الإبداع بين الانتاج والترويج

الدار البيضاء اليوم  -

الإبداع بين الانتاج والترويج

آن الصافي

عدد لابأس به من الإصدارات الأدبية والثقافية تعتلي مصاف الأرفف الأولى في المكتبات، بسبب حصولها على جوائز أو التسويق الجيد لها. بطبيعة الحال قطاع المكتبات، يجب أن يعمل على الترويج على نمط الكتب الأكثر مبيعا،ً وكأي قطاع خدمي يهدف لجني الأرباح المادية ويمارس على نطاقه الصفقات المعلنة وغير المعلنة بينه وبين دور النشر والموزعين وقنوات التسويق. هذا أمر جيد ما لم يخل بالقوانين المتعارف عليها.

إذن قطاع الكتابة وما يرافقه من خدمات يعج بالكثير  من الأمور التي تطلب تضافر القائمين عليه لنشر وعرض وترويج ما يكتب بالشكل الذي يعود بريعه الطيب. هذا كما في كل الأعمال الإبداعية التي تقوم حول منتج المبدع (رسم، تمثيل،غناء، كتابة،...الخ) إلى لحظة وصوله إلى المتلقي. في الغالب هناك مرحلة مهمة يتولاها الحقل الصحفي والإعلامي بهدف ترويجي يعد المتلقي لما سيعرض له.

في صيغ التفضيل المسبوق ب (ال) التعريف التي تاتي قبل إسم المبدع أياً كان، نجد كثرة استخدامها من قبل المروجين سواء في الصحافة أو الإعلام أو شبكات التواصل الإجتماعي سواء لمنتج المبدع أو للمبدع ذاته، مثل: الأكبر/الكبير الأنجح الأشهر/المشهور الأفضل الأحسن .....  
لا ضير في ذلك؟

هنا وقفة عزيزي القارئ لمدلولات تستوجب الانتباه إلى أن هكذا استخدامات لغوية تُري شغف المفاضلات في المجتمعات  والذي يجعل المتلقي مشرئب العنق متمعناً  للاسم المروج له قبل عمله في كثير من الأحيان، لنصل لنتيجة واحدة: التصنيفات الغير موضوعية فقاعة تُكتشف من قبل المتلقي طال الزمن أم قصر. وهذا بالطبع يفقد مصداقية حلقة القنوات الداعمة للمنتج الابداعي والمبدع نفسه.

هذا التفاضل المبني بعاطفة المفاضلات الغير علمية والتي تعتمد على ذائقة/رأي/مصلحة أفراد وجهات أياً كانت تؤذي في الصورة العامة المساهمة في ترويج منتج ليس كما تم نعته بكلمات ترغب في الإقبال عليه.  
يؤطر قطاع الخدمات بأنواعها في الكثير من الدول بمرادف مؤسسي لحماية المستهلك. هذا يشير إلى وعي الجهات المختصة بقيمة الفرد في المجتمع؛ بالإضافة إلى الحرص على الصورة العامة في تلك الدول  للحفاظ على قيم بعينها يخضع من ينتهكها للمُساءَلة القانونية.
 
ماذا عن قطاع الانتاج الإبداعي؟
نعم القضية شائكة جداً وتطلب  قبل كل شيء  وعي من المستهلك،  أعني المتلقي ولكن ليتم ذلك بشكل جمعي يتطلب أن تكون هناك ثقافة توعوية من الجهات مختصة توقف إستخدامات صيغ مطلق التفضيلات في الترويج للأعمال الإبداعية والمبدعين بشكل ساذج، والذي حتماً يؤثر في رأي المتلقي ولو لوقت وجيز، ويضر ببقية ما يعرضه المبدعين بشكل إقصائي من المشهد الثقافي، ولا يتيح تناول منتجهم بشكل متساوي، فينالوا حظ الانتباه لوجوده كما غيره. لم لا تكون هناك حيادية من قبل المروجين للحديث عن المنتَج قبل المنتِج بشكل موضوعي  يسرد عن كلاهما ماشاء ولكن مع تجنب إستخدام صيغ التفضيل المطلق المعرضة كلاهما؛ المنتَج والمنتِج لخطر السقوط.

التجربة خير برهان:
يمكنك عزيزي القارئ أن تستحضر من ذاكرتك أو أمام بحثك بالشبكة العنكبوتية لنماذج عدة سواء في اقليمنا العربي وغيره لأسماء: عازف/أغنية /ممثل/رواية/ديوان/فيلم...الخ  سبق ظهور/تدشين المبدع ونتاجه الإبداعي حشد جيد من الترويج ولكن بعد أن واجه وعي المتلقي كانت النتيجة محصلة غير موازية للدعاية والطموحات المرجوة. حتى وإن كان هناك نجاح أهل المبدع و/أو عمله للوصول إلى المصاف الأولى  وهو ليس أهل له، سيأتي وقت لشريحة من المتلقين وتكشف عن هذا الإدعاء والمحصلة بالتأكيد لن تكون في صالح المنتَج والمنتِج ولا من انتقى العمل ووضعه أمام المتلقي كمحكم أو ناقد أوصحفي أو إعلامي أو حتى مدعيي الثقافة بغرض الترويج.

الثقة أمر يُبنى على خبرة، والجودة بتفاوت درجاتها تطلب معيار/معايير في كل ما يعرض لتصنيف مركزها في قائمة موضوعية يرتكز عليها المتلقي أياً كانت خلفيته الثقافية.
ما يبنيه العلم لا يغيره إلا العلم! هكذا نهج الطبيعة في تطور حياة الإنسان، القائم على أمر الفكر والإنجاز الهادف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبداع بين الانتاج والترويج الإبداع بين الانتاج والترويج



GMT 10:18 2023 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

مجانية الالقاب على جسر المجاملة أهدر قدسية الكلمة

GMT 12:12 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 18:10 2022 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

أنور الخطيب لمحمود درويش: إذن..لماذا خرجت

GMT 14:57 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

التنوع الثقافي لا يُفسد للود قضية

GMT 14:45 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

" واقتلع الشوق ماتبقى مني "

GMT 14:00 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رقي الإمارات سرها وسحرها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 00:01 2018 الأربعاء ,16 أيار / مايو

دجاج على الطريقة الصينية "دجاج كانتون"

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الارشيف الوطني ومشجب أسرار الدفاع الوطني

GMT 03:34 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

طرح منزل الكشافة بادن باول للبيع مقابل 3.5 مليون استرليني

GMT 16:43 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

متشرد يوقف "طرامواي’" الدارالبيضاء في الحي المحمدي المغربي

GMT 11:24 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان حسن كامي والفنانون ينعوه برسائل مؤثرة

GMT 06:35 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر نفط عُمان يرتفع الى 71.14 دولار الخميس

GMT 12:44 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هوجو جاستون يحرز ذهبية التنس في أولمبياد الشباب

GMT 07:00 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان ظلال الجفون "الصارخة" تسيطر على موضة الخريف

GMT 22:22 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

اكتشفي طرق سهلة و مريحة لتنظيف أواني الطهي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca