الصدمة السودانية؛ مقدماتها وتوابعها؟

الدار البيضاء اليوم  -

الصدمة السودانية؛ مقدماتها وتوابعها

بقلم : حسن البطل

«ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب» حديث شريف، رواه أبو هريرة.جاء الرد الرسمي الفلسطيني شديداً وغاضباً على إعلان الرئيس ترامب «صفقة القرن»، فقد أحسّ رئيس السلطة أنه «خُدع» في أربعة لقاءات له مع ترامب، ورفضت السلطة حضور إعلان كوشنير شقها الاقتصادي في عاصمة البحرين، وتالياً إعلان شقها السياسي على لسان ترامب وحضور نتنياهو وثلاثة سفراء عرب لدول الخليج.الى هذا، نوّهت السلطة ببيان الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، بحضور رئيس السلطة، ووزراء خارجية كان من بينهم سفراء هذه الدول حضروا إعلان شقها السياسي.

كان سلطان عُمان الراحل التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية قبل إعلان «الصفقة» الرسمي، دون تنديد رسمي فلسطيني، بل شارك رئيس السلطة في تقديم واجب العزاء برحيله.لماذا كان الرد الفلسطيني على لقاء الجنرال السوداني البرهان برئيس الحكومة نتنياهو، في العاصمة الأوغندية عنتيبي، حاداً على لسان صائب عريقات، وبيان حركة «فتح»؟ هل لأنه كان خروجاً على بيان الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، رغم أن البرهان، كرئيس لمجلس السيادة الانتقالي في السودان، برره بتكرار موقفه المبدئي من الإجماع العربي وفق مقررات الاجتماع الوزاري؟

احتجاجات السودان، التي أطاحت برئيسها الجنرال البشير، اعتبرت جزءاً من انتفاضات الشعوب العربية، ومن ثم اعتبر عريقات اللقاء «طعنة» في ظهر الشعب الفلسطيني، بينما برره الجنرال البرهان بمصالح الشعب السوداني، باعتبار ان حكومة السودان ما بعد الجنرال البشير، تريد من اميركا رفع السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب، وواشنطن فرضت بادرة سودانية تطبيعية مع إسرائيل.من قبل، كان موقف مصر من اعلان الشق السياسي للصفقة معتدلاً، فهي طالبت الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بالتمعن فيها، والتفاوض عليها، لكنها وافقت على بيان الاجتماع الوزاري العربي برفضها وإدانتها. سريعاً ما عرف السبب في ما يبدو ازدواجية في المواقف، عندما تدخل ترامب للتدقيق بين مصر واثيوبيا لحل النزاع حول سد النهضة.

المملكة المغربية ترأس لجنة القدس، ولها سياستها التقليدية التي تنبو عن الخلافات العربية البينية، ولكن ليس عن التزامها بالقضية الفلسطينية، ولها موقف معتدل من شروط تطبيع العلاقات مع إسرائيل، التي تحاول دفع خطوات التطبيع هي والولايات المتحدة بالتلويح بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.في خطابه أمام الاجتماع الوزاري العربي، كرر رئيس السلطة قوله إن فلسطين لا تطلب من الدول العربية الشقيقة اختلافها مع الولايات المتحدة، ولكن أن تقبل ما يقبله الشعب الفلسطيني، وترفض ما يرفضه.

في مسألة الموقف العربي من «الصفقة» و»تطبيع» العلاقات مع إسرائيل، تحاول دول عربية التوفيق بين ما تراه المصلحة الوطنية وبين الالتزام القومي بالمسألة الفلسطينية.أما في مسألة الموقف الدولي من «الصفقة»، فإن الأمم المتحدة، وكذا الاتحاد الأوروبي، وأيضاً روسيا، تحاول التوفيق بين المعايير الشرعية الدولية وما تراه من سياسة أميركية وإسرائيلية لا تلبيها في «الصفقة» لأنها لا تحتوي على دولة فلسطينية «مستقلة وديمقراطية ومتصلة وذات سيادة» على أساس حدود العام 1967، مع تبادل عادل ومتساو للأراضي، يكون متفقاً عليه بين الدولتين.

حصلت فلسطين السلطوية على ما تريده من اجتماع وزاري عربي، ومن اجتماع إسلامي، ومن موقف الاتحاد الأوروبي من شروط التسوية والسلام بين دولتين، وقبل إعلان «الصفقة» حصلت على ما تريد من الجمعية العامة. لكن فشلت، حتى الآن، في الحصول على قرار من مجلس الأمن لا تنقضه أميركا حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية.بعد أقل من أسبوع، سيلقي رئيس السلطة بيانه أمام مجلس الأمن، وربما ستكرر الدول الأعضاء موقفها السابق من القرار 2334 ضد الاستيطان لعام 2016، لكن أميركا ستدافع عن خطة «فلسطين الجديدة» في الصفقة، وستعارض طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود العام 1967.

ستحصل إسرائيل على اعتراف أوغندا بالقدس عاصمة لها، نتيجة زيارة نتنياهو، لكنها لن تحصل على اعتراف الاتحاد الأوروبي بفرض سيادتها على أراض فلسطينية محتلة، وفلسطين في المقابل لن تحصل في المستقبل القريب على اعتراف الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطينية مستقلة، لأن التزامه بالشراكة الأطلسية مع أميركا يتقدم على الاعتراف بفلسطين المستقلة.يتكرر في المواقف الدولية المعارضة للصفقة أن على الطرفين التفاوض مباشرة حول قضايا الوضع النهائي، بينما أعطت الصفقة لإسرائيل كل ما تريده حول هذه القضايا.

سنلاحظ أن دولاً عربية لم ترفض الصفقة من جهة، ثم قبلت ببيان وزاري عربي ضدها من جهة أخرى، وأن دولاً أوروبية أعضاء في الاتحاد تقبل بالصفقة، لكن الموقف الرسمي للاتحاد يعارض فرض السيادة الإسرائيلية على أراض فلسطينية محتلة.الموقف الفلسطيني المعلن من الصفقة قد يصير موقفاً عملياً حال ضم إسرائيل رسمياً لأرض محتلة وافقت الصفقة على ضمها، لكن الموقف الدولي والعربي سيظل معلناً دون أن يصير عملياً. هذه هي الخلاصة كما تبدو مع ولاية ثانية مؤكدة للرئيس ترامب وربما حكومة رابعة محتملة برئاسة نتنياهو.

قد يهمك أيضا :  

وللطائرة سوابقها؟

إذا خرجت «السلطنة» من قوقعتها !

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصدمة السودانية؛ مقدماتها وتوابعها الصدمة السودانية؛ مقدماتها وتوابعها



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:15 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

فهد الهاجري ينافس في قائمة الكويت في "خليجي 24"

GMT 13:10 2014 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الرضاعة تُقلل من مُضاعفات الأمراض المُعديّة

GMT 10:04 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 2

GMT 15:18 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الحكم على الفنان السوري سامو زين بالسجن عامين

GMT 09:50 2020 الخميس ,12 آذار/ مارس

في بعض أبعاد سيكولوجية الهلع

GMT 07:36 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تألقّي بإطلالة مُميّزة من وحي المذيعة غالية بوزعكوك

GMT 22:10 2018 الجمعة ,13 تموز / يوليو

رتبي غرفة نوم طفلك في 10 دقائق بهذه الطرق

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca