صحافة وسخافة

الدار البيضاء اليوم  -

صحافة وسخافة

بقلم : رشيد نيني

بمجرد ما خرج حميد شباط من مقر الأمن بعد خضوعه للبحث بأمر من النيابة العامة في قضية مقال تصفية الدولة للسياسيين بواد شراط، قال إن محاكمته سياسية وإن الداخلية هي التي تقف وراء كل ما يعيشه حزب الاستقلال من مشاكل.

وطبيعي أن يحاول شباط، الغارق حتى الأذنين في المشاكل داخل الحزب وخارجه، تسييس قضيته، لكن ما ليس طبيعيا تماما هو أن نجد اليوم من نصب نفسه محاميا لدى شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، مدافعا باستماتة عن براءته مما نشره موقع حزبه من اتهامات خطيرة للدولة بتصفية السياسيين في واد شراط.

ويستند هؤلاء المحامون المتطوعون في دفاعهم عن شباطهم على كون السبب في استدعائه للتحقيق هو وجود شبهة تدخل وزارة العدل في مؤتمر الحزب الذي يلوح في الأفق بهدف خدش صورة شباط، وكأن صورة شباط محتاجة إلى خدوش.

وهناك من يقول اليوم إنه ليس من اللائق استدعاء أمين عام حزب للتحقيق، لأن هذا لم يحدث في السابق.

وهؤلاء ما عليهم سوى أن يتأملوا ما يحدث في فرنسا اليوم حيث قرر القضاء استدعاء المرشح اليميني للرئاسيات فرونسوا فيون للتحقيق في شبهة استغلال النفوذ والاغتناء غير المشروع، وهي التهمة التي قد تكلفه في حال ثبوتها عشر سنوات من السجن.

في فرنسا لم يكتب أحد منتقدا عمل القضاء، بل إن فرونسوا فيون نفسه طالب بفتح تحقيق قضائي في ما نشرته «لوكنار أونشيني» حول استفادة زوجته وأبنائه من تعويضات البرلمان.

نحن عندما نشرنا معطيات بالأرقام والدلائل حول اغتناء شباط وعائلته بشكل فاحش سمعنا بعض الزملاء ينتقدون عملنا الصحافي عوض أن يطالبوا القضاء بفتح تحقيق في ما نشرناه.

هناك اليوم من يريد أن تشتغل السياسة الجنائية على هواه وأن تتحرك النيابة العامة وفق ما يريد، خصوصا بعدما تم إقصاء رئيس غرفة بمحكمة النقض كان بمثابة الوسيط بين هذا الصيرفي ووزير العدل ورئيس الحكومة.

وبنظر هؤلاء فعندما يتابع الصحافيون بالقانون الجنائي بسبب كتاباتهم حول زملائهم الوزراء فلأن هؤلاء الصحافيين طويلو اللسان يستحقون ذلك، أما عندما يتم استدعاء السياسيين لمجرد التحقيق، وتتم متابعة أعضاء الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات بقانون مكافحة الإرهاب، فإن هذه المتابعة والتحقيق يصبحان من باب التضييق السياسي على الحريات وتهديدا مباشرا للديمقراطية.

وقد رأينا ذلك عندما أثير النقاش حول متابعة أعضاء من شبيبة بنكيران بقانون مكافحة الإرهاب بسبب إشادتهم باغتيال السفير الروسي بتركيا، فلماذا أثير هذا النقاش الآن وليس عندما توبع صحافيون بقانون مكافحة الإرهاب ؟
ومن أجل معتقلي شبيبة بنكيران تم تنظيم لقاء في دار المحامي حيث استحوذ الفصل 72 من قانون الصحافة والنشر على النقاش المنظم بشراكة بين وزارة العدل وهيئة المحامين بالبيضاء.

وحاول البعض تعويم التفسير القانوني للنص القانوني بالحديث عن إمكانية استفادة غير الصحافيين من مقتضياته، خاصة في الشق المتعلق بالإشادة بالإرهاب.

وزير العدل، وما تبقى من حريات، مصطفى الرميد دافع عن حق غير الصحافيين في الاستفادة من تلك المادة، واعتبر عكس ذلك ضربا لمبدأ المساواة في الدستور، وهكذا نرى كيف فقد السيد وزير العدل مبدأ الحياد وانبرى للدفاع عن أبناء حزبه المتابعين بتهمة الإشادة بالإرهاب.

أما عبد الله البقالي، رئيس ما يسمى بالنقابة الوطنية للصحافة، فقد برر تغييره لموقفه من حزب العدالة والتنمية بعدما ظهر له بريق الاستوزار للحظة مخطوفة في غفلة من الزمن خلال توافق عابر بين شباط وبنكيران، ولذلك سارع لاستصدار صك براءة لبراعم الحزب الذين اتخذوا من مواقع التواصل الاجتماعي منصات لبث خطابات الكراهية والتحريض على الإرهاب عبر التنويه بالاعتداء الإرهابي الذي أسفر عن اغتيال السفير الروسي في تركيا قبل أن يتحرك الأمن وتجري متابعة هؤلاء قضائيا.

اعتبر البقالي، في افتتاحية بجريدة حزبه الناطقة باسم شباط، أنه يتعين متابعة هؤلاء المتهمين بمقتضيات قانون الصحافة والنشر عوض قانون الإرهاب، وهو رأي غريب والأغرب أن يصدر عن رئيس نقابة الصحافة الذي صار يخلط بين الصحافيين المهنيين، المفروض أنه أول من يجب عليه الدفاع عن وضعهم، وبين ثلة من الذين يخربشون على الأنترنت تدوينات الرعب وإشادات بالقتل ممن لا تربطهم بالصحافة وأصولها أية صلة.

ويزكي موقف البقالي الفوضى التي يشهدها قطاع الصحافة في المغرب، والتي فتح لها وزير الاتصال، مصطفى الخلفي بوصندالة، المجال حينما صار يشجع كل من هب ودب لخلق مدونة رديئة على الأنترنيت ويدعوهم لصحون المرقة بالزيتون الممولة من أموال دافعي الضرائب، ويباهي بكون المغرب يتوفر حسبه على أزيد من 700 موقع إلكتروني صحافي حسب زعمه، والحال أن الأمر لا يعدو أن يكون واجهات على الأنترنت تتخذ في كثير من الأحيان أسلحة للابتزاز والتمويه والتحريض على الإرهاب والتطرف فضلا عن المزايدة الانتخابوية.

إن الصحافة المغربية الآن في حاجة لأكبر عملية تطهير إلكتروني وذلك بإغلاق كل موقع يثبت عدم احترامه للضوابط القانونية التي تبدأ من التصريح القضائي بالتأسيس وتشكيل إطار قانوني واضح يحترم معايير المقاولة الصحافية، والحال أن الدولة تترك المغاربة في مواجهة آلاف الدكاكين الإلكترونية المتخصصة في السب والقذف والاسترزاق بشكل يسيء للمهنة التي صار يبدو واضحا أن أول متربص بها هو حزب وزير الاتصال الذي بعدما فشل في تطوير مبيعات جريدة الحركة الدعوية الملحقة بالحزب، والتي لا تتجاوز بضع عشرات، انتهز موقعه الوزاري لتنفيذ خطة تستهدف إضعاف المنابر الإعلامية الجادة بالدعاوى تارة وببث الفوضى في القطاع حتى يفقد مصداقيته في أعين المواطنين.

ولذلك فقيام وزارة الداخلية بعملية إحصاء لهذه المزابل الإلكترونية المنتشرة في كل المدن والقرى ليس سوى الخطوة الأولى في مسار تطهير الحقل الإعلامي من هذه الميكروبات الانتهازية التي تعيش على عاهات الجسم الصحافي المصاب بانخفاض حاد في جهاز المناعة الذاتي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحافة وسخافة صحافة وسخافة



GMT 05:05 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

حتى أنت يا مصيطيفة

GMT 05:06 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الدرهم العائم

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

يتيم في العيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

عادات سيئة

GMT 05:40 2017 السبت ,27 أيار / مايو

ولاد لفشوش

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي

GMT 00:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تحف فنية من الزخارف الإسلامية على ورق الموز في الأردن

GMT 23:14 2016 الإثنين ,25 إبريل / نيسان

ماهي فوائد نبتة الخزامى ( اللافندر )؟

GMT 00:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

Velvet Orchid Lumière Tom Ford عطر المرأة الرومانسية

GMT 20:32 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حيوانات الرنة مهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca