«أين تذهب هذا المساء» ؟

الدار البيضاء اليوم  -

«أين تذهب هذا المساء»

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

ليش العنوان بين مزدوجين؟ لأنه كان زاوية تقليدية في بعض صحف أيام زمان، بمعنى أين تسهر هذه الليلة، لمّا كانت «صناعة الترفيه» تكاد لا تتعدى الاختيار بين أفلام صالات السينما والمسرح.ما الذي ذكّرني بذلك؟ بلاد فيلم«الحياة حلوة» أو «الدولشي فيتا» الطليانية، صارت خاضعة لمرسوم وقّعه رئيس حكومتها، ملخصه «الزم بيتي» موجّهة إلى 60 مليون طلياني.هل صحيح ما تقوله شعوب القارة «العجوز»، وبخاصة الألمان، من أن الإيطاليين هم «عرب أوروبا» في الفوضى، لكن الصحيح، في زمن «الكورونا» ما يقوله العرب من أن «الحقّ على الطليان»، فقد صارت بلاد شبه جزيرة تشاكل الجزمة الطويلة، ثاني أكبر بؤرة عالمية في جائحة أو وباء الكورونا، مع أنها طليعة الدول السياحية و»صناعة الترفيه» ومن أغنى الدول الصناعية.

الطريف في الأمر، أن الوباء بدأ في شمال إيطاليا الغنية الأكثر أوروبية، وليس في جنوبها الأكثر متوسطية، لأن محافظاً لولاية في الشمال دعا الناس هناك إلى متابعة ممارسة «الحياة الحلوة». «الكورونا» وحّدت إيطاليا الأوروبية وتلك المتوسطية.لمّا قال شاعرنا القومي: «آهٍ من حلمي ومن روما» كان يقصد زمناً كانت فيه «عاصمة العالم» القديم، بما هي عاصمة الامبراطورية الرومانية، وليس الصراع بين أباطرتها ومجالس سيناتوراتها، وقتال المجالدين في ساحة «الكولوزيوم».

بدلاً من سؤال «أين تذهب هذا المساء؟» صار الأمر هناك أن لا تذهب إلى مباريات الدوري الإيطالي لكرة القدم، بينما تقول المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل: «إن موجة وباء الكورونا قد تصيب 60 _ 70% من سكان ألمانيا، وقد لا تنحسر قبل عام أو عامين، ويوافقها على ذلك الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الذي وجه خطاباً إلى الأمة، وكذا كان أحد عناوين الصحف الإسرائيلية: 60% سيصابون خلال عام أو عامين.
واحد أميركي وضع كتاباً معنوناً: «الإنسان ذلك المجهول»، ولم يكن يقصد الجراثيم والفيروسات، التي لم يتوصل العالم، خلاف الإنسان، إلى فك مورثاتها الجينية، من حيث قدرتها الخارقة على التحوّر، فإن روّض حالها الراهن «الإنسان ذلك المجهول» تحوّلت إلى حال أخرى!

فيما سلف من أوبئة، مثل الجذام والطاعون، كان هناك أسلوب العزل للوقاية، والآن عاد العالم إلى هذا الأسلوب القديم. لا مكان لسؤال متساذج: ما نسبة 4 آلاف ضحية لسكان كوكب الأرض بملياراته السبعة، بينما أهلك الطاعون الأسود ثلث البشرية، أو فتكت حرب عالمية ثانية بأرواح 100 مليون إنسان، أو أودت قنبلة ذرية أميركية بربع سكان هيروشيما اليابانية.إلى الـ 4000 إنسان هالك، حتى الآن، قتلت هذه الكورونا خرافات عنصرية، ودينية، وتاريخية، وشكّكت في ما كان مسلّمات علمية وطبية.

في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت أوروبا الغربية الديمقراطية تحت وطأة هاجس «الروس قادمون» لكن الامبراطورية السوفياتية انهارت كالورق دون طلقة واحدة.
في مطلع الألفية الثالثة، تحوّل شعار «حروب الحضارات» إلى «الصينيون قادمون» ليس في الحروب التجارية، بل في تصدير الأوبئة إلى العالم، ولكن بلاد التنين في سبيلها، بالانضباط والتنظيم، إلى لجم وباء الكورونا، الذي منها انطلق.
من الخرافات التاريخية، أواخر الألفية الأولى في العام 999 ميلادية «تؤلف ولا تؤلفان»، وفي نهاية الألفية الثانية كانت مشكلة برمجة الحواسيب على تصفير التواريخ. آخر التخريفات كان حول 20-20 أي السنة الميلادية 2020 والشهر الثاني الميلادي، والساعة العاشرة مساءً، وحتى الثانية وعشرين.. وجاء «الكورونا»!
في العام 2020 ستذهب مركبة فضائية إلى أقرب مسافة من نجم الشمس لدراسة الشواظات النارية للنجم وهذا النجم الساطع له دورة نشاط وسبات كل 11 سنة، لكن له دورة أطول كل أربعة قرون، وقبل أربعة قرون «نامت» الشمس، وتسبب ذلك في عصر جمودي رابع وقصير.
الآن، يقول علماء فلك بريطانيون إن العام 2020 سيشهد بداية مرحلة خمول شمسية تستمر حتى العام 2050، ومن ثم قد يبدأ عصر جمودي قصير في نصف الكرة الشمالي، حيث تتوطن معظم البشرية، وهذا خلاف نظريات احترار جو الأرض، وارتفاع مستوى بحار العالم ومحيطاته.
ماذا عنّا كفلسطينيين في فلسطين السلطوية، ويهود في إسرائيل؟ وهل تكون مدينة المسيح بؤرة مثل «ووهان» الصينية؟ حتى مرسوم يفرض حالة الطوارئ، للمرة الأولى في الحقبة السلطوية، كانت هناك أزمة ثقة ومصداقية بين النظام السلطوي والشعب الفلسطيني، لكن الهيمنة العالمية لوباء «الكورونا» أقنعت معظم الناس بلزومية حال الطوارئ، وبدأ الشعب يتعلم الانضباط.
المسألة أن الشعب الفلسطيني حديث العهد بسلطة وطنية، بعد أن توالت عليه سلطات عثمانية، وإنكليزية، أردنية.. وأخيراً أطول احتلال إسرائيلي.
الجانب الإيجابي أن سؤال: «أين تذهب هذا المساء؟» في الأراضي الفلسطينية ليس عويصاً كما في بلاد أخرى، حيث «صناعة الترفيه» لا مكان فيها للسؤال: أين تسهر وتأكل، وإلى أين تسافر؟
العالم صار يحتاج منظمة الصحة العالمية، ولا يحتاج إلى مجلس الأمن.. فعلاً، صار العالم «قرية» في زمن الاتصالات والمواصلات والتواصل.. والآن الأوبئة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أين تذهب هذا المساء» «أين تذهب هذا المساء»



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 14:46 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

دراسة تكشف عن 9 مهن تقود أصحابها للخيانة الزوجية

GMT 07:22 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

"دي باريس" يحيي جناح أميرة موناكو بتجديدات فخمة

GMT 23:21 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

الملقب بـ"حبيلو" مُصنّف خطر في قبضة شرطة فاس‎

GMT 03:50 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

إغلاق صحيفة الأطفال الوحيدة في أستراليا لمشاكل مادية

GMT 04:41 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

"Nada G" للمجوهرات الثمينة تُعلن عن مجموعة "بلاط بيروت"

GMT 02:49 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

المغامرات التي يجب خوضها أثناء زيارة مملكة كامبوديا

GMT 15:11 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الطالبي العلمي يؤكد أن ملعب البيضاء لن يكون جاهزًا قبل 2022

GMT 08:51 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

سيدة هندية تبيع رضيعها من أجل دفع "فاتورة إدمان" زوجها

GMT 08:01 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مغارات "بني عاد" وجهة سياحية مفضلة خلال العطلة الشتوية

GMT 04:58 2015 السبت ,09 أيار / مايو

حجز 12600 لتر بنزين على متن شاحنة في صفرو

GMT 19:56 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الداخلية الإسبانية تعلن عن تفكيك خلية متطرفة في مدينة سبتة

GMT 04:38 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

مزادات "روزبيري" تفتتح عرضاً لبيع تحف هندية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca