سبع خرافات حول عقوبات ترمب ضد إيران

الدار البيضاء اليوم  -

سبع خرافات حول عقوبات ترمب ضد إيران

بقلم : أمير طاهري

مع تشديد الرئيس ترمب سياسته تجاه النخبة الحاكمة الحالية في طهران، يدور جدل ساخن في وسائل الإعلام والمراكز الفكرية والدوائر السياسية الأميركية حول التداعيات المحتملة لسياسته. علاوة على ذلك، ونظراً لأن جمهور الناخبين الموالي لترمب يقع خارج هذه الدوائر النخبوية، فإن الانطباع العام القائم يوحي بأنه إما أن السياسة الأميركية تجاه إيران فشلت، أو أنها ستفرز تداعيات سلبية غير مقصودة.
في هذا الإطار، ثمة سبعة ادعاءات أساسية تشكل الموضوعات الرئيسية للحملة التي أطلقها اللوبي المؤيد لطهران بدعم من قطاعات من داخل الحزب الديمقراطي وجهات أخرى لا تود ترمب لأسباب مختلفة.
يكمن الادعاء الأول في أن العقوبات غير ناجعة. يجري تكرار هذه العبارة دونما توضيح للأهداف المقصودة من العقوبات. من ناحيته، قال ترمب إن هدفه يكمن في إقناع العصبة الخمينية الحاكمة في طهران بتغيير بعض جوانب سلوكها بالخارج. من هذا المنظور، تبدو العقوبات ناجحة، فقد شرع الملالي في تقليص وجودهم في سوريا واليمن، دون اتخاذ قرار بالانسحاب الكامل.
وأغلقت مكاتب مفتوحة في أكثر عن 30 مدينة إيرانية لضم «متطوعين» من أجل «الجهاد» في سوريا، وتوقفت جهود إرسال مرتزقة أفغان وباكستانيين إلى هناك. كما جرى تقليص الوجود العسكري والدبلوماسي لطهران داخل اليمن، لأسباب من الواضح أنها أمنية. ولا يزال تهريب أسلحة للحوثيين مستمراً، وإن كان بمعدلات أقل.
كما أن أزمة نقص الأموال النقدية التي سببتها العقوبات أجبرت الملالي على خفض الأموال الموجهة إلى عناصر تعمل بالوكالة، أبرزها جماعة «حزب الله» اللبنانية وجماعة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية بنسبة نحو 10 في المائة، مع احتمالات إقرار مزيد من التخفيض. أيضاً، وجدت طهران نفسها مجبرة على الرضوخ لقرار تفكيك قوات «الحشد الشعبي» العراقية التي جرى توجيه إنذار لها بالتخلي عن أسلحتها في غضون 30 يوماً، والتحول لحزب سياسي، أو الاندماج في صفوف الجيش العراقي تحت قيادة رئيس الوزراء.
الأهم عن ذلك، أن الملالي جمدوا البرنامج الصاروخي عند المدى الحالي البالغ 2000 كيلومتر. أيضاً، أدت مشكلات في التدفقات المالية إلى تقليص أعداد الكيانات السياسية والتجارية الفرعية التابعة لـ«الحرس الثوري». ومع انكماش الموارد المالية المتاحة أمام النظام، فإنه ما من سبيل أمامه سوى تخفيض إنفاقه على مغامراته بالداخل والخارج.
أما الادعاء الثاني، فيتمثل في أن العقوبات ناجعة بالفعل، لكنها تضر بالمواطنين الإيرانيين العاديين. وكثيراً ما يجري تكرار النغمة المألوفة حول الأطفال الرضع الذين لا يجدون الحليب، والنساء العجائز اللائي يعانين الفقر عبر الكثير من مقالات الرأي والأوراق الصادرة عن منظمات فكرية تتبع لوبي الملالي وأنصارهم داخل الولايات المتحدة.
ومع ذلك، أعلنت وزارة الصحة في إيران ذاتها رفضها هذا الادعاء من خلال التأكيدات التي تصدرها باستمرار بشأن حقيقة أن الأغذية والإمدادات الطبية وعناصر إنسانية أخرى لا تشملها العقوبات، وبالتالي ليس بها نقص، على عكس ما يجري الترويج له.
والادعاء الثالث أن الملالي ربما يقررون اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وربما فعلوا ذلك بالفعل بمهاجمتهم ناقلات نفط بالقرب من الفجيرة وشبه جزيرة جاسك في خليج عُمان، وإسقاط طائرة «درون» أميركية. ومع ذلك، جرى تنفيذ هذه الهجمات بحرص بالغ على ألا تسقط ضحايا بشرية أو خلق تهديد خطير لتدفق النفط.
وعلينا ألا ننسى أن هذا هو النظام الذي أرسل تفجيريين انتحاريين لقتل 241 من قوات «المارينز» الأميركية و52 من جنود المظلات الفرنسيين أثناء نومهم في بيروت، وأثناء ما عرف باسم حرب الناقلات عام 1987 ألحق النظام الإيراني حالة من الفوضى بالحركة الدولية لناقلات النفط. أما قرار الملالي بزيادة مخزونهم من اليورانيوم منخفض التخصيب، الذي لا يجدي نفعاً في أي شيء، ومعاودة إنتاج البلوتونيوم، الذي لا يحمل أدنى منفعة حقيقية هو الآخر، فيعتبر في حقيقته مثيراً للسخرية على نحو يجعله غير جدير بأي دراسة جادة.
ويتمثل الادعاء الرابع في أن العقوبات التي فرضها ترمب ربما تحوّل نظام الملالي إلى ما يشبه قطاً محاصراً في زاوية ضيقة لا يجد أمامه مهرباً، وبالتالي قد ينفجر في وجه من يحاصره. أيضاً، قارن واحداً أو اثنين من أفراد اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة بين الوضع داخل إيران بما كان عليه الحال داخل ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى عندما جرى فرض إجراءات عقابية ضدها من جانب الحلفاء، عاونت في تدمير جمهورية فايمار والدفع بهتلر إلى رأس السلطة. ومع هذا، فإن النظام الخميني في طهران أبعد ما يكون عن الديمقراطية التي اتسمت بها جمهورية فايمار، وتسيطر على طهران بالفعل عناصر فاشية.
والادعاء الخامس، أن العقوبات التي يفرضها ترمب تشكل ضغوطاً على التحالف عبر الأطلسي، وأن قوى أوروبية ربما تعين النظام الخميني على البقاء لعقود مثلما حدث مع كاسترو في كوبا. ومع هذا، يبقى اختلاف كبير بين الحالتين. في حالة كوبا، قاطعت الولايات المتحدة الجزيرة، لكنها لم تفرض عقوبات ضد الدول الأخرى التي تتعاون معها تجارياً. وقد تمكنت العصبة المعاونة لكاسترو من البقاء بفضل الدعم الذي لاقته من الاتحاد السوفياتي وكندا وأوروبا وبعض دول أميركا اللاتينية. على النقيض، نجد أن عقوبات ترمب تفرض خياراً شديد الصرامة: إذا تعاونت تجارياً مع إيران، لن يمكنك الدخول في علاقات تجارية مع الولايات المتحدة!
نظرياً، أي حكومة بإمكانها خرق هذه العقوبات، ومع هذا نجد أنه لم تقدِم أي من دول الاتحاد الأوروبي على ذلك، وقبلت بحدوث انخفاض حاد في تبادلاتها التجارية مع إيران، بلغت في حالة ألمانيا 45 في المائة.
ويدور الادعاء السادس حول أن العقوبات ربما تجبر إيران على الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي والمضي قدماً في صنع قنبلة نووية. إلا أن هذا الادعاء هو الآخر يبدو مثيراً للسخرية.
جدير بالذكر، أنه طبقاً لما ذكره وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فإن طهران يتعين عليها بيع 1.5 مليون برميل نفط يومياً لتغطية النفقات الحالية بما في ذلك سداد رواتب عاملين عسكريين ومدنيين. الشهر الماضي، تراجعت صادرات إيران من النفط إلى 500.000 برميل يومياً، ما يمثل المستوى الأدنى منذ عام 1955. وحال عدم تخفيف حدة العقوبات، فإن بناء قنبلة نووية يشكل ترفاً لا تقدر طهران عليه.
وأخيراً، يتمثل الادعاء السابع في أن العقوبات التي يفرضها ترمب تعزز موقف الفصائل المتشددة وتلحق الضعف بـ«الإصلاحيين» المحيطين بالرئيس حسن روحاني. بيد أنه نظراً لأن روحاني ومعاونيه لم يسبق لهم قط قول، أو حتى التلميح إلى، ما يرغبون تحديداً في إصلاحه، فإنه من الصعب الحديث عن وجود فصيل «إصلاحي». علاوة على ذلك، فإن عملية التطهير المكثفة داخل صفوف المؤسسة العسكرية التي يجريها «المرشد الأعلى» علي خامنئي اليوم لا يبدو أنها أثرت على أي «عناصر معتدلة». أما من تأثروا بالإجراءات الجارية حتى اليوم فهي العناصر الأكثر جنوناً مثل قائد «الباسيج»، الجنرال غلام حسين غيب برور الذي روّج لفكرة تحويل البيت الأبيض في واشنطن إلى حسينية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبع خرافات حول عقوبات ترمب ضد إيران سبع خرافات حول عقوبات ترمب ضد إيران



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن

GMT 23:14 2016 الإثنين ,25 إبريل / نيسان

ماهي فوائد نبتة الخزامى ( اللافندر )؟

GMT 00:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

Velvet Orchid Lumière Tom Ford عطر المرأة الرومانسية

GMT 20:32 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حيوانات الرنة مهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca