ربيع مغربي

الدار البيضاء اليوم  -

ربيع مغربي

بقلم حسن طارق

قبل أسابيع قليلة، شاركت رفقة مجموعة من السياسيين المغاربة في ندوة فكرية دولية بإيطاليا، حول موضوع: “الملكيات والربيع العربي”. اللقاء كان فرصة لإعادة قراءة استراتيجيات تدبير الملكيات العربية لانفجارات 2011، وبحث آفاق الاستقرار والإصلاح داخل هذه الأنظمة .
في هذا الصدد، ورغم الاحتياطات المنهجية الضرورية، إزاء نوع من التحليل يفرض قدرا من التعميم، رغم أننا أمام حالات مختلفة لها سياقاتها الخاصة، فقد تم تقديم عديد من الفرضيات التفسيرية لإضاءة جوانب من الموضوع، والتي تتراوح بين الامتياز الذي منحته وضعية تراكم في شرعيات متعددة المصادر، ظلت تحوزها هذه الأنظمة في علاقة مع شعوبها، وبين تطوير بعضها لاقتصاد سياسي نفطي/ريعي، يسمح بسياسات توزيعية سخية تضمن ولاء النخب وتوسيع القاعدة الاجتماعية للنظام وتحييد الطلب الاجتماعي، وبين التفكير في الطبيعة العميقة والتاريخية لبنائها الدولتي والذي يستند في كثير من الحالات على نموذج الدولة الوطنية، أو حتى نزوع غالبيتها للابتعاد عن صورة النظام الشمولي والدموي، مما سمح بالرغم من التردد في المسار الديمقراطي، بمساحات من الانفتاح الليبرالي، ساهمت في الحفاظ على قدر معقول من اشتغال آليات الوساطة الاجتماعية والسياسية، وجنّبتها السقوط في فخ القطيعة بين الدولة والشعب.
في التجربة المغربية، مثلا، تابعنا كيف أن رياح ما عُرف بـ”الربيع العربي” قد وجدت بنية استقبال مؤهلة لاستيعاب آثاره، تجلت في الأساس – بالرغم من كل الأعطاب- في وجود حياة حزبية ونقابية حقيقية، ومجتمع مدني نشيط، وصحافة يقظة، فضلا عن القابلية التاريخية للمؤسسة الملكية للتجاوب مع مطالب الإصلاح والتغيير .
لذلك، فالخطاب الملكي الأخير، أمام القمة الخليجية، وهو يقدم تشخيصا لمآلات “الربيع العربي”، الذي خلف دمارا وخرابا ومآسي إنسانية، ولنتائجه على مستوى تفكيك الأنظمة وتقسيم الدول، لا يجب بالمطلق، كما ذهبت بعض التحاليل المتهافتة، أن يقرأ بشكل متسرع، كتشكيك في دينامية الربيع المغربي الذي تأسس على مقاربة مختلفة للإصلاح السياسي والمؤسسي، ولا أن يفهم بشكل متعسف كإعلان رسمي عن غلق قوس ما بعد 2011 .
فمغربيا، ليس ثمة مسالك أخرى لمقاومة إرادات التفكيك وسياسات التجزئة وسيناريوهات الفوضى المنظمة، غير تحصين “حالة الإصلاح” التي أعادت بعثها دينامية 20 فبراير، مستندة إلى جذور صيرورة النضال الديمقراطي، وإلى ثقافة التوافق الوطني الخلاّق، وهو ما يتطلب تعزيز وظائف المؤسسات، واحترام الشرعية الشعبية، ومرافقة العودة الجزئية للسياسة داخل المجتمع المغربي وللحقل الانتخابي، والتقدم في تفعيل الإمكانيات التي يتيحها التأويل الديمقراطي للدستور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربيع مغربي ربيع مغربي



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 21:15 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

فهد الهاجري ينافس في قائمة الكويت في "خليجي 24"

GMT 13:10 2014 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الرضاعة تُقلل من مُضاعفات الأمراض المُعديّة

GMT 10:04 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 2

GMT 15:18 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الحكم على الفنان السوري سامو زين بالسجن عامين

GMT 09:50 2020 الخميس ,12 آذار/ مارس

في بعض أبعاد سيكولوجية الهلع
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca