الثقافة الجنسية في المدارس

الدار البيضاء اليوم  -

الثقافة الجنسية في المدارس

بقلم - حلمي الأسمر

قلنا إن حياة البشر في هذا العصر تتحوسب على نحو متسارع، بما في ذلك عواطفهم وأسرهم وتجارتهم وفنهم وأدبهم وعلمهم وصحتهم، وحتى عملهم، وكل شيء من تفاصيل يومياتهم، ومع الحوسبة، ثمة عولمة لا تهدم الحواجز بين الدول، بل بين غرفة وأخرى في بيتين في قارتين!
ثمة أسر تكونت عبر الانترنت، ولطالما قرأنا وسمعنا عن زيجات تمت عبر الشبكة العنكبوتية، ويبدو أن هناك اهتماما متزايدا من قبل طالبي الزواج للبحث عن شريكة الحياة في «غرف الدردشة» وعلى المواقع التي تتيح لكل «نصف» البحث عن نصفه الاخر.
أكثر من ذلك ثمة مواقع عربية إسلامية، تتيح للمتصفح الاطلاع على أدق التفاصيل في حياتنا، وفق رؤية أخلاقية متطورة منفتحة على مصراعيها للحياة بكل خصوصيتها وسخونتها!
حوسبة العلاقة الانسانية الخاصة بين البشر بكل حساسياتها، يفتح الباب مجددا للهمس الصارخ الذي يدور حول مشكلاتنا الاجتماعية التي لا نتحدث عنها علانية، بل بصوت مخنوق مكتوم او لا نتحدث أبدا، فيما هي تلتف على رقابنا وأرواحنا بأذرع اخطبوط عظيم يكاد يخنقنا ويقتل فلذات اكبادنا ونساءنا ورجالنا وحتى شيوخنا، منذ سنوات كتبت في هذا المكان عن زواج «المسيار» وعديد من أنواع الزواج «الجديدة» التي ابتدعها العقل الجمعي المحروم، وفي كل مرة كنت أفاجأ بحجم ردود الفعل التي يثيرها هذا الموضوع، والاهتمام الذي يلقاه، وإن اتخذ كل هذا شكلا غريبا من التعبير انصب على شكل هواتف من شرائح مختلفة من القراء والقارئات يتحدثون همسا على استحياء، ولكن بشغف بين سائل مستفسر ومستهجن راقت له الفكرة إلا ان حياءه (أو حياءها!) منعه من الصراخ فرحا وهو يقول «وجدتها وجدتها»!
موضوعات الزواج والحب، والعلاقات الأسرية بين الزوج والزوجة، والأبوين وأبنائهما والأبناء فيما بينهم، موضوعات خطيرة وينبني عليها استقرار المجتمع برمته، ومع ذلك لا يزال الحديث فيها مغلفا بكثير من الرهبة والتحفظ خاصة في الاوساط المحافظة والملتزمة ولكم اهدرت حياة امرأة او رجل او فتاة ومضى عمره او عمرها وهم حبيسو اوهام او معتقدات خاطئة او أساطير، مع ان هناك حلا لكل مشكلة، ولم يخلق ربنا عز وجل البشر لتعذيبهم، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا، بل ثمة على الدوام كوة للفرج، ومندوحة للخلاص، ولكن الكارثة هنا اننا مطالبون بالاعتذار منذ مرحلة ما قبل البلوغ عن اعضائنا ونموها، وعواطفنا وتأججها، ودقات قلوبنا وأوارها واشتعالاتها، فيستبد بنا الحرمان، وتلجأ الطبيعة المكتومة لاجتراح طرق ملتوية للتعبير عن ذاتها، وهنا تقع الكارثة، مع ان الاولى شق طريق علني ومهندس جيدا لهذه الطبيعة حتى تسير فيه سلسة طيّعة راضية مرضية لا تضاد الفطرة السليمة!
قبل فترة نشر كتب الدكتور هاني جهشان،  مستشار الطب الشرعي، مداخلة على فيسبوك تحدث فيها عن ضرورة تعليم الثقافة الجنسية في المدارس، لأن النشاط الجنسي –كما يقول- مُكون طبيعي للحياة البشرية يستوجب التعامل معه بالمعرفة العلمية المنضبطة، وبالمرجعية الأخلاقية والدينية السائدة، وبالتالي تهدف هذه الثقافة لحماية الفرد الأسرة والمجتمع. المكونات الرئيسية للثقافة الجنسية تشمل المحاور الجسدية والنفسية والاجتماعية للنشاط الجنسي وللصحة الإنجابية بحيث يتم توصيل معلومات علمية حقيقية مقبولة اجتماعيا وتضبط سلوك الطلاب في بيئة الأسرة والمدرسة وعموم المجتمع، وقال إن الأدبيات العلمية أثبتت أنه لا يوجد أية فائدة من المبادرات العشوائية بتزويد الطلاب بمعلومات متعلقة بالثقافة الجنسية في مناهج علم الأحياء أو بدروس إضافية متناثرة، وإنما يتوجب على الدولة القيام ببرنامج وطني قائم على المرجعية الطبية العلمية والمرجعيات الاجتماعية والأخلاقية الدينية السائدة بالمجتمع.
أضم صوتي لهذا الرأي، وننتظر مبادرات وزارة التربية والتعليم، في عهد وزيرها المميز.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة الجنسية في المدارس الثقافة الجنسية في المدارس



GMT 08:13 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

سيّدتي لا تصدّقينا

GMT 06:20 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

الجنة تحت أقدام النساء

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 02:41 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

سؤال للازواج

GMT 15:55 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الصداقة، سعادة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 04:38 2016 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

معتقدات متوارثة عن الفتاة السمراء

GMT 18:38 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

شاروخان يعيش في قصر فاخر في مدينة مانات الهندية

GMT 12:25 2012 الإثنين ,23 تموز / يوليو

إيطاليا، فرانكا سوزاني هي لي

GMT 11:25 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

"عام غياب الأخلاق"

GMT 01:38 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

فالفيردي يحشد قوته الضاربة لمواجهة "سوسيداد"

GMT 21:23 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل مُثيرة جديدة بشأن زواج "شابين" في المغرب

GMT 18:28 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تدعم أذرع تحكم "Xbox" على إصدار Android 9.0 Pie

GMT 13:34 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تأجيل النظر في قضية مغتصب الأطفال في فاس

GMT 07:40 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

علماء يبتكرون إبرة تصل إلى الدماغ لتنقيط الأدوية

GMT 17:20 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

"الحوت الأزرق" بريء من انتحار طفل في طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca