د رامي الحمد الله ..أنشأ مؤسسات الدولة الفلسطينية

الدار البيضاء اليوم  -

د رامي الحمد الله أنشأ مؤسسات الدولة الفلسطينية

بقلم : اياد العبادلة

يكمن نجاح أي مؤسسة على الكرة الأرضية عندما تبدأ فعليًا توظيف جُلِّ استثمارها في الانسان، الذي بدوره يشكل اللبنة الأساسية في عملية البناء المجتمعي السليم، من الأسرة النواة حتى الوصول إلى مجتمع متكامل، يُسخر كل الظروف المحيطة به من أجل الوصول إلى أهدافه وتحقيقها بالتكيف مع عناصر الطبيعة، والبقعة الجغرافية، والعلاقات، والقوانين والضوابط، فبدون الإنسان السليم لا يمكن لأي مجتمع أن يبني نهضته العمرانية والتجارية والاقتصادية والزراعية والثقافية، والحفاظ على ارثه الحضاري والثقافي وتاريخه النضالي وسن تشريعاته وقوانينه وفق الأنظمة التي تلائم بيئته وتحكم علاقاته مع الآخرين.

الاستثمار في الإنسان.. كان الهدف الأول لرئيس حكومة الوفاق الوطني، د. رامي الحمد الله الذي اهتم بكل التفاصيل الدقيقة من أجل النهوض بالمجتمع الفلسطيني، والذهاب به نحو ترسيخ البناء وتجهيز المؤسسات التي تشكل عماد الدولة، والنهوض بها من سلطة إلى دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة كاملة على كل مواردها والاعتماد الذاتي عليها بتشجيع النمو الاقتصادي والصناعي والتجاري والزراعي والثقافي، وتقليل حجم الواردات مقابل زيادة ملحوظة في حجم الصادرات والتي بلغت مؤخرًا المليار دولار.

منذ تسلمه خزينة الدولة وادارته الحكيمة لمؤسساتها، عمل على مكافحة الفساد بكل السبل، واجتهد وأصاب في تقليل المصروفات، وتغطية حجم الديون المتراكمة على الحكومات التي سبقت حكومته والتي بلغت مئات الملايين من الدولات للبنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية نتيجة اعتماد سلفه على القروض التي اغرقت الشعب الفلسطيني في ديون من أجل تغطية مصاريف حكوماتهم السابقة، فأول قرارته أن شرع في تقليل حجم المصروفات، واتجه بخط متوازي في البحث عن الموارد الفلسطينية واستثمارها ذاتيًا موفرًا لذلك منح وتسهيلات من أجل النهوض الاقتصادي ودفع عجلة التنمية في شتى المجالات.

ركَّز في بداية توليه ادارة الحكومة على القطاع الصحي والنهوض به، والذي شمل الإنسان والمؤسسات الطبية، من خلال ابتعاث الأطباء والمختصين إلى الخارج لتلقي العلوم الطبية الحديثة، واستقدام أمهر الأطباء الفلسطينيين لتوظيف علمهم وجهدهم في القطاع الطبي داخل مستشفيات الوطن، إضافة إلى تطوير كافة أقسام المستشفيات ورفدها بأحدث الأجهزة الطبية المتطورة في العالم، وتقنين مصروفات العلاج بالخارج في مستشفيات الداخل المحتل، ودعم مستشفيات القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وترسيخ صمودها في وجه الاحتلال، عبر اقتطاع منحها من ميزانية الحكومة، بالرغم من المعيقات والعراقيل الذي وضعها ولازال يضعها الاحتلال في طريق عمل حكومته.

للأمانة التاريخية والنضالية، شهدنا في عهد حكومة الحمد الله افتتاح عدد من المستشفيات، شملت تخصصات نادرة، فضلًا عن تخصيص مستشفيات لأمراض العصر المستعصية مثل السرطان وتركيب الأطراف، ومستشفى تخصصي للعيون مجهز بأحدث التقنيات والأجهزة المتطورة في العالم، وبالرغم من كل ذلك لم ينسى المناطق المهمشة ومناطق "ج" من دعمها بإقامة مستشفيات وعيادات رعاية صحية والعمل على تطوير الخدمات فيها، وتعزيز صمود المواطنين فيها من أجل مواجهة التوسع الاستيطاني التي تهدف إليه حكومة الاحتلال اليمينة المتطرفة، وبالرغم من الإنقسام البغيض وسيطرة حماس على القطاع إلا أنه ورغم كل الظروف الصعبة التي واجهتها حكومته من عدم تمكينها من العمل في قطاع غزة، وفر كل الامكانيات المتاحة صحيا وطبيًا لمستشفيات غزة، ورفدها بكل المستلزمات والمستهلكات الطبية، وعزز من صمودها في ظل الحصار الخانق الذي عانى منه قطاع غزة على مدار قرابة 13 عامًا.

وشهد التعليم في عهده نقلة نوعية، ومرحلة هامة تميزت بالإنجازات على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، وتفوق عدد من المعلمين بالحصول على مراتب التمييز وكرموا على انجازاتهم عدد من بلدان العالم، إضافة إلى تطوير التعليم والرقي به في كافة محافظات الوطن، وتطوير المناهج بما يتناسب مع الاحتياجات العصرية لمواكبة التطور التكنولوجي والحضاري في العالم.

وشرع منذ توليه إلى جانب تطوير التعليم، إنشاء العديد من المدارس، التي أسهمت بشكل فعال في انتاج جيل نافست به فلسطين كل الدولة وسجلت تفوقا كبيرا، وخففت من الأعباء على الطلبة واستوعبت أعدادًا كبيرة من المدرسين الامر الذي ساهم في تقليل نسب البطالة في الدولة ودعم المسيرة التعليمية.

وعزَّز خلال توليه دعم المنتوجات المحلية، ودعمها بكل السبل من اجل تنمية عجلة الاقتصاد، التي ساهمت في تقليل حجم الواردات، وزيادة ملحوظة في حجم الصادرات تعدت المليار دولار، وهو رقم يُسجل للمرة الأولى في تاريخ فلسطين، رغم حصار الاحتلال الخانق وتقطيع أوصال المدن والمحافظات في الضفة الغربية ومصادرة الاراضي لصالح الاستيطان العشوائي والبؤر الاستيطانية، إضافة إلى دعمه الزراعة الوطنية، ووقوفه إلى جانب الفلاح والمزارع في فتح الأسواق العالمية أمام تصدير المنتجات الفلسطينية، بالجودة العالمية، وتشجيع انشاء المصانع ودعمها من أجل منافسة الصناعات الأجنبية وتنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، وتوفير كل ما يلزم لدعم صمود الصناعيين والتجار، وحماية أملاكهم باتفاقيات دولية وتسهيل حركتهم عبر المعابر، ومنحهم امتيازات واسعة ساهمت في دفع عجلة النشاط الاقتصادي.

ولم يغب عنه الإرث الثقافي والحضاري والتراثي، وناضل من أجل احتضانها داخل الوطن، وخصص قصر سردا في رام الله لإنشاء أكبر مكتبة تاريخية في فلسطين، تضم كل موروثنا الثقافي والحضاري الذي كان متناثرًا على أرفف مكتبات دول العالم، ترسيخا لهوية شعبنا النضالية، ودحض روايات الاحتلال ومحاولاته النيل من ثقافتنا وحضارتنا وتراثنا الوطني، "فحضارات الأمم تقاس بما تتركه من ثقافة وفنون"، وشهدنا في عهده احياء الندوات الثقافية والمسرح والفنون التراثية وغيرها من الانجازات التي تحسب لهذا الرجل خلال ادارته الحكيمة لمؤسسات الدولة.

ورغم المعيقات والعراقيل، لا أحد يستطيع أو يَقوَى على إنكار انجازاتها الوطنية وتطلعاته الكبيرة التي عكست حبه وعشقه لتراب وطننا الغالي فلسطين الحبيبة، واسهاماته المباشرة في تأسيس مؤسسات الدولة وانشاؤها على أكمل وجه، في مرحلة الانتقال من السلطة إلى الدولة الفلسطينية، بعد أن حصدت فلسطين بأغلبية ساحقة الاعتراف بها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة بتاريخ 3 أغسطس من العام 2018.

وأختم مقالي بحديث صحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد رُوِيَ عن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، قال: " لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ"، ونقرأ في تفسير الحديث للإمام الخطابي أن "هذا الحديث فيه ذم لمن لم يشكر الناس على إحسانهم، وفيه أيضا الحث على شكر الناس على إحسانهم، وشكر الناس على إحسانهم يكون بالثناء عليهم وبالكلمة الطيبة وبالدعاء لهم"، ومن منطلق الاقتداء بسنة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وجب علينا تقديم الثناء والشكر لدولة رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله على انجازاته خلال فترة توليه الحكومة الفلسطينية وادارته لشؤون المواطنين والدولة الفلسطينية.

لذا نتمنى على سيادة الرئيس محمود عباس أن يُعيد تكليفه رئيسا للوزراء من أجل استكمال خططه في بناء ما تبقى مؤسسات الدولة السيادية والإنسان حفاظًا على مقدرات الوطن الغالية، ومن تجربتنا خلال توليه الأمانة الوطنية أثبت أنه الأكفأ لها والأمين الحريص على الوطن وأبنائه.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

د رامي الحمد الله أنشأ مؤسسات الدولة الفلسطينية د رامي الحمد الله أنشأ مؤسسات الدولة الفلسطينية



GMT 00:19 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

اليمن والحاجة لإعادة إعمار القيم

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 08:07 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

منحوتات باتريشيا بيتسينيني تحصد شهرة عالمية كبيرة

GMT 22:58 2014 الأربعاء ,06 آب / أغسطس

أفكار لاستغلال سطح المنزل في الصيف

GMT 17:10 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط قتلى وجرحى بسبب انطلاق موسم القنص في المغرب

GMT 06:25 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

علماء على بُعد خُطوات مِن إنتاج "أجنة صناعية"

GMT 06:36 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

الحكومة تتراجع عن الرفع من التعويضات العائلية

GMT 12:54 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

منتخب تونس لليد يستعد لدورة ألعاب البحر المتوسط

GMT 21:03 2018 الأحد ,15 إبريل / نيسان

توقيف 10 شباب من أصول مغربية في إيطاليا

GMT 06:27 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

أفضل الطرق للحصول على التغذية لشعر صحي وجذاب

GMT 18:23 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

مصر ضيفة شرف في الدورة 24 لمعرض الكتاب في الدار البيضاء

GMT 15:29 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

رافايل نادال يُؤكِّد انسحابه مِن بطولة بريسبان للتنس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca