الرئيسية » تقارير خاصة
صندوق النقد الدولي

الرباط - الدار البيضاء

قرّر المغرب أن يُسدد بشكل مسبق جزءًا من قرض حصل عليه من لدن صندوق النقد الدولي؛ وهو ما أثار الكثير من الأسئلة، خُصوصاً أنه يأتي في ظل ظرفية اقتصادية صعبة ناتجة عن أزمة فيروس “كورونا”.ويأتي هذا القرار غير المسبوق في تاريخ المملكة في وقت لم يتم فيه بعد تنزيل خُطة الإنعاش الاقتصادي بغلاف مالي قدره 120 مليار درهم، واستمرار الشكوك وعدم اليقين حول تطور الوباء وما يفرض ذلك من حذر.

وكان المغرب قد قرّر استخدام “خط الوقاية والسيولة” في أبريل الماضي، والذي يُتيح له سحب 3 مليارات دولار قابلة للتسديد على مدى خمس سنوات؛ وهو ما مكنه من دعم رصيده من العملة الصعبة في ظل انحسار مصادرها الرئيسية، على رأسها السياحة والصادرات.

و”خط الوقاية والسيولة” هو أداة وقائية مصممة من قبل صندوق النقد الدولي لتلبية احتياجات السيولة لدى البلدان الأعضاء، التي تمتلك أساسيات اقتصادية سليمة؛ لكن لديها بعض مواطن الضعف المتبقية.

ويُتيح هذا الخط الحُصول على موارد من الصندوق بصفة عاجلة في حالة وقوع صدمات خارجية أو حدوث تدهور في البيئة العالمية، وقد وقّعه المغرب مع النقد الدولي سنة 2012 وجدّده أربع مرات لمدة سنتين لكل فترة.

وخلال السنوات الست الأولى من توقيع اتفاقية خط الوقاية والسيولة، لم تلجأ المملكة إلى استخدامه قط؛ لكن كان المغرب يؤدي مقابل ذلك قدراً مهماً من الكلفة لم يتم الإفصاح عنها من ميزانية الدولة.

وصدر قرار التسبيق المسبق لجُزء من هذا القرض، الأربعاء، ضمن بلاغ مشترك  بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أفاد بأن المغرب قام، بتاريخ 21 دجنبر، بالتسديد المسبق لمبلغ يناهز 936 مليون دولار أمريكي (8.4 مليارات درهم)، وستدخل هذه العملية حيّز التنفيذ ابتداء من 8 يناير 2021.

وربطت المملكة هذا القرار غير المسبوق بالجهود الاستثنائية التي بذلتها الخزينة لتعبئة الموارد المالية، خاصة من خلال قيامها مرتين بإصدار السندات في السوق المالية الدولية؛ وهو ما مكن من رفع جاري الموجودات الرسمية من احتياطيات المغرب يغطي ما يفوق 7 أشهر من واردات السلع والخدمات.

وأشار البلاغ المشترك إلى أن “عملية التسديد المسبق هاته ستُمكن من تخفيف ضغط الالتزامات المالية المستقبلية على البلد وتقليص تكلفتها، خاصة بفضل الشروط الملائمة جدا لعملية الإصدار الأخيرة التي قامت بها الخزينة على الصعيد الدولي”.

ويعتقد الاقتصادي نجيب أقصبي أن “خطوة المغرب بتسديد مسبق لجزء من قرض النقد الدولي تبقى غريبة، على اعتبار أن البلاد تعيش في أزمة مستمرة لم نخرج منها وتجعلنا في حاجة ماسة إلى العملة الصعبة”.

وأضاف أقصبي، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الخصاص في رصيد العملة الصعبة يُمكن أن يظهر في المستقبل، وأضاف قائلاً: “واهمٌ من يعتقد أن تجربة بضعة شهور من أزمة كورونا تعني أننا قْطعنا الواد ونَشْفو رجْلينا، بل الأزمة ما زالت أمامنا”.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن المغرب سجّل، خلال الأشهر الماضية المطبوعة بأزمة “كورونا”، انخفاضاً في الواردات والصادرات معاً بشكل متوازٍ؛ وهو ما يُسميه الفرنسيون بـ”un ajustement par le bas”، أي هو تغيير إيجابيّ وسلبيّ في الوقت نفسه.

وأشار المتحدث إلى أن تراجع التجارة الخارجية عبر تراجع الصادرات والواردات واللجوء القياسي إلى الاقتراض، الذي سيتراوح ما بين 8 إلى 10 مليارات دولار، أعطى للحكومة انطباعاً مغلوطاً بكون رصيد العُملة الصعبة في مستوى مُريح.

وقال أقصبي إن هذه الخطوة تتزامن مع قرار الإغلاق الكلي للمطاعم، طيلة ثلاثة أسابيع، بكل من الدار البيضاء ومراكش وأكادير وطنجة، وهي المدن الأكثر دينامية اقتصادياً؛ وهو ما سيكون له وقع سلبي كبير.

كما يعتقد الأستاذ الجامعي أن قرار التسديد المُسبق لجزء من قرض صندوق النقد الدولي يعني أن سعر فائدته كان مرتفعاً؛ وهو ما جعل المغرب يلجأ إلى تطبيق عملية التدبير النشط للدين، أي تسديد ديون ذات السعر المرتفع بديون أقل سعراً.

وأضاف أقصبي قائلاً: “بتطبيق فكرة التدبير النشط للدين، يتبين لنا أنه عكس ما يدعون ويقولون منذ سنوات بأن قُروض النقد الدولي والبنك الدولي تُمنَح بأسعار تفضيلية، فإن هذه الأداء المسبق يفند هذه الحكاية ويُؤكد أن سعر فائدة قرض 3 مليارات دولار في إطار خط الوقاية والسيولة كان مرتفعاً جداً”.

ويعني ما سلف ذكره، حسب الخبير الاقتصادي، أن “العلاقة بين المغرب وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لا يحكمها سعر الفائدة المنخفض؛ بل السياسة والسلطة التي تتمتع بها مثل هذه المؤسسات المالية الدولية التي تتيح لها فرض القروض على الدول”.

ويؤكد أقصبي أن “لجوء المغرب إلى تسديد مسبق لجزء من قرض صندوق النقد الدولي يعني موضوعياً أن كلفة ديون هذه المؤسسة هي أعلى مقارنة بكلفة الديون التي يمكن الحصول عليها من السوق المالية الدولية”.

قد يهمك ايضا

صندوق النقد الدولي يعدل توقعاته الاقتصادية لمعظم دول الخليج بالخفض

صندوق النقد الدولي يجهز اتفاقية لإعفاء السودان من ديون خارجية بقيمة 60 مليار دولار

 
View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

"تأمين الدفع" يشغل المغاربة والمعاملات الرقمية تلامس 22 مليار…
إستثمارات بقيمة 8.4 مليار تعد بخلق 30 ألف منصب…
إستطلاع إمتلاك العقارات يتصدر قروض المغاربة والذكور أكثر استدانة
جهة طنجة تنشد النهوض بوحدات الاقتصاد التضامني عبر دعم…
النسيج الاقتصادي في جهة طنجة يتعزز بـ6698 مقاولة جديدة…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة