"الذهب غالي"..

الدار البيضاء اليوم  -

الذهب غالي

بقلم: يونس الخراشي

الذهب ليس ترابًا. ولأجل ذلك يستوجب البحث عنه وسط التراب عملا شاقًا جدًا، وترتيبات خاصة ودقيقة. كما أن العثور عليه وسط أطنان التراب ليس هو نهاية المطاف، بل هو البداية لرحلة أخرى تنطلق تحت رعاية أهل الاختصاص، من متحققين من جودته، مرورا بمن يجيدون كيه ليبقوا على خلاصته، وصولا إلى المتفننين في نقشه وتزيينه، ليعرض سلعة غالية الثمن في الأسواق، تجذب إليها العيون.

في الوثائقيات الرائعة التي عرضتها، وما تزال، قناة "ناشيونال جيوغرافيك"، حول هذا المعدن الغالي، الذي تدور حوله الحروب الكبرى بين الناس والدول معا، يخلص المرء دائما إلى أن الذهب يمتلك سحرا خاصا للغاية، ولذلك يرتفع ثمنه باستمرار، ويعتبر مطلبا لكل دول العالم، التي لا تجد بدا من امتلاك احتياطي يجعلها في مأمن من غوائل تقلبات الموازين الاقتصادية.

الذهب الأولمبي يمتلك السحر نفسه، بل وحتى السعر نفسه أيضا، وربما أكثر. ولذلك فمن يرغبون في الحصول عليه يتعين عليهم أن يدركوا قيمته، وأنه ليس ترابا حتى يكون رهن أي كان، بل هو معدن نفيس، يستوجب الوصول إليه بحثا طويلا ومتعبا عن الكفاءات بين ملايين الناس، والتحقق من قيمتها، وصقلها من لدن أهل الاختصاص، ثم وضعها رهن إشارة من يتفننون في نقشها، حتى تكون يوم العرض الأولمبي جاذبة للعيون، ومستحقة لثمن غال جدا.

في المغرب هناك اليوم من لا يزال على اعتقاده بأن الذهب الأولمبي شيء في المتناول، ويمكن لأي كان، بقليل من التدريب، وشيء من الحظ، أن يطوق به العنق في الألعاب الأولمبية، وهو ما يجعله بالفعل رخيصا في نظر من يعنيهم الأمر، من مشرفين على الوزارة الوصية، إلى المسؤولين في الجامعات، إلى من هم دونهم في المسؤوليات، وصولا إلى الرياضي الذي غالبا ما يصطدم طموحه المشروع مع خصوم أقوياء في الأولمبياد، فيتحطم حلمه تحت قوة الواقع.

الألعاب الأولمبية، حسب المنطق الواقعي، "حرب رياضية سياسية قوية حول الميداليات الذهبية" بين القوى المشاركة في الأولمبياد. وسبورة الترتيب رهان كبير جدا بين تلك القوى، ولا يجد طريقه إليها إلا المتفوقون في كل نوع رياضي. ومن يملكون الموهبة لا يمكنهم بالضرورة الوصول إليها، بل من يملكون أشياء أخرى، ضمنها الإعداد الجيد؛ بدنيا وتقنيا ونفسيا ولوجيستيا، وأكبر مثال على ذلك العداء الأميركي ماتيو سانتروويتز، الذي قهر أقوياء سباق 1500 متر بفضل الإعداد النفسي الجيد، أكثر منه الإعداد البدني والتقني.

بكلمات أخرى. إن من يقول للمغاربة اليوم إنهم قد يفوزون في الألعاب الأولمبية المقبلة، التي ستنظم سنة 2020 في طوكيو اليابانية، بميداليات، سيبيعهم الوهم، لأن الفوز بالميداليات، والذهبية منها على وجه الخصوص، يستوجب عملا في العمق، طويل الأمد، وتحت إشراف أهل الاختصاص، وبمنطق العلم، والواقع، وإلا فلن يكون الحال إلا كما كان عليه في دورة ريو دي جانيرو.
رحم الله شوقي، وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا؟
إلى اللقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذهب غالي الذهب غالي



GMT 03:40 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

الكذب المفيد في "الجيش" العتيد

GMT 21:10 2017 الإثنين ,24 تموز / يوليو

عيان × ميت

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 17:07 2022 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الوداد المغربي يستعيد لاعبين بارزين قبل دوري الأبطال

GMT 18:37 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

الصحابية عاتكة بنت زيد زوجة الشهداء

GMT 18:50 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

طبيب المنتخب الإماراتي يمنح محمد عبدالرحمن راحة سلبية

GMT 20:56 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"عفة" تقدم مجموعة عباءات بتصاميم مبتكرة للشتاء

GMT 08:56 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم و أبرز اهتمامات الصحف المصرية الصادرة الجمعة

GMT 06:34 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فورد تخوض غمار سيارات الهاتشباك بـ مونديو استيت 2017

GMT 14:30 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:07 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إدارة سجن وجدة تُصدر بيانًا بشأن ادّعاءات اغتصاب راقي بركان
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca