الرئيسية » تمثيل
فيلمين جزائريين صدرا سنة 2017

الدار البيضاء - المغرب اليوم

هذا مقال مقارِن بين فيلمين جزائريين صدرا سنة 2017، فيهما برجوازية صغيرة يزعجها صعود التدين وتخطط لإرسال أبنائها للدراسة في أوروبا، وطبيبان خارجان من الحرب الأهلية بندوب في الروح ويهمهما إنقاذ مستقبلهما الشخصي، وفيهما صراع أجيال شرس وشبان ممزقون بين "الحشيش" والهجرة؛ وفيهما تطبيع مع الفساد، لكل خدمة ثمن، ويتم الأداء نقدا أو في السرير.

فساد مريع يتسرب عبر كل الشقوق، يتنفسه الناس ويتعايشون معه، لذا فإن فكرة محاربته لا تخطر إلا للمجانين. صار الفساد جزءا من آزوت الهواء الذي يتنفسه الناس ويزعمون أنهم لا يفهمون ما يجري في بلدهم.

يتشابه الفيلمان على صعيد المضامين ويتناقضان على صعيد منطق السرد. في فيلم "بطبيعة الحال" 113د لكريم موساوي، ثلاث قصص تسلمنا الواحدة للأخرى بشكل سلس، فيها شخصيات تتوازى ولا تتلاقى، لكن بينها تشابهات كثيرة.

ثلاث لقطات عامة عن الجزائر المعاصرة، قصص لا رابط سببيا بين خطوطها، سرد مفكك لأن المخرجين يعتبرون السرد الخطي تقليديا فيحاولون ابتكار السرد. كلما هممت بمغادرة القاعة غرقت في الفيلم لأن الكادراج والإخراج جذاب...

فيلم غير تقليدي يقدم حساسية جديدة، يعرض شخصيات بدون تاريخ ومزاج وأفق واضح... شخصيات حديثة شبحية لا تفعل شيئا يبرر أن تتبعها الكاميرا. هذه استعارة للمواطن السلبي جدا، شخصيات تتدحرج مع الأيام...

شخصيات متباعدة باردة يقدم عنها المخرج معلومات قليلة... قصص مفككة، ينقذها تزامن الأحداث ووحدة المكان المقروء. طرق سيارة وضواحي ريفية تلتهمها عمارات جديدة، فضاء داخلي جد منظم وفضاء خارجي عشوائي فوضوي يتمدد.

في فيلم "السعداء" 102د لصوفيا جاما سرد خطي، وقد عرض في مهرجان كان 2017. في النصف الأول إيقاع سردي رتيب وكأن تصوير شباب يدخنون لدقائق عدة سيطور الحدث، شبان يحتل "الحشيش" موقعا مركزيا في حياتهم...

تجري الأحداث في حيز زمني ضيق وتركيب مذهل دون افتعال أو ضجيج.. طالبة تتسكع لأن الدراسة في الجامعة متوقفة بسبب الإضرابات، شاب يملأ الفراغ بالوشم على الجسد، يجلس ليرتل القرآن ويركز على آية "لكم دينكم ولي دين"...

تبدو كل الخيوط مقطوعة بين الآباء والأبناء. الجامع الوحيد هو "الحشيش".. "يتحششون" ويفتون بالحرام والحلال. "حشيش" هذا العام جيد، لذلك يساعد الملايين على النوم في شمال أفريقيا. في فيلم السعداء يقدم أمين (أداء المغربي فوزي بنسعيدي) لضيوفه الإنتاج المغربي الذي يفشي السعادة. من أجل فرح أكبر.

في "بطبيعة الحال" كهل في أسرة مفككة يدبر مقاولة تدفع عمولات دورية، شابة حائرة بين حبيبها وزوج المستقبل، طبيب يطارده الماضي، هو لم يرتكب جريمة لكنه شاهد وسكت، هو بريء عمليا. في لحظة انبعاث الماضي الجماعي المؤلم دخل الطبيب محلا لشراء أثاث لتجهيز مستقبله الفردي، يتزوج بطريقة تقليدية بطبيعة الحال...الحداثة مجرد قشرة هنا.

في "السعداء" امرأة على أبواب الخمسين قلقة من برودة زوجها تجاهها، تشرب كأسين يوديان بها للجحيم... تكتشف أن لدى الشرطة تعليمات شفوية لكي لا تعتقل المتبرجزين في حالة سكر...امتياز يخفي فسادا وإهانة. الحريات موجودة لكنها انتقائية يمكن سحبها في أي لحظة.

انتبه.

كان التوقيف والعفو إهانة صغيرة أخرى تنتزع من الفرد كرامته وتتركه حيا...جثة تمشي. اكتشفت المناضلة بحركة صغيرة أنها لا تساوي شيئا دون رجل يسوّي المشاكل ويرشي ويتحمل الإهانات...لذلك يستحق قوانين تتيح للرجال بعض الامتيازات وهو يهدد باستخدامها.

هذه نظرة مخرجين فرنسيين من أصل جزائري، أبناء الجيل الثالث من المهاجرين، يعودون إلى بلدان آبائهم لاستلهام موضوعات أفلامهم..ينظرون لبلاد أجدادهم بقلق.

للفيلمين عنوانان، العنوان العربي لدى جاما هو "السعداء"، والعنوان الفرنسي يناسب القديسين "المباركين" Les Bienheureux؛ لفيلم "بطبيعة الحال" عنوان فرنسي فهو "في انتظار النوارس"، الاسم العربي انسب لأن الشخصيات طبّعت مع واقعها واستسلمت له ولا تنتظر نوارس الحرية. في الفيلمين يلاحظ الناس ما حولهم باستسلام.

بطبيعة الحال في حقل الفساد لا مجال للتخطيط، يكفي انتظار قرار الجهة النافذة. التفسير الذي تقدمه إحدى الشخصيات لضبابيتها هي احتمال إصابتها بسرطان المخ... كل شخص يعلن أنه يحاول فهم البلد، لا أحد يفهم. أمر طبيعي.. يبدو أنه لفهم البلد لا بد من تغيير برمجيات جماجم العائدين إلى الجزائر من فرنسا.

في الفيلمين لحظات منتقاة من ليل الجزائر، بلد كبير بخير، لا ينقص شيء، لكن لا أفق للبشر...عادة يتهم مخرجو المهجر أو من يحصلون على تمويل أفلامهم من الشمال بتشويه صورة بلدانهم...

ممكن، لكن الأرقام تتكلم، لقد وصلت الجزائر سنة 2017 إلى المرتبة 115 في الترتيب العالمي الخاص بمدركات الفساد الذي تعده منظمة الشفافية الدولية؛ بينما كان البلد في المرتبة 88 في 2015.. تدهور بـ33 مرتبة في ثلاث سنوات. لم يخترع المخرجان الواقع بل قارباه فنيا ليساعدا على فهم البلد.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

تفاصيل " المندرة " عمل مسرحي عن "كورونا"
«زامفير» ومسرحية أولاد الغضب والحب على قناة "الثقافة" السبت
وزير الثقافة في ضيافة الرعض المسرحي" البخيل "
افتتاح عرض مسرحية “صبايا مخدة الكحل” لسميرة عبد العزيز…
فرسان الشرق تروي قصة "ريا وسكينة" في أوبرا الإسكندرية

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة