مخاطر التمدد الجهادي في جنوب وشرق آسيا

الدار البيضاء اليوم  -

مخاطر التمدد الجهادي في جنوب وشرق آسيا

بقلم - ادريس الكنبوري

عواصم بلدان المنطقة تخشى من احتمال عودة المقاتلين الذين التحقوا بصفوف داعش في العراق وسوريا، بما يشبه ما حصل إبان الثمانينات، إلا أن المخاطر اليوم باتت أكثر حدة نتيجة تطور الفكر الجهادي.تمدد التنظيمات المتطرفة

رغم مضي عام على طرد المقاتلين التابعين لتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق وسوريا” من مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو، جنوب الفلبين، بعد قتال خاضته القوات الفلبينية بدعم من الولايات المتحدة، ما يزال شبح المخاوف من تهديدات محتملة لهذا التنظيم الإرهابي يلقي بظله، في الوقت الذي سمحت فيه الحكومة الفلبينية قبل أسبوعين بعودة النازحين الذين فروا إثر سيطرة مقاتلي داعش على المدينة.

وفي ما يشبه التحذير الصريح من مخاطر التهديدات الإرهابية في جنوب وشرق آسيا، قال رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونغ، خلال قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) الثالثة والثلاثين التي انعقدت السبت الماضي، إن تنظيم داعش يسعى لجعل المنطقة ملاذا جديدا له بعد هزيمته في سوريا والعراق. وقد بحثت القمة موضوع التهديدات الإرهابية وأكدت على مزيد التعاون بين البلدان الأعضاء، بهدف التصدي للجماعات الإرهابية المسلحة الموالية لتنظيم داعش، مع التركيز بشكل أكبر على مخاطر الجهاد الإلكتروني الذي يزحف بشكل سريع نتيجة سرعة انتقال المعلومات وقدرة الجماعات الإرهابية على استثمارها للوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من المستهدفين، إضافة إلى سيناريوهات الهجوم الإلكتروني في منطقة تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الرقمية، وهو ما يمثل هاجسا حقيقيّا لبلدان آسيا

تتواجد في المنطقة جماعتان جهاديتان قديمتان، هما الجماعة الإسلامية في إندونيسيا، وجماعة أبوسياف في الفلبين، تقودان منذ عقود هجمات ضد حكومتي البلدين لدوافع انفصالية في المناطق التي تشهد غالبية مسلمة، كما هو الحال في جنوب الفلبين ذات الانتماء الكاثوليكي، ولكن الجماعتين شهدتا تطورا ملحوظا منذ ظهور تنظيم داعش وإعلان خلافته في مناطق من سوريا والعراق في العام 2014، حيث سارعت الجماعتان إلى بيعة زعيمه أبي بكر البغدادي عام 2015، في أفق التوسع أكثر وإعطاء حربهما ضد البلدين طابعا عالميا وصدى أوسع، وتعزيز صفوفهما بمقاتلين جدد لديهم ميول جهادية أو اقتنعوا بالخطاب الجهادي للتنظيم.

وإلى جانب هاتين الجماعتين الأقدم توجد جماعات جهادية صغيرة، نشأ بعضها نتيجة انشقاقات داخلهما، ويقدر عدد هذه الجماعات بما يزيد على العشرين منتشرة في الفلبين وبنغلاديش وماليزيا وإندونيسيا، سارع أغلبها إلى بيعة تنظيم داعش بين 2015 و2016، مثل “جماعة ماوتي” و“جماعة مقاتلي بانجسا مورو الإسلامية من أجل الحرية” و“جماعة أنصار الخلافة”. ومنذ إعلان خلافته المزعومة عام 2014 راهن تنظيم الدولة على تلك المنطقة للتغلغل، بسبب الخصوصيات السياسية والإثنية المحلية ووجود نسبة كبيرة من المسلمين والصراع التاريخي بين الأقليات المسلمة والحكومات المركزية في بعض بلدان المنطقة، وهو ما نتج عنه انضمام المئات من المقاتلين من تلك البلدان إلى التنظيم في سوريا والعراق، يتصدّرهم الإندونيسيون بحوالي 500 مقاتل.

ويرجع ضعف نسبة الملتحقين بالتنظيم في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا من تلك البلدان، مقارنة ببلدان أخرى، إلى رغبة داعش في إنشاء خلافة إسلامية في المنطقة قد تكون بديلا مستقبليا في حال اندحاره في العراق وسوريا، ومن ثم حاجته إلى بقاء المقاتلين التابعين له في عين المكان، وهو ما قام به خلال سيطرته على مدينة ماراوي في الفلبين في مايو من العام الماضي وإعلانها عاصمة لخلافته في منطقة جنوب وشرق آسيا. بيد أن ذلك المشروع مُني بالهزيمة بعد أقل من عام، حيث تم قتل قائد التنظيم المحلي التابع للبغدادي، إسنيلون هابيلون، في أكتوبر 2017 من طرف القوات الفلبينية، وطرد مقاتليه من المدينة.

وبالرغم من تصاعد الهجمات الإرهابية خلال السنوات الثلاث الماضية في بلدان المنطقة، وانتشار الفكر التكفيري نتيجة تمدد تنظيم داعش، إلا أن الفكر الجهادي ليس حديثا هناك. فقد عرفت المنطقة بداية ظهور الفكر الجهادي خلال الحرب الأفغانية ضد الاحتلال السوفييتي، إذ ذهب المئات من المتطوّعين من ماليزيا وإندونيسيا والفلبين وبنغلاديش للقتال إلى جانب المحاربين الأفغان، وبعد عودتهم إلى بلدانهم ما بين الثمانينات والتسعينات بدأت تظهر أولى موجات الإرهاب، حيث نفّذ هؤلاء أعمال التفجير واختطاف الرهائن للضغط على الحكومات المحلية، وشكّلوا وقودا للجماعات الانفصالية المسلحة في تلك البلدان.

وتخشى عواصم بلدان المنطقة من احتمال عودة المقاتلين الذين التحقوا بصفوف داعش في العراق وسوريا، بما يشبه ما حصل إبان الثمانينات، إلا أن المخاطر اليوم باتت أكثر حدة نتيجة تطور الفكر الجهادي وتعدد الجماعات المسلحة ووجود “مرجعية” عالمية للفكر الجهادي ممثلة في تنظيم الدولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر التمدد الجهادي في جنوب وشرق آسيا مخاطر التمدد الجهادي في جنوب وشرق آسيا



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 09:26 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

ميتش دوبروينر يتحدث عن أجمل صوره مع الأعاصير

GMT 03:35 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

لعبة "ليغو" أحدث مكونات ديكورات عيد ميلاد 2018

GMT 19:30 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

رزان مغربي تروج لعطر جديد يحمل اسمها على "فيسبوك"

GMT 15:53 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

بطلة مسلسل "أحببت طفلة" تتهرب من أسئلة الصحفيين

GMT 07:44 2013 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أرييل وينتر تشعل الأجواء بثوب أزرق ساخن

GMT 05:46 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جيسكا كوين تُبيّن سر معانتها مع العيش بطرف صناعي

GMT 15:25 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

مدارس منطقة الجوف تفعل أسبوع الشجرة الـ 39

GMT 06:50 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

Atelier Versace For Spring/Summer 2016

GMT 15:00 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يساند كاليدو كوليبالي في أزمته

GMT 15:30 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نهاية قصة أصغر زوجين في المغرب بالطلاق
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca