ترنيمة وداع على إيقاع الرحيل القسري

الدار البيضاء اليوم  -

ترنيمة وداع على إيقاع الرحيل القسري

بقلم : مصطفى المانوزي

لصديقي زهير  التيجاني .

قال لي صاحبي : " كن متسامحا "

قلت : " كيف ؟ "

أجاب : " علم خصمك ألا يكون قاسيا "

عقبت : " وكيف لي أن أحقق ذلك ؟ "

رد : " حرم عليه أن يكون فظا "

حيرني فقلت له : " وما الفرق بين القسوة والفضاضة ؟ "

فتح صفحة في القاموس وطلب مني قراءة المعنى لغة " معنى القسوة لغةً:

القسوة اسم من قَسا القَلْب يَقْسُو قَسْوة وقَساوة وقَساء، وهو غلظ القلب، وشدَّته، وهو قاسٍ وقَسِي على فعيل، وأقساه الذنب، ويقال: الذنب مقساةٌ للقلب، والقَسْوَةُ الصلابة في كل شيء، وأصل هذه المادة يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ وَصَلَابَةٍ "

قلت له : " هذا يؤلمني أكثر "

غادر المكان مرددا : " أليافك العصبية متوترة "

توسلته أن ينتظر فرددت وراءه : " عفا الله عما سلف "

عاد مسرعا بعد أن تلقف سمعه عبارتي وقال : " المشكلة أنك قد تسامح ولن تنسى "

عقبت ببداهة : " المهم أنني لست حاقدا ولا حقودا ، وحتى حقدي الطبقي تبخر منذ حجز  البوليس من خزانتي مؤلفات لينين وأحرقوا كتاب المادية الجدلية الذي تعلمت منه ، وعن ظهر قلب ، قانون وحدة وصراع المتناقضات وقانون نفي النفي وقانون تحول الكم إلى كيف ".

اردف : أراك لم تعد صامدا ، كما عهدناك !

أدخلت كفي الى قلبي العميق وجذبت بقوة صكا من رف سيرتي ، كما يستل السيف من غمده ، وسلمته اياه  ، عبارة عن مقال راكمته عبر تدوينات . ففضل أن يقرأه جهرا في عز الظهيرة : " أن الصمود موضوعي قبل أن يكون ذاتيا ، الصمود سياسي بقدر صمود المحيط ، بما يعني أن الجسد لا يقوى على استيعاب الألم واحتوائه ، ما عدا اذا التف العقل على المعاناة باستشراف المستقبل وبالوعي بتفاصيل الواقع الموضوعي ، فليست الية التحليل الملموس للواقع الملموس سوى احدى وسائل تركيز هذا الإيمان بموضوعية الصمود ، 

 فالعمل الحقوقي ، وان كان يبدو انه مجرد عمل إصلاحي ، فانه يتطلب كثيرا من الاجتهاد والتكوين والتواضع من أجل تطوير مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان بتمثل أدوات معرفية ومهنية ، بعيدا عن ثقافة الأسطورة والنرجسيات والبطولات والتباهي لنيل رضا جهات معينة أو الحصول على ريع أو نياشين وتسييس المقاربة بلعب دور الوكالة عن العمل الحزبي أو الدولتي ، فليست العبرة بادعاء من يعارض أحسن أو من يصمد أفضل ويمانع أكثر ، فالفعل الحقوقي مجاله إصلاحي وسقفه ليبرالي ، وبالتالي فمن الحكمة تقييم المنجزات على أرض الواقع وتشخيص الوقع الإنساني والسياسي والاجتماعي الذي يخلفه كل إجراء خارج منطق المعارضة والصدامية والمظلومية حتى . وإن كل محاولات فرض سياسة الأمر الواقع بعلة امتلاك الحقيقة دون التمعن مليا في مدى جدية ومصداقية هذه الحقيقة الإعلامية المغرضة ، من شأنه التأسيس لوهم المواطنة الامتيازية التي تتعالى على حق الآخر في الوجود والتنافس الشريف ، وما الحل سوى تمثل ثقافة الاعتراف الاجتماعي كمفهوم جديد للعدل وصون الكرامة ، بعيدا عن كل وصم وتخوين وتكفير وتحقير وترهيب فكري ضد من يختار خطه المناسب وفق لقاعدة " التسامح مع الخطأ في الممارسة دون الخطأ في المبدأ ". إن هذا ما يدل على أن الصمود هو صمود المشروع المحمول وليس صمود حامله ، والعمل الحقوقي تدبير وتدبر جماعيين ، وإن كان بعض الرأي الشاذ يعتبر كل صرخة في الهواء ، نضالا حقوقيا بامتياز ، يصير بفضلها الصارخ ضحية ، وبقوة الواقع ينال صفة مدافع عن حقوق الإنسان ، ضدا على قانون اشتراط التواتر والأهلية والكفاءة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترنيمة وداع على إيقاع الرحيل القسري ترنيمة وداع على إيقاع الرحيل القسري



GMT 01:00 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 21:38 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 07:46 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 00:01 2018 الأربعاء ,16 أيار / مايو

دجاج على الطريقة الصينية "دجاج كانتون"

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الارشيف الوطني ومشجب أسرار الدفاع الوطني

GMT 03:34 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

طرح منزل الكشافة بادن باول للبيع مقابل 3.5 مليون استرليني

GMT 16:43 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

متشرد يوقف "طرامواي’" الدارالبيضاء في الحي المحمدي المغربي

GMT 11:24 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الفنان حسن كامي والفنانون ينعوه برسائل مؤثرة

GMT 06:35 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر نفط عُمان يرتفع الى 71.14 دولار الخميس

GMT 12:44 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هوجو جاستون يحرز ذهبية التنس في أولمبياد الشباب

GMT 07:00 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان ظلال الجفون "الصارخة" تسيطر على موضة الخريف

GMT 22:22 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

اكتشفي طرق سهلة و مريحة لتنظيف أواني الطهي

GMT 07:08 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

تعرف على سبب تسمية الجامع الأزهر

GMT 04:42 2018 الخميس ,14 حزيران / يونيو

حجز أدوية مهربة وغير مرخصة في بني ملال

GMT 17:41 2018 الأحد ,27 أيار / مايو

نجوم الكرة يتعاطفون مع النجم صلاح

GMT 08:51 2018 السبت ,19 أيار / مايو

6 حلول فعالة لعلاج قشرة الشعر الموسمية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca