الغضب الملكي على الرئيس أوباما

الدار البيضاء اليوم  -

الغضب الملكي على الرئيس أوباما

بقلم نور الدين مفتاح

خاب ظن جميع من كان يعتقد -على صواب- أن الملك محمد السادس سيلتقي بالرئيس الأمريكي أوباما لأن الإثنين كانا سيتصادفان في العاصمة السعودية الرياض، مادامت القمة المغربية الخليجية قد انعقدت يوم الأربعاء والقمة الأمريكية مع مجلس التعاون الخليجي انعقدت الخميس. ومما زاد من احتمال لقاء القمة هذا وجود ملف الصحراء في آخر المراحل داخل أروقة مجلس الأمن قبل اتخاذ القرار السنوي بشأنه نهاية هذا الشهر، مع ما هو معروف من دور للأمريكيين في التأثير على الاتجاه الذي تأخذه القرارات الأممية جميعها. يضاف إلى هذا أن لقاء محمد السادس مع أوباما كان سيتم على أرض لها بعد استراتيجي حساس ومع قادة مجلس تعاون يتحكمون في مصادر الطاقة في العالم، وهم مع المغرب في قضية وحدته الترابية، مما يدفع إلى التأثير على أقوى رجل في العالم.
 
خاب ظن المتكهنين لأن محمد السادس غادر مباشرة بعد القمة التي دامت ساعات فقط، وترك وراءه لأوباما رسائل قوية وقاسية ومتحديَّة تحتاج لقراءة ما بين السطور، ولكن لا تحتاج لعناء كبير لتفكيكها، ومنها:
 
1- يقول محمد السادس إن "هناك تحالفات جديدة، قد تؤدي إلى التفرقة، وإلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، وهي في الحقيقة محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة، لن تستثني أي بلد، وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة، بل على الوضع العالمي".
 
وهنا كان الملك يتحدث عن الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وعن الغضب الخليجي من تحركات أوباما والولايات المتحدة الأمريكية. ولنلاحظ أن الملك يستعمل كلمة "خلق فوضى جديدة"، في إشارة إلى الفوضى الأولى التي سمتها واشنطن بـ "الفوضى الخلاَّقة"، ويستنتج محمد السادس أن المس بأمن الخليج هو مس بأمن المغرب، بمعنى أن الموقف من أوباما في الخليج  سيكون هو نفسه في المغرب.
 
2- اعتبر محمد السادس الربيع العربي خريفا كارثيا على الرغم من أنه كان تجربة ناجحة جدا في المغرب وتونس على الأقل، ولكن الملك تبنى التحليل الذي يعتبر أن الربيع العربي وراءه أياد خفية، و"يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى كالمغرب، من خلال المس بنموذجه الوطني المتميز"، وليس هناك من "متهم"، في هذا الإطار إلا الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن محمد السادس لم يذكرها بالاسم، ولكنه نوّه بمنافسيها من القوى العظمى بطريقته، عندما أثنى على الشراكة الاستراتيجية الوليدة مع روسيا والمرتقبة مع الصين والهند.
 
3- الأقوى في الخطاب هو حديث محمد السادس عن "المؤامرات"، ومرة أخرى تظهر صورة الولايات المتحدة الأمريكية بين ثنايا السطور: "إننا أمام مؤامرات تستهدف المس بأمننا الجماعي، فالأمر واضح ولا يحتاج إلى تحليل، إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا، ونذكر حصريا دول الخليج والمغرب والأردن".
 
4- على الرغم من أن الشق المتعلق بالصحراء المغربية في الخطاب الملكي ألقى باللوم على المحيطين بالأمين العام للأمم المتحدة من إدارة في دفعه لتأزيم الوضع مع المغرب، إلا أن الدق على باب الولايات المتحدة كان موجودا أيضا من خلال الحديث عن "بان كي مون" المدفوع من جهات أخرى، مع العلم أن الولايات المتحدة هي الأقدر على دفع بان كي مون والأقدر على لجمه في حالة انزلاق غير مقصود من طرفه.
 
عموما ليست هذه هي المرة الأولى التي يخاطب فيها الملك محمد السادس الولايات المتحدة الأمريكية بهذه القوة، ولن تكون الأخيرة إذا سارت الأمور في نفس الاتجاه، مع أمل في الرباط أن تتحسن مواقف واشنطن بعد دخول صديقة المغرب هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض في الانتخابات القادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغضب الملكي على الرئيس أوباما الغضب الملكي على الرئيس أوباما



GMT 04:35 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 12:45 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

المغرب المحاصر

GMT 08:59 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

المغرب والخليج بين ثورتين

GMT 07:54 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

لغة تدريس العلوم والشعب المغبون

GMT 09:01 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

لغة تدريس العلوم والشعب المغبون

GMT 09:46 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الحموشي تحتفي بأبناء وأرامل شهداء أسرة الأمن الوطني

GMT 19:39 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

الفضاء الأيكولوجي رهان التنمية المستدامة في مدينة وجدة

GMT 16:56 2015 الأربعاء ,06 أيار / مايو

الفنانة سلمى رشيد تشارك في عمل تلفزيوني جديد

GMT 19:14 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"طائرة الأهلي" تنهي استعداداتها لمواجهة الشمس الجمعة

GMT 08:55 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة جديدة في أسعار سجائر "مارلبورو" و"ميريت"

GMT 23:12 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

هيثم خيري يعود إلى القصة القصيرة في "الصين الشعبية"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca