الرئيسية » قصص وروايات
رواية "أعياد الشتاء"

أبوظبي - المغرب اليوم

تصدر قريباً عن "دار نوفل" في بيروت، الرواية الثانية للكاتبة السورية نغم حيدر وتحمل عنوان "أعياد الشتاء"، وهي تحكي قصة فتاتين هما شهيناز التي وصلت إلى مغتربها، وراوية اللاجئة هي الأخرى والآتية إلى برد الوحدة.

وبين الفتاتين عوالم شاسعة، كثير من المسكوت عنه والخبرة الحياتية، وخمسة سنتمترات فقط بين سريرين في غرفة واحدة خصصت لاستقبالهما، تفرقهما أشياء كثيرة، لكنهما تتفقان على حب التبولة، وهذا ربما يكفي في صقيع الغربة.

وفيما يلي فقرات منها، نشرتها صحيفة الشرق الأوسط:

"كان الغزالُ المصنوعُ من الشرائطِ المعدنيّة لافتاً للنظر.

لُفّت الشرائطُ بإتقانٍ لتصنعَ سيقانَه الممشوقة المُثبَتة في الأرض.

وانحنت بدقّة لتُشكِلَ رأسهُ الذي يومئ باطمئنان، وأذنيه الصغيرتين المُطرقتين بخجل، وجسمه المضاءَ بلمباتٍ صغيرة كأنّها براعم بزغَ الضوءُ منها لتتلقفه عيونُ السائرين.

غزالٌ بطولِ إنسانٍ يُمكن احتضانه".

"على رغم أنّه طوال الأيام مشرئبٌ صامتٌ، إلّا أنّه لا بُدّ ينتظر شيئا.

تلويحة ما من طفل مارٍ إلى جانبه، أو ذرّات ثلجٍ ناعمة تلامسهُ كي تُصبحَ ذوّابة سائلة، أو كي تحومَ وتعبرهُ ثم تتجمعَ عند قدميه.

ينتظرُ أجراس الكنيسة حتّى تُقرع كي يتكاثر إلى غِزلانٍ مضيئة هُنا وهناك.

أو شهينازاً جميلة تُقرّب وجهها الناعمَ منه وترمقهُ بعينينِ مكحّلتينِ بالبردِ وتحزنُ لأنّه بلا عينين".

"شهيناز التي قالت إنّ العُشب غزيرٌ وكثيفٌ عند قدميه، ومع هذا فليس بإمكانه الانحناءُ نحوه".

"كثيرة تلك الغِزلانُ التي عُلِقت على حِبال الزينة عالياً أو ثُبِتت إلى جانبِ النوافذِ وأمام مداخلِ المطاعم وعلى الواجهة الخارجيّة للجسرِ في منتصف المدينة.

كثيرة تلك المُصغّرة التي أصبحت علّاقة مفاتيحٍ أو صورة مطبوعة على الأكياس البلاستيكيّة، أو سُكّرية فوق قالبِ حلوى بالكريما.

كثيرة هي الغِزلان التي رأتها شهيناز في الشهرِ الأخيرِ من هذه السنة.

حملها الأولادُ كدُمى محشية بالقطن، أو ركبوا فوقها في لعبة مجانية.

حتّى هي اشترت الأسبوعَ الماضي بيجامة حمراءَ مطبوعٌ عليها نسخٌ كثيرة للغزالِ ذاته واختارتها من دون أنْ تُجرّبها حتّى، وحين لبستها أخذت تعدو في حلمها بلا انقطاعٍ واستيقظتْ في منتصف الليل وهي تلهث متعرّقة".

"إنَّ الغزالُ في منتصف الساحة.

مرَّتِ السياراتُ وأطلقت عجلاتُها الساخنة بخاراً في وجهه. تقيّأَ السُكارى هُنا عند قاعدته وبصق العجائز دماً عند قدميه.

أما شهيناز فقد تأمّلتهُ صاغرة أمام أُنسه المسائي ذاك ليشردَ ضوؤه في عينيها. مدّت يدها إليهِ كأنّما تسقيه.

أمالت رأسها أمامه كأنّها ودّتْ أنْ تُضحكه.

رنّت من بعيدٍ أصواتُ أجراسٍ وأغانٍ. الليلُ راقصٌ ماجنٌ في مكانٍ وراكد ساكنٌ في مكانٍ آخرَ.

مشحونٌ بالحياة في مكانٍ ومسلوبها في بُعدٍ آخر".

"مَشَتْ إلى ضفّة الشارع الأُخرى بتثاقلٍ وهي تزجر ذلك الفضولَ المُخجلَ الذي تحكَّم بمشيتها، فأوقفها متى أراد وحرَّكَ نظراتِها وثبَّتَها على الأشياءِ الغريبة التي ترويه، حتى إنّهُ جعلَ الطابة في مؤخّرة قبّعتها الأرجوانية تتمايلُ مع حركة رأسها بكلّ الاتجاهات.

كاد سائقُ دراجة أنْ يدهسها منذ قليل فيما هي تتفرّجُ على المرأة البدينة وهي تصنعُ "الكريب" وتقدّمهُ ساخناً للمارّة، وفضولُها لم يقتنع بعد أنّه أصبحَ خطِراً عليها".

"بَدَت شهيناز في الآونة الأخيرة كما لو أنّها تُهلوسُ بالبشرِ، بوجوههم وقُبّعاتهم وأكفّهم المُخبَأة. ترصَّدت مِظلّاتِهم حتّى تُفتح، أفواههم حتّى تلتقم النبيذَ الساخنَ من الكؤوس الكبيرة.

أصبح هذا الفضولُ بحراً تتداعى فيه وتغرقُ إلى أنْ ينتشلها منهُ صوتٌ ما، لكزة من أحدهم على كتفها، فتتمدّدُ على شاطئ وعيها تكحُ وتُخرج البشرَ من رأسها، كما لو أنّها تُخرجُ ماءً دخيلاً من رئتيها".

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

صدور "الزرجا" أحدث روايات ناني تركي
ترجمة إنجليزية لـ"قطعة ليل" للقاص أحمد الخميسي
"أغنية حزينة عن بندقية" في نادي أدب بورفؤاد
رواية مصرية عن "رهاب المثلية" تحصد جائزة الأدب العربي…
عادل عصمت يناقش "الوصايا" في نادي ركن الياسمين

اخر الاخبار

الشرطة الأميركية تعلن سرقة مجوهرات بقيمة مليوني دولار في…
تقرير دولي يُشيد بالمنظومة الاستخباراتية المغربية كنموذج متقدم في…
الملك محمد السادس يهنئ رئيسة الهند بعيد الاستقلال ويشيد…
الشرطة الإسبانية تُطالب الحكومة بتوقيع اتفاقيات لإعادة المهاجرين مع…

فن وموسيقى

تامر حسني يؤكد إستمرار علاقته الفنية مع بسمة بوسيل…
الفنان سعد لمجرد يعود إلى المهرجانات المغربية بعد غياب…
لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…
أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…

أخبار النجوم

رامي صبري يكشف رأيه بتجربته الأولى في The Voice…
إستغاثة مؤثرة من نجوى فؤاد تكشف معاناتها والوزير يتحرك…
كندة علوش تكشف عن رأيها في أداء زوجها بفيلم"درويش"
جميلة عوض تعود بقوة إلى شاشة السينما بعد فترة…

رياضة

انتقادات تطال محمد صلاح بعد خسارة ليفربول وغياب أرنولد…
المغربي أشرف حكيمي ينفي تهمة الإغتصاب ويؤكد ثقته الكاملة…
محمد صلاح يتلقى عرضاً خيالياً جديدًا من الدوري السعودي
أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر

صحة وتغذية

الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف سرطان الحنجرة عبر تحليل…
بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…
قضاء 15 دقيقة يوميًا في الطبيعة قد يكون الحل…
فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…

الأخبار الأكثر قراءة