رسالة البغدادي وإعلان الهزيمة

الدار البيضاء اليوم  -

رسالة البغدادي وإعلان الهزيمة

بقلم - ادريس الكنبوري

الشريط الأخير الذي بثه داعش منسوبا إلى زعيمه يطرح تساؤلات بشأن البغدادي هل قتل أم أنه موجود في مكان معين بعيدا عن الاستهداف، وهل غادر في اتجاه مكان آخر أم أنه يختبئ في الموصل.

منذ ما يقرب من أربعة أشهر أعلن عن مقتل زعيم تنظيم ما يسمّى الدولة الإسلامية في العراق والشام أبي بكر البغدادي في مدينة الرقة السورية على يد القوات الروسية، وهو الخبر الذي تم تناقله على نطاق واسع في شهر يوليو الماضي منسوبا إلى مصادر روسية. وأعقبت ذلك تصريحات من مصادر عراقية في محافظة نينوى ذكرت بأن تنظيم البغدادي أصدر بيانا يعلن فيه عن مقتل هذا الأخير وعن قرب تعيين خليفته.

وطيلة الأشهر الماضية التي خسر فيها التنظيم مناطق عدة كانت تحت سيطرته وبدأ يترنح في كل مكان لم يظهر ما يشير إلى أن البغدادي على قيد الحياة أو أنه لقي حتفه. ودلت مختلف التطورات التي حصلت في المنطقة خلال الفترات الماضية على أن تنظيم داعش يتصرف دون قيادة، أو على الأقل فإن هذه القيادة فقدت تماما زمام التحكم في الأحداث الميدانية وفي بنية التنظيم ما جعله يتكبد خسائر بالجملة في سوريا على أيدي قوات النظام السوري المدعوم من إيران وروسيا وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، وفي العراق على أيدي القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، بل إن الهجمات الإرهابية التي حصلت في بعض البلدان الأوروبية وتبناها التنظيم أظهرت بأن هذا الأخير فقد نقطة التمركز التي كان يعوّل عليها وبدأ يتوجه إلى أوروبا في محاولة للتغطية على الهزائم التي يتلقاها في المنطقة، والتستر على الوضع الداخلي في التنظيم وإبعاد الشكوك حول فقدانه لزمام القيادة.

لكنّ الشريط الأخير الذي بثه التنظيم تحت عنوان “وكفى بربك هاديا ونصيرا”، والمنسوب إلى زعيمه مجهول المصير، يطرح تساؤلات عدة بشأن البغدادي، هل قتل أم أنه موجود في مكان معين بعيدا عن الاستهداف، وهل غادر في اتجاه مكان آخر أم أنه يختبئ في الموصل؟

لا يسمح الشريط بالتأكد من مصير البغدادي، فالكلمة المنسوبة إليه في الشريط يقرأها أحد أتباعه، ولا يمكن الحسم في أن تلك تلك الكلمة صادرة عن البغدادي بالفعل أم أن التنظيم نسبها إليه لإعطاء الانطباع إلى أتباعه بأن زعيمه لا يزال حيا، إن كان قد قتل فعلا وفقا للمصادر الروسية. ذلك أن تنظيم داعش يوجد اليوم في آخر مراحله بعد الضربات التي وجهت إليه إضافة إلى تشتت مقاتليه وفقدان المناطق التي كانت تحت يده وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وليس من السهل أن يتقبل أتباعه بأنهم دون قيادة لأن التنظيمات الإرهابية تدور حول الزعيم الفرد ونهايته تكون غالبا مصحوبة بافتراق شمله وانقسامه داخليا، خصوصا عندما يترافق ذلك مع هزائم متتالية يتلقاها التنظيم وفي أسوأ أطواره.

خسر تنظيم داعش العديد من المناطق التي كان يراهن عليها للتمدد، حيث فقد مدينة سرت الليبية في عام 2016 والرمادي في العراق في فبراير من نفس العام، ثم الموصل ثاني مدن العراق في يوليو من العام الجاري.

الشريط، الذي تتجاوز مدته الأربعين دقيقة ولا يعرف تاريخ تسجيله، يبدأ بتلك المقدمة الشهيرة في جميع الخطابات التي تصدرها الجماعات المتطرفة إلى أتباعها، والتي تتحدث عن مؤشرات النصر وشروطه في الكتاب والسنة، وعن خبرات التجربة النبوية في الغزوات، كنوع من التحضير السيكولوجي بهدف رفع معنويات المقاتلين والتمهيد للدخول في تفاصيل اللحظة الراهنة، ثم ينتقل إلى الحديث عن أن “إرهاصات النصر العظيم والفتح الكبير بادية ظاهرة، ولا أدلّ من ذلك من اجتماع أمم الكفر وعلى رأسهم أميركا وروسيا وإيران وغيرهم على أرض الملاحم”، ويعتبر تشكيل التحالف الدولي لقتاله عدوانا صليبيا على “دولة الإسلام”، وقال إن هذه الأخيرة قادرة على العودة إلى الأراضي التي خرجت منها على يد القوات العراقية والسورية والدولية.

ما يثير في الشريط هو ذلك الجانب المتعلق بالمراكز الإعلامية والفكرية التي أنشئت في عدد من البلدان لمحاربة العنف والتطرف والإرهاب لدى العائدين من ساحات القتال في سوريا والعراق. فقد دعت الكلمة المنسوبة إلى البغدادي صراحة إلى استهداف هذه المراكز بدعوى أن معظمها بريطاني، وهذا يؤكد بوضوح أن التنظيم بات يشكو من تراجع معدلات التجنيد بداخله ويفقد الكثير من المرتكزات الفكرية والدينية التي كان يسند إليها مشروعيته الجهادية في السابق، بقدر ما يؤكد بوضوح أيضا نجاح تلك المراكز في تجفيف منابع الإرهاب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة البغدادي وإعلان الهزيمة رسالة البغدادي وإعلان الهزيمة



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 03:25 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

تعرفي على أفضل عطر للعروس يوم الزواج

GMT 07:55 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مجموعة "سلڤاتوري فيراغامو" لربيع وصيف 2018 للمرأة المتفرّدة

GMT 14:01 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

البناطيل عالية الخصر أحدث صيحات موضة المحجبات

GMT 00:33 2018 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

شريف إكرامي يُعلن رفضه دور المُوظّف في الأهلي

GMT 12:19 2018 الخميس ,13 أيلول / سبتمبر

العالمية

GMT 20:05 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

تشكيل لجنة مؤقتة لتسيير الاتحاد المغربي للغولف

GMT 13:15 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

شباب الريف الحسيمي يستقبل في إمزورن دون جمهور

GMT 18:19 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

قارورة عطر سان لوران بتصميم ناعم باللون الوردي

GMT 05:41 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

جينيفر لوبيز أنيقة في بلوفر مخطط وسروال جينز

GMT 16:17 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حادثة سير مروعة في مرتيل كادت تودي بحياة مراهقين

GMT 05:37 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفِ أقلام حمرة الشفاه الجديدة من مارك جايكوبس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca