فرنسا والعنصرية ضد المسلمين

الدار البيضاء اليوم  -

فرنسا والعنصرية ضد المسلمين

يوسف بلال

في الأسبوع المنصرم، تصدر حزب الجبهة الوطنية الدورة الأولى للانتخابات الجهوية واستطاع الفوز بست مناطق من أصل ثلاث عشرة منطقة. والعديد من الملاحظين الأجانب، الذين تساءلوا عن دلالات هذا الحدث، اعتبروا أن هذه النتائج قد «تخون قيم الحرية وحقوق الإنسان الفرنسية». وفي الواقع، لا أحد يصدق هذا الكلام حول المجتمع الفرنسي لأن كل أجنبي سافر إلى فرنسا، وهو منحدر من إفريقيا أو آسيا أو أمريكا الجنوبية، يعلم بأن العنصرية متجذرة في الحياة اليومية الفرنسية.
وأكيد أن فوز حزب الجبهة الوطنية الانتخابي مرتبط بهجمات باريس الأخيرة؛ لكنه، في الحقيقة، يكشف عن «نموذج» مجتمعي وثقافي فاشل، لم يتحرر من ماضيه الاستعماري ولا من توجه عنصري تطور بفرنسا منذ أواخر القرن التاسع عشر. وفي كتابه المعنون «الإيديولوجيا الفاشية بفرنسا» بيـَّن المؤرخ اليهودي زيف شترنيل أن الأفكار الفاشية لم تكن مستوردة من الخارج أو هامشية ضمن النخب والمثقفين الفرنسيين، وإنما كانت واسعة الانتشار في المجتمع الفرنسي، يسارا ويمينا، وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر، أي عدة عقود قبل ظهورها وتطورها في إيطاليا وألمانيا. واليوم، أفكار العنصرية وكراهية الآخر لا تقتصر على حزب الجبهة الوطنية، بل هي موجودة في معظم الأحزاب الفرنسية، يسارية كانت أو يمينية، الشيء الذي يعكس تجردها في المجتمع الفرنسي.
والشيء الذي يزيد الأوضاع سوءا هو عدم اعتراف الفرنسيين بواقع العنصرية في بلدهم، لأن العديدين منهم يتصرفون بحقد تجاه العرب والسود والآسيويين في الحياة اليومية، من جهة؛ ومن جهة أخرى هم يعلنون عن التزامهم بمبادئ «الجمهورية» التي «لا تميز» بين أبنائها السواسية. وإذا كانت أفكار الكراهية تستهدف اليهود الفرنسيين في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، فإنها اليوم تستهدف بالدرجة الأولى المسلمين الفرنسيين. ومن المؤكد أن العنصرية الحالية تعكس وضعا شبه استعماري يميز بين «فرنسيي الأصل» و»الفرنسيين المتحدرين من الهجرة»، وهو وضع مهين ساهم بشكل كبير في تعنيف المجتمع.
فما العمل، يا ترى، في مثل هذه الظروف العصيبة؟ إنها أيام محنة، يجب فيها على المسلمين الموجودين في فرنسا أن يدونوا جميع انتهاكات حقوق الإنسان ضدهم بتعاون مع الجمعيات الحقوقية الدولية، وبالخصوص بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر والتي تسمح للشرطة بأن تستغني عن احترام العديد من الحقوق المسطرة في القانون الفرنسي والمعترف بها دوليا.
وعلى الرغم من الكراهية ضد الفرنسيين المسلمين، وإمكانية ارتكاب أعمال تعذيب في حقهم، فإن المرجعية القانونية ولغة حقوق الإنسان تظلان أهم وسيلتين لحماية حقوقهم أمام الرأي العام العالمي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا والعنصرية ضد المسلمين فرنسا والعنصرية ضد المسلمين



GMT 19:47 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

الاثنين أو الأربعاء

GMT 19:40 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

GMT 19:37 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

2025 سنة دونالد ترمب!

GMT 19:34 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

هل يقدر «حزب الله» على الحرب الأهلية؟

GMT 19:31 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

أحلام ستندم إسرائيل عليها

GMT 19:28 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

GMT 19:24 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

المستهلك أصبح سلعة

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 08:07 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 07:30 2018 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

تسيبراس يعد المواطنين بخفض معدلات البطالة

GMT 22:59 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة تويوتا تكشف عن سيارتها "كورولا 2020" الجديدة كليًا

GMT 12:45 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تنظيم حملة للتبرع بالدم في مدينة وجدة

GMT 18:56 2015 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

عامر يتأهل لنصف نهائي البطولة الأفريقيَّة للسلاح

GMT 11:21 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدي لاستقبال فصل الشتاء بخطوات بسيطة في المنزل

GMT 21:57 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة الهندية دراتشي دهامي تنشر صور زواجها على "إنستغرام"

GMT 23:37 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

توقيف شخصين رفقة شابتين في أوضاع مخلة في أغادير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca