الرباط - الدار البيضاء
تحدّث هشام العسري، المخرج المغربي، عن علاقته ب جائحة كورونا”، وقال إن “العزلة الصحية مكّنتني من إتاحة الوقت الكافي لكتابة السيناريو، إلى جانب تخصيص وقت أكبر لأنشطة القراءة والرسم والكتابة”، مضيفا أن “الجائحة جعلت الأفراد يتعاطون مع المستجد الصحي بمنظور مجتمعي مغاير لما كنّا عليه في السابق”.
وأبرز المخرج المغربي، الذي حلّ ضيفا على “ليلة الفلاسفة”، التي ينظمها المعهد الفرنسي بالمغرب، أن “جائحة “كورونا” خلقت الفزع وسط الأسر، وبثّت القلق جراء الإصابات المتتالية للمواطنين، وهو ما جعلني أستغل تيمة الأسى في كتابة الأفلام المقبلة”.
وأوضح العسري أن “الحجر الصحي كان فرصة مناسبة لممارسة الرياضة بوتيرة مضاعفة، وإنجاز الأعمال التي استحال عليّ القيام بها قبل “كورونا” بسبب الالتزامات اليومية؛ من ثمة فإن جائحة “كورونا” تعد، بالنسبة إليّ، محطة استثنائية علمتنا الشيء الكثير في طريقة النظر إلى الحياة، إلى جانب الأمور المتناقضة التي تولدت لدينا في آن واحد”.
وأضاف المخرج عينه أن “شريحة كبيرة من المجتمع تفتقر إلى الرؤية الهادفة في التعامل مع جائحة “كورونا”، حيث تبقى حبيسة الأنشطة اليومية فقط، وهو ما عاينّاه في طريقة التجاوب مع الفيروس العالمي، الذي خلف مشاهد تراجيدية، تنضاف إلى تفشي الأخبار الزائفة في المنصات الافتراضية”.
ويرى العسري أن “كورونا حدث استثنائي عام 2020، ولكن ينبغي تجاوزه على جميع الأصعدة، سواء تعلق الأمر بالجانب النفسي أم الثقافي أم الجسدي”، مؤكدا أن “جائحة “كورونا” أصبحت تجربة إبداعية لديّ، ولكن لم أتعامل معها بالفزع الذي ساد المجتمع، فرغم إغلاق القاعات السينمائية، فإن الأفلام متوفرة في المنصات الرقمية، ولست من النوع الذي يشتغل في المجال التجاري حتى أتأثر بإغلاقها، لأنها تعرف نسب إقبال ضعيفة في الأصل”.
وأردف المتحدث ذاته أن “كورونا فرصة تاريخية للدفع بتقدم المجتمع، حيث يجب على الأفراد إعمال الفكر في قراءة أبعاد الجائحة، وعدم العمل بمنطق الضحية على الدوام”. واستطرد قائلا: “نحن أقل تأثراً بتداعياتها مقارنة بدول كبرى تعرف كتلة ديمغرافية مرتفعة، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية”.
“قبل “كورونا” كانت حوادث السير تخلف عشرات الضحايا، إلى جانب الحروب المباشرة، وكذلك الأمراض الأخرى، ولكن هذه الحرب الاستثنائية التي نخوضها ضد عدو خفي خلقت الهشاشة الاجتماعية لدى الأشخاص، خاصة في ظل إغلاق المساجد، الذي يعد فعلاً لائكياً يجب الانتباه إليه”، يضيف المخرج المغربي في مداخلته.
وأوضح العسري أن “كتابة الأفلام عملية معقدة يتم استسهالها من طرف المتابعين، فهي أشبه بعمل المهندس، حيث يجب صناعة السيناريو والشخصيات وطبيعة المشاعر الإنسانية والوضعيات والزمان والأمكنة، مما يعني أن الأمر يتطلب معادلات رياضية فنية صعبة”.
وفي حديثه عن الأزمة الوبائية، اعتبر المتحدث ذاته أن الأمر يتعلق بـ “سنة استثنائية شكلت دفعة قوية للإنتاج رغم مساوئها، حيث يُنظر إليها بشكل سلبي من طرف أغلب الأفراد بسبب ارتباط حياتهم بالآخرين، في ظل غياب مفهوم الفردانية، وهو ما يستدعي تشجيع الفعل الفلسفي وسط الشباب المغاربة”.
قد يهمك ايضا:
"بدون عنف" فيلم مغربي قصير يناقش المرجعيات الأسطورية عن المرأة
هشام العسري يناقش موضوع التحرش بفيلمه الجديد " Lazywall’s The perfume"