ربي يقوي عزايمك يا يمه ...

الدار البيضاء اليوم  -

ربي يقوي عزايمك يا يمه

بقلم :الاعلامي علي حياصات

منذ أيام وانا انتظر ان تطلب مني أمي أن اشتري لها مستلزمات صنع المعمول ..السميد ..وحبات الجوز والعجوة... .. في كل ليلة اتحدث امام امي عن روعة المعمول ..وايهما أطيب طعما....وكيف يصنع المعمول ..لعلي احرك في قلبها ما سكن ..لعلي اجعل الذاكرة في ذهن امي ترتج..وتتذكر عمل المعمول ..واستعدادات العيد ..وتطالبني بمستلزمات المعمول .. اليوم نادتني امي ...ففرخت ..وقلت الان ..... قالت لي ...لاتنسَ اغراض العيد ففرحت بأن ذاكرة الفرح عادت من جديد ...او لم تخُن ذهن امي الذاكرة ..لايام العيد ولكنها ذكرتني بالقهوة السادة وحبات الهيل .. لملمت كل شجاعتي..وقررت أن اطرح سؤالي عليها .. متى راح تسوي معمول ..

يوم أمس القيت سؤالي وانا منشغل بحبات المسبحة التي ترتديها يداها ليلا ونهارا وهي خير شاهد على دعوتها لنا واستغفارها ... ...وعن من هم تحت التراب في عليين ان شاء الله .. سالتها ....متى بدك تسوي معمول ... لكن جوابها صدمني...وشعرت بأن الدنيا حملتني وقذفتني في يباب البحر ..تعرقت ونزلت حبات العرق من جبيني بكاء ووجعا قالت لي ..."يمه المعمول بده عزايم..بده نواجد ".. لم اعرف يوما أن العزايم تفتر من الوجع ومع سنوات العمر ومع شقي الأمومة وتربيتنا وسهر الليالي على راحتنا .. لم اعرف ان العزايم تنزف من بين أصابع امي .. مازلت أذكر ايام ما قبل العيد ..كيف نغوص جميعنا في عجينة المعمول ..وكيف نلعق اصابعنا بما علق فيها من عجوة ...وكيف نسمع طرق قوالب الخشب المعمول على المفرمة او سدر الألمنيوم..

ولا زلت اذكر كيف نستعير ونتبادل مع جاراتنا قوالب المعمول ...كيف نميز النقاشات في القالب ..فلكل بيت له نقشة .. حتى سميت قوالب المعمول باسماء أمهات الحي ...وضاع اسم الوردة والنقشة.. لقد أدركت يا امي معنى العزايم ..ومعنى النواجد التي ذابت من بين أصابعك..ونحن السبب ...كيف اتعبنا يديك الطاهرتين ونحن السبب.. مازال عالقا في ذهني كيف هي ليالي العيد ..كيف تكون سعادتنا في ليالي العيد ..وكيف تتباهى أمهات الحي بشكل حبة المعمول .. كيف استنشق عبق شوي الكيك والمعمول من اول الحي ...وصوت هدير الفرن العربي يضج في الطرقات .. أدركت يا امي ان الزمن قد وانتصر على عزايمك..واتعب نواجدك.... أدركت أن الرجفة التي على أطراف أصابعك...وعلى قدميك التي تحتهما الجنة ..ترتجفان ...تعبا ...من قلة العزايم وادركت ان العكاز والوكر خدعة من الاطباء للمحافظة على ما تبقى من العزايم أدركت كم كبرت يا امي ولم نلحظ سنوات العمر لان حبك لنا ..وعطاءك لم يتوقف على الرغم من قلة العزايم . استحي من عزايمك يا يمه ومن نواجدك..ان تعتب علي او ان احرجها اذا ما اشتريت حبات المعمول من المحلات .. اخجل من عزايمك ان تظن اني خنتها بالغيب ...او أن ثقتي بها قد تاهت .. اخجل ان يعاتبني حبك لي ..لاني تخليت عن هذه العزايم ... تاه بي الفكر ..لا اعلم كيف سيكون العيد ..بدون عزايم امي .. ولكن امي اختصرت علي الطريق .. ونادتني .. يمه ..لاتنسَ تجيب لنا معمول من المحل.. عجوة ..وجوز... أدركت حينها..ان امي تعبت ..ومازالت تخاف علي ان احزن..

ولكن عندما سألني ابني ايش يعني العزايم والنواجد ... صمتت طويلا ..ولم اعرف من أين أبدأ... وكيف اشرح له سنوات العمر .. ربي يقوي عزايمك يا يمه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربي يقوي عزايمك يا يمه ربي يقوي عزايمك يا يمه



GMT 13:28 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

فصل من مذكرات الصحفي التعيس

GMT 14:11 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

الاعلام الايجابي والاعلام السلبي

GMT 13:44 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

خانه التعبير واعتذر.. فلِمَ التحشيد إذن!

GMT 04:49 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

الجريدة بين الورقية والالكترونية

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 12:47 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

صحافة المنزل

GMT 22:35 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

الضبط الذاتى للصحافه والاعلام

GMT 08:40 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

بيت بيوت

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:19 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بناء منزل مقوس يشبه ثعابين الريف الإنجليزي على يد زوجان

GMT 14:05 2021 الجمعة ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد الريفي يكشف تفاصيل معاناته بعد انتشار فيديو له

GMT 06:08 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

إبراهيم نصر طاقة فنية كبيرة لم تستغل بعد

GMT 06:31 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 08:31 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف مبتكرة في عام 2018 لإطلالات جريئة للعروس

GMT 03:46 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

وقف احتساب علامات دورة الحاسب الآلي في مدارس بريطانيا

GMT 18:55 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

التليفزيون المصري يعرض مسلسل "وكسبنا القضية" المميّز
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca