نفسه ومعه اصحاب الإمارات اللبنانية غير المتحدة على لائحة الخصوم المفترَضين لتعهّدات الحكومة والعهد بكامل طاقمه. 

 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحريري رفع سقف التحــــدّي الى الأقصى فمَن سيلاقيه الحريري رفع سقف التحــــدّي الى الأقصى فمَن سيلاقيه



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:19 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بناء منزل مقوس يشبه ثعابين الريف الإنجليزي على يد زوجان

GMT 14:05 2021 الجمعة ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد الريفي يكشف تفاصيل معاناته بعد انتشار فيديو له

GMT 06:08 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

إبراهيم نصر طاقة فنية كبيرة لم تستغل بعد

GMT 06:31 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 08:31 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف مبتكرة في عام 2018 لإطلالات جريئة للعروس

GMT 03:46 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

وقف احتساب علامات دورة الحاسب الآلي في مدارس بريطانيا

GMT 18:55 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

التليفزيون المصري يعرض مسلسل "وكسبنا القضية" المميّز

GMT 13:22 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

10أعوام سجنًا في حق صحافي بتهمة هتك عرض قاصر

GMT 03:53 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

موظف في "أرامكو" لم ينم لمدة ليلتين متواصلتين بسبب "فيلم"

GMT 07:49 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد المغربي يعاقب عبد الرحيم طاليب و خوان غاريدو

GMT 12:17 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد السمسم وزيته كمقوي للمبايض

GMT 07:36 2016 السبت ,15 تشرين الأول / أكتوبر

مغامرة الوقوف على صخرة ترول تونجا البارزة في النرويج

GMT 13:05 2015 السبت ,15 آب / أغسطس

انتحار إمرأة من فوق سطح منزلها في مراكش

GMT 00:26 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أمور سخيفة للغاية يتشاجر عليها الزوجين
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca