لبنان ـ العراق... توأمة برلمانية

الدار البيضاء اليوم  -

لبنان ـ العراق توأمة برلمانية

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

من العراق إلى لبنان، يبدو أن التعطيل سيكون سيّد الموقف، فما أسفرت عنه نتائج الانتخابات التشريعية اللبنانية لا يختلف في مضمونه السياسي عما أسفرت عنه نتائج الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة.
ففي بغداد من الصعب أن تتمكن الكتل المتحالفة من تشكيل حكومة أغلبية وطنية، كما بات شبه مستحيل أن تصل الكتل المتخاصمة إلى حلّ توافقي، أما في بيروت فقد أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية أنْ لا أحد من الأطراف الفائزة يملك أغلبية دستورية، أما التوافق بينهم فيحتاج إلى معجزة، ما يعني أن البلدين قد وصلا إلى ذروة الانسداد السياسي، إذ إن العراق مُهدد بعنف أهلي إذا لجأ المتخاصمون إلى السلاح، أما لبنان فقد بات مهدداً جدّياً بعنف اجتماعي نتيجة التدهور الاقتصادي.
إذا نجح العراقيون في انتخاب رئيس لمجلس النواب قبل أن يدخل برلمانهم مرحلة التعطيل، فإن البرلمان اللبناني الجديد وُلد معطَّلاً، ومن اللحظة الأولى بعد إعلان النتائج أبدت أحزاب سياسية تقليدية عدم استعجالها في طرح التوافق على اسم رئيس المجلس، فيما أكد أغلب نواب التغيير (التشارنة) أنَّهم يرفضون في المطلق إعادة انتخاب زعيم حركة «أمل» نبيه بري، المدعوم من «حزب الله» رئيساً لمجلس النواب، وهذا ما يعزز الاحتمال أن رئاسة مجلس النواب ستبقى في عهدة رئيس السن لمدة طويلة.
تعقيدات جلسة البرلمان الأولى المرتقبة تكشف حجم التعطيل الذي ستواجهه مؤسسات الدولة اللبنانية في الأشهر المقبلة، خصوصاً أن هناك استحقاقات دستورية واقتصادية كبيرة تجب معالجتها، إذ إن أغلب الأطراف الفائزة تتَّجه للمطالبة بربط الاستحقاقات الدستورية معاً، فإذا قام الثنائي الشيعي بفرض نبيه بري مجدداً، ففي المقابل ستطالب أطراف أخرى الثنائي الحاكم في الطائفة الشيعية برفع شروطه المعطلة عن الاستحقاقات الأخرى، خصوصاً رئاسة الحكومة ومن بعدها رئاسة الجمهورية، وهذا ما قد يتسبب باشتباك سياسي محلي وخارجي، خصوصاً أن أطرافاً إقليمية تحاول ربط مصير لبنان بالتسويات الإقليمية الكبرى.
فعلياً محاولات أطراف داخلية وقوى إقليمية ربط الوضع اللبناني بالتسويات الإقليمية ستواجه عقبات كبيرة، بعدما كسرت «انتفاضة تشرين» هيبة «حزب الله»، وأدَّت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى خسارته الهيمنة على السلطة التشريعية، ما يعني أيضاً تراجع الهيمنة على باقي مؤسسات الدولة؛ وهذا ما فعلته «انتفاضة تشرين الأولى 2019» في العراق، التي دقّت مساميرها في نعش نظام 2003 ونجحت في إدخال قوى التغيير إلى الحياة السياسية، وكسرت احتكار الأحزاب السياسية المسلحة للقرار السياسي.
فخسارة هذه القوى في لبنان والعراق للأغلبية الدستورية وصعوبة تشكيل أغلبية توافقية بسبب تعارض أجنداتها الداخلية والخارجية، ستؤدي إلى شلل سياسي في العراق الغني الذي يشهد صراعاً عنيفاً على الغنائم، وفي لبنان فإن الشلل سيزيد الوضع الاقتصادي تعقيداً، خصوصاً أنَّ جزءاً من القوى السياسية المهيمنة مُصرٌّ على عرقلة الإصلاحات الضرورية. فبين فائض الميزانية نتيجة ارتفاع أسعار النفط في العراق، وعجز الميزانية نتيجة إفراغ خزينة الدولة في لبنان، يبدو أن الاستقرار الهش في البلدين قد يتعرض لاهتزازات كبيرة، إذا تمسَّكت القوى السياسية بمقارباتها لمعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية.
من الواضح أنه في كلا البلدين قد خسر ضابط الإيقاع الإقليمي قدرته على رسم المسار السياسي، وجاءت مخرجات الانتخابات التشريعية لتؤكد تراجع هيمنته، فمنذ أكثر من سنتين لم تفلح كل المساعي الإيرانية في فتح ثغرة في جدار التعثُر العراقي، ولا حتى في إدارة الانهيار في لبنان، وبعد الانتخابات التشريعية بات واضحاً أن الأزمة لم تعد مرتبطة بالتوافق على رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو شكل الحكومة ولا بالتسويات الخارجية، بقدر ما هي أزمة نظام في العراق انتهت صلاحيته، وأزمة منظومة حاكمة في لبنان لم تعد مؤهلة لإدارة الدولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ـ العراق توأمة برلمانية لبنان ـ العراق توأمة برلمانية



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 23:49 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

استنفار في بركان بسبب "هداف الشان"

GMT 02:53 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

شاب يخطف زوجته المستقبلية من أمام مركز تجاري في القوقاز

GMT 00:21 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حكومة مدريد يطلب ملاقاة الملك محمد السادس في الرباط

GMT 19:03 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح مصحة لعلاج الكلى بأحدث الأجهزة في "وجدة"

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بنك ناصر يوقع "بروتوكول" لصرف المعاشات عن طريق خدمة "فوري"

GMT 05:16 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سهلورق زودي تدعو الى مواصلة الإصلاحات وتعزيز السلام

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 12:15 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي؟

GMT 08:02 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

البنزرتي.. هل هو رجل المرحلة؟

GMT 06:24 2015 الأربعاء ,25 آذار/ مارس

أعربت لـ"العرب اليوم" عن حزنها الشديد

GMT 10:31 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في بن جرير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca