لي «حصة» في اليوم الوطني

الدار البيضاء اليوم  -

لي «حصة» في اليوم الوطني

بقلم - حسن البطل

كانت تلك الغرفة في مكتب «فلسطين الثورة» مشتركة مع الشاعر عز الدين المناصرة (سينضم إلينا لاحقاً الأديب محمود شقير). قبل 43 سنة كنتُ في عمر المسيح قبل الجلجلة.
يذكرون فضل غسان كنفاني في تعريف المنفى الفلسطيني بأدباء البلاد، وبالأدب الصهيوني، فلعلّني أذكر فضل المحرّر الأدبي، عز الدين المناصرة، في متابعة الحركة الأدبية فيما وراء «الخط الأخضر». كيف؟ كانت تصلنا جريدة «الاتحاد» الحيفاوية، الشهرية آنذاك، عن طريق قبرص. 
بالمشرط كان يقصّ ما يشاء، أو يحرّر ما يشاء. كنت مثل القط ينتظر «حَسَك» ما يتبقّى من الجريدة المقصقصة، وأرمّم منها وفي ضوئها، أوّل مقالاتي «كل الدعم لقائمة بلدية الناصرة، ففي العام 1975 فازت قائمة توفيق زياد الشيوعية على قائمة سيف الدين الزغبي، الموالية لحزب «العمل»، وأزاحت سيطرة الأحزاب الصهيونية عن كبرى المدن الفلسطينية في إسرائيل.
طيلة عام، واكبت بقلمي حركة احتجاج على مشروع تهويد المنطقة (9) التي تضمّ سهل البطّوف الخصيب بعناوين مقالات أذكر منها: «اصرخي أيّتها الأرض المحبوبة». 
في 30 آذار من العام 1976، انطلقت في مثلث: سخنين، عرابة، دير حنّا صرخة الدفاع عمّا تبقّى من أرض فلسطينية في الجليل، وسقط ستة شهداء وكُتب يومها: هذا يوم خديجة الشواهنة، لأنها المرأة الوحيدة بينهم.
كانت المجلة المركزية للمنظمة تصدر عدداً خاصاً سنوياً مطلع كل عام ليواكب انطلاقة حركة «فتح» بعملية نفق عيلبون، فكتبت مقالاً فيها يقترح عقد اجتماع بين حركة «فتح» وحزب «راكاح»، ولما قرأ ماجد أبو شرار المقال قبل نشره، قال لي: أستغرب الشجاعة والموضوعية.. سأقترح ذلك على اللجنة المركزية لـ «فتح».. وهكذا كان، وعقد أوّل اجتماع في العاصمة التشيكية (براغ).
سنوات، وصار «يوم الأرض» يوماً وطنياً للشعب الفلسطيني بأسره، في إسرائيل والأرض المحتلة، وفي الشتات العربي والجاليات في العالم. قيادة الحركة والمنظمة لم تكلف مجلتها المركزية، ورئيس التحرير فيها لم يكلفني، لكن قيادة الثورة، ومثلها معظم هيئة تحرير المجلة كانت من جيل اللجوء، علماً أن فترة النصف الأوّل من عقد سبعينيات القرن المنصرم كانت فترة جدال وسجال فصائلي حول برنامج النقاط العشر ـ برنامج السلطة الوطنية، بعد حرب أكتوبر 1973، التي أطاحت بكادر التحرير القومي في المجلة، وجاءت بكادر السلطة الوطنية.
إن كان لي أن أفتخر بدور مهني لقلمي، فسأذكر دوري المهني بين الأعوام 1974 ـ 1976، حيث كانت «فلسطين الثورة» السبّاقة بين مجلات الفصائل في تغطية حركة الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب. هذا أوّلاً، وأما ثانياً، فكانت مهمتي طيلة 13 سنة، بعد خروج العام 1982، في إدارة مجلة «فلسطين الثورة» في صدورها الثاني من قبرص. 
هناك التقينا بإميل حبيبي وسواه من شخصيات وقادة النهوض الفلسطيني في إسرائيل. لما عرف حبيبي بدوري في مقدمات «يوم الأرض»، قال: اكتبها.. هكذا سيسجل لك في مهنتك ومهمتك.
حتى العام 1982 كان مكتب المنظمة في قبرص بمثابة «ساعي بريد» يوصل «الاتحاد» إلى بيروت، ويوصل «فلسطين الثورة» إلى حيفا، أي «بين شطري البرتقالة» كما عنوان مراسلات درويش ـ القاسم على صفحات مجلة «اليوم السابع» كانت تصدر في باريس.
عدتُ بعد هذه الأوسلو، وزرتُ نفق عيلبون، وبلدات مثلث «يوم الأرض»، ورأيتُ رؤية العين النصب التذكاري لشهداء «يوم الأرض» في سخنين، وهو بمثابة جدارية لعلّها الأجمل عربياً، هي وجدارية جواد سليم في ساحة الحرية ببغداد.. وكذا زرتُ مسقط رأسي طيرة حيفا، وبكيتُ في مقبرتها، وأكلتُ من أعشاب المقبرة ومن أكواز صبرها.. وبالطبع مكتب جريدة «الاتحاد» في حيفا حيث كان يكتب إميل حبيبي، وقبره مع شاهدة؛ باقٍ في حيفا، كما التقى درويش بأصدقاء شبابه في حيفا والجليل.
كان عيد انطلاقة «فتح» هو اليوم المركزي مع يوم النكبة في مسيرة نضال الشعب، ثم صار بعد خروج بيروت 1982، و»يوم الأرض» ومبادئ إعلان أوسلو علامة تحوُّل من الصراع العربي ـ الصهيوني إلى جذره كصراع فلسطيني ـ إسرائيلي، والأرض هي جذر هذا الصراع.
كانت لي حصة شخصية ـ مهنية في «يوم الأرض» الأول، وكان للمجلة المركزية دورها في صدور «الاتحاد» يومية، حيث زار إميل حبيبي تونس وتحادث مع أبو جهاد، الذي أوعز إلى «فلسطين الثورة» في قبرص بنشر إعلان عن تبرع لإصدار «الاتحاد» يومياً.
أدّت «فلسطين الثورة» واجبها إزاء «يوم الأرض» قبل خروج بيروت، وفي مرحلتها القبرصية، كانت جسراً بين جاليات الشعب وشتاته. لي الفخر أن أدّيت واجبي المهني والوطني في المجلة حتى توقفت عن الصدور بعد أوسلو بقليل. أعداد المجلة من الأوّل حتى الأخير موجودة في متحف عرفات، الذي هو متحف لمسيرة نضال الشعب، ومنذ ما قبل النكبة إلى ما بعد السلطة يبقى «يوم الأرض» هو اليوم الوطني للشعب.

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لي «حصة» في اليوم الوطني لي «حصة» في اليوم الوطني



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 00:29 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

طه رشدي يكشف أنّ لغة الإعلانات هي لغة مناورات

GMT 07:24 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

ابتكار روبوت النانو المصنوع من الحمض النووي

GMT 08:55 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

"مالية الوداد"..

GMT 18:36 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

علاج ثقل الراس والدوخه

GMT 20:30 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

أفضل 10 فنادق تنعش السياحة في مدينة مراكش المغربية

GMT 16:52 2014 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أحمد الزيدي أكبر خصوم لشكر في "الاتحاد الاشتراكي"

GMT 01:58 2015 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل مقصورات الدرجة الأولى على الخطوط الجوية العالمية

GMT 02:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"فقهاء دين" يسرقون مجوهرات من مغربية على طريقة "السماوي"

GMT 08:04 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

جامعة نجران تنفّذ دورة "حل المشكلات واتخاذ القرار"

GMT 08:59 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

طالبان تتوعد باستهداف مؤسسات أمنية في كابول
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca