العيش المشترك في مواجهة لغة الكراهية من العريفي وقورشة

الدار البيضاء اليوم  -

العيش المشترك في مواجهة لغة الكراهية من العريفي وقورشة

أسامة الرنتيسي

بعد أن خرّبت بعض الفضائيات العربية مفهوم الحوار، ووصلت الحال بعد المشادات الكلامية الى استعمال الأحذية، وبعد أن سادت بيننا ثقافة إقصاء الآخر وعدم الاعتراف به، يُسجّل لأية جهة ثقافية أو أي منبر ثقافي، إحياء ثقافة الحوار وأهمية العيش المشترك بين الشعوب.
لكن البلاء الذي نعاني منه  انتشار لغة الكراهية عبر دعاة الفضائيات ومشايخ الزمن الجديد، لا تستطيع الجهات المنشغلة بإحياء لغة العقل والتعددية واحترام الإنسان ونبذ ثقافة الاقصاء، مواجهته في ظل انتشار ظاهرة التديّن الشعبي التي تغزو مجتمعاتنا.
داعية من وزن العريفي يترك  الخراب والدمار والقتل والجهل والعتمة كلها في بلادنا، ويقدم لنا فتوى جديدة تُحرّم تقديم التهاني للمسيحيين بأعيادهم المجيدة، وبعد هذا يقولون لك من أين تغرُف عصابة داعش مُناصريها.
العام الماضي، حثّني أكثر من صديق إلى متابعة ما ينشره أو يردده شاب أردني تطلق عليه الفضائيات داعية إسلاميًا، وله مريدون ومتابعون، خاصة من فئة الشباب، نُقل على لسانه أنه يُحرّم معايدة المسيحيين في عيد الميلاد.
ذهبت إلى صفحة الداعية أمجد قورشة على الفيسبوك فوجدت لغةً أقل ما يُقال فيها إنها هابطة، مُنفّرة، تدعو إلى الكراهية، ولا تتقن فن رسالة المحبة والتسامح.
في عنوان مادة منشورة على صفحته يردّ فيها على بعض منتقديه، أنقل إليكم فقط العنوان: "ظاهرة التناقض عند بعض "الممتلئين بالمحبة" و "محبي السلام" والمحسوبين عليهم من المتأسلمين!!!…طبعا الداعية الجهبذ يتهكم على أصحاب مبادئ المحبة والسلام، إلى أن يصل إلى المتأسلمين، وفي هذا لغة تكفير وتقسيم المسلمين بين مسلم حقيقي ومسلم متأسلم.
الأسوأ؛ هو التنبيه الذي وضعه أسفل مقالته يقول فيه: (تنبيه: هذه الآيات موجهة فقط إلى المسلمين، فأرجو ممن اتخذ "الحداثة والحداثيين" أو "العلمانية" أو "القومية" أربابا من دون الله أن يذهبوا إلى آلهتهم وأربابهم وأن لا "يتفلسفوا" في كلام ربي والكلام موجّه كذلك إلى "الدلاليع" و "الطنطات" من "مسوخ" المتأسلمين الذين اتخذوا مُثُلهم العليا من الراقصات والمغنيات والممثلين من الساقطين والساقطات.
إذا كانت هذه لغة شخص يُصنّف نفسه على أنه داعية، فلا أستغراب من اجتهاد بائس عندما يُفتي بتحريم معايدة المسيحيين في عيد الميلاد، وتحريم صور المسلم إلى جانب شجرة عيد الميلاد.
مَن هم على شاكلة هذا الداعية كثيرون  من الوجوه الذين تزدحم بهم فضائيات بِهُويات دينية، وهم أبعد ما يكونون عن الدين إلى محاولات الوصول إلى الممثلين الذين يتهمونهم بالساقطين والساقطات..!!، يُطلقون لحى خفيفة، ويرتدون بدلات أنيقة على اعتبار أنهم دعاة شباب، وهم لا يختلفون عن أي شيخ جاهز لإطلاق فتاوى حسب الطلب والمقاس، في سوق الفتاوى المعروضة للبيع، فتاوى دينية، فتاوى سياسية بلباس ديني.. وفتاوى دينية بلباس وطني.. الخ.
إحصاء الفتاوى الفضائية "النُّص كُم" للأسف غير ممكن، لتعدد الفضائيات التي تفتح هواءها لكل من يطلب الفتوى، ولكثرة مُدّعي المشيخة الذين يضطّلعون بالمهمة، في سلسلة طويلة من الفتاوى الغريبة العجيبة.!
لكن، برغم هذه الفوضى لا يجرؤ شيخ دين معتدل ومتنور على نقد أو تفنيد فتوى أصدرها غيره، برغم  تفاهة بعض الفتاوى.!
إذا كانت فتوى أي داعية قد حظيت باهتمام  وسائل التواصل الاجتماعي، فليس مردّها أهمية الشخص، وإنما حساسية لغة الكراهية التي أطلقها، وهي لا تحتاج بأي شكل من الأشكال إلى ردود عن العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، فهذه قضية محسومة، لكنها تحتاج إلى تكريس مفهوم المواطنة، وأن المواطنين جميعهم لهم الحقوق والواجبات كافة، وتخطئ الجهات القانونية والتنفيذية إن تركت أي إنسان يبث لغة الكراهية مهما كان  دينه أو معتقده أو مذهبه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العيش المشترك في مواجهة لغة الكراهية من العريفي وقورشة العيش المشترك في مواجهة لغة الكراهية من العريفي وقورشة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:30 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 05:07 2014 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

مرض سوسة النخيل الحمراء يغزو الأشجار جنوب غزة

GMT 15:16 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

مصلي يقتل مؤذن إثر خلاف حول "أحقية الآذان داخل المسجد"

GMT 17:52 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

شرطة الناظور تعتقل أكبر مروج مخدرات الأثنين

GMT 13:38 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

ميريام فارس تظهر بإطلالة جذابة في حفلة في الإمارات

GMT 03:12 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

موظف عاشق للرياضيات يعثر على أكبر عدد أولي في العالم

GMT 09:41 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

نادي مانشستر سيتي يستعد لضم سانشيز في كانون ثان

GMT 06:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف خطورة مواقع التواصل على الأطفال

GMT 06:08 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"إل جي" تطرح الروبوتات الجديدة لتحل محل العمال

GMT 16:06 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

ميسي يطلب من دي ماريا الانتقال إلى برشلونة

GMT 04:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الأميركي ينفي وجود أي تواطؤ من جانبه بشأن الانتخابات

GMT 04:27 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أوراش رئيسًا للاتحاد المغربي لكرة السلة لولاية ثانية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca