الرقص على إيقاع «الخام»

الدار البيضاء اليوم  -

الرقص على إيقاع «الخام»

مصطفى فحص

دفع التراجع غير المسبوق في أسعار الخام، الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إلى التخلي عن دبلوماسيته، وتوعد من اتهمهم بالتخطيط ضد بلاده بأنهم «سيندمون»، موجها كلامه مباشرة إلى السعودية والكويت، معتبرا أنهما «ستعانيان صعوبات تفوق صعوبات بلاده جراء انخفاض الأسعار»، مؤكدا أمام حشد كبير من المواطنين التقاهم في مدينة بوشهر أن «الجمهورية الإسلامية لن تخضع لضغوط خفض أسعار النفط، وستتغلب على هذه المؤامرة».

وفي موقف آخر، لفت أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي إلى أن «المجلس يدرس وضع تخمينين لسعر برميل النفط في الميزانية العامة الإيرانية للسنة الشمسية الجديدة، التي تبدأ في 21 مارس (آذار) 2015؛ الأول عند سقف 72 دولارا، والثاني 50 دولارا». إلا أن أسعار الخام لم تنتظر رهانات محسن رضائي فاستقرت على سعر 50 دولارا، بعد أن هوت إلى ما دون 45 دولارا، مع احتمال جدي أن تلامس 35 دولارا في نهاية الشهر المقبل.

ويعزز هذا الاحتمال ما قاله وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي بأن «منظمة أوبك لن تغير استراتيجيتها للإنتاج»، مستبعدا حدوث أي انتعاش مفاجئ في الأسعار، مطالبا المنتجين الآخرين بـ«التحلي بالعقلانية لأن السوق النفطية ستستغرق وقتا كي تستقر». ويتقاطع التصريح الإماراتي مع كلام سابق لوزير الطاقة السعودي عبد الله النعيمي الذي أكد أن «الرياض لن تغير من استراتيجية إنتاجها حتى لو وصل سعر البرميل إلى 20 دولارا»، ولعل هذا ما دفع الخارجية الإيرانية إلى اعتبار هبوط الأسعار تحركا سياسيا بحتا.

في تقريره الاقتصادي عن إيران، توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ العجز في الميزانية الإيرانية للسنة المقبلة نحو 8.6 مليار دولار، إذا تم احتساب سعر البرميل 80 دولارا، فيما بات من المتوقع أن ينخفض السعر إلى 40 دولارا، حيث سيتضاعف العجز ويصل إلى 17 مليار دولار. وزارة النفط الإيرانية توقعت أن تبلغ عوائد النفط الإيراني نحو 25.92 مليار دولار في العام المالي المقبل، وقد احتسبت حجم العائدات على مستوى 60 دولارا للبرميل، من ضمنها سعر كلفة الإنتاج، الذي يقدر بـ15 دولارا، بينما ستبلغ العوائد المالية للنفط قرابة 17.28 مليار دولار، إذا سقط السعر إلى 40 دولارا، من ضمنها كلفة إنتاج 1.2 مليون برميل، تبلغ قيمتها نحو 6.48 مليار دولار

تسابق طهران الوقت ما بين مزيد من هبوط أسعار النفط، والإسراع في إنجاز الاتفاق النووي مع مجموعة دول «5+1» من أجل الخروج من مأزقها، ورفع ما يمكن رفعه من عقوبات تؤثر على استقرارها السياسي والاقتصادي، وتهدد نفوذها الإقليمي، وترغب من خلال تسريع المفاوضات النووية في التوصل إلى اتفاق مبكر مع الدول الكبرى، يساعدها في الالتفاف على واقعها الاقتصادي، الذي سببه الهبوط المقصود لأسعار الخام حسب رأيها، والذي تعتبره مؤامرة من أجل تركيعها، وإضعاف نظامها، وإجبارها على التخلي عن الكثير من أوراق القوة الخارجية لديها.
لكن مأزق طهران مستمر، فنجاحها في المفاوضات لن يرفع أسعار النفط، والفك التدريجي للعقوبات، الذي سيترافق مع زيادة نسبة حصتها من الخام، سيضرها بسبب وفرة المعروض في الأسواق العالمية، الذي سيتسبب في مزيد من هبوط الأسعار، كما أن الدخول إلى المفاوضات تحت هذا الضغط الاقتصادي لن يكون سهلا عليها الخروج منه، فخطوة التنازلات ستبدأ في الملف النووي، ولن تحصل طهران على ثمن له أكثر من الحيلولة دون انهيار اقتصادها بالكامل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرقص على إيقاع «الخام» الرقص على إيقاع «الخام»



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 04:38 2016 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

معتقدات متوارثة عن الفتاة السمراء

GMT 18:38 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

شاروخان يعيش في قصر فاخر في مدينة مانات الهندية

GMT 12:25 2012 الإثنين ,23 تموز / يوليو

إيطاليا، فرانكا سوزاني هي لي

GMT 11:25 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

"عام غياب الأخلاق"

GMT 01:38 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

فالفيردي يحشد قوته الضاربة لمواجهة "سوسيداد"

GMT 21:23 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل مُثيرة جديدة بشأن زواج "شابين" في المغرب

GMT 18:28 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تدعم أذرع تحكم "Xbox" على إصدار Android 9.0 Pie
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca