الدار البيضاء - سعيد بونوار
مشهد واحد من أفلام الواقع تتكرر، قد لا يكون للسينما فيها من دور غير نقل الحقائق دون بهارات أو توابل باعثها صناعة الفرجة..المشهد نساء متزوجات أكثرهن في مقتبل العمر يلجن أبواب أقسام المستعجلات بحثا عن العلاج أو عن شهادة طبية للزج بالزوج وراء قضبان السجن.
الأرقام مخيفة، وعدد مراكز الاستماع
إلى النساء المغربيات ضحايا العنف الزوجي في ارتفاع، والإحصائيات ترصد ما يفوق الـ40 ألف امرأة هذا العام زارت هذه المراكز لمعرفة ما ينبغي لهن أن يفعلن في مواجهة ضرب الأزواج لهن بطرق وحشية
المنظمات والجمعيات والنوادي النسائية تصطف في مواجهة الرجل/ الزوج باعتباره "الوحش" الكاسر الذي يكسر أضلع الحمامة المسماة زوجة ولا رادع له غير تدخلات قضائية تفضل في الغالب عدم تهديم صرح الأسرة، وتشتيت عش الزوجية،
المًُستمعات في المراكز تنصح بوضع شكاوى لدى الشرطة لكبح جماح الثور الهائج في بيوت المشتكيات، ويختار ضباط الشرطة الجنوح إلى السلم بتفادي استدعاء الزوج لسماع أقواله أو التدخل لرأب الصدع.
وقال أحد عمداء الشرطة في الدار البيضاء لـ"المغرب اليوم" إن "شكاوى الزوجات ضد أزواجهن نتعامل معها بحذر شديد لعدة أسباب، فالزوجة تكون تحت تأثير نفسي لا تدرك ماذا تفعل وهي تلجأ إلى الشرطة، وما إن نلقي القبض على الزوج حتى تعود للتوسل من أجل إطلاق سراحه".
المرأة هي الحلقة الأضعف وهي المسكينة والضحية والجسد الناعم الجميل الذي تكدر صفو لطفه ضربات الزوج الآثمة، والشريك هو المعتدي الوحشي الآثم الذي يصب نار ضعفه النفسي على جسد الزوجة..هذا هو السيناريو السائد في سينما العنف ضد المرأة.
في المغرب، انقلبت الأمور، وما عادت المرأة في رحى العنف تدور، وصار الزوج ضحية ومعنفا "من مين؟" من زوجته.
في وسط الدار البيضاء، لم يعد طرق باب الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ضحايا عنف زوجاتهم يثير الاستغراب أو الاستنكار، أزواج بشوارب مكتظة يحملون صورا وشهادات طبية و"كدمات" وضمادات" تخفي كسورا وجروح، يطلبون دعم مركز الاستماع المُحدث أخيرا لهؤلاء في سابقة أولى من نوعها عربيا.
يذرفون دموعا ويقاومون أخرى وهم يستعرضون جبروت زوجاتهم، منهم من انهالت عليه زوجته "المُفترية" بالعض والرفس لمجرد احتجاجه على تأخرها خارج البيت وترك الأولاد بلا رقيب، فالزوجة التي زارت والدتها وقضت ساعات مرح عندها لا تحب من يقض عليها نشوة هذه الساعات حتى وإن كان والد أطفالها.
قصص مؤثرة لرجال عُنفوا من قبل زوجاتهم محفوظة في رفوف المركز، تحكي عن وقائع لا يقبل بها الرجل العربي ، فزوجة في فاس أقدمت على قطع قضيب زوجها بسكين وهو نائم لمجرد أنه يسمع "كلام" والدته أكثر من سماعه لطلبات زوجته، وأخرى صبت الزيت المغلي على وجه زوجها لمجرد "استخفافه" بجمالها، وأخريات كن أكثر قوة من أزواجهن في حلبة تبادل الضرب لأسباب تافهة قد لا تصل إلى مستوى إراقة الدماء.
مركز الاستماع إلى الرجال ضحايا العنف الزوجي جاء لتعويض فراغ في وعي الرجل بحقوقه التي تضمنها له مدونة الأسرة، وهو لا يزاحم عشرات المراكز المشابهة الخاصة بالنساء، وإنما جاء لمساعدة الأسرة على تفادي الوصول إلى الطلاق، بل ويقدم نصائح مهمة تتعلق بالجانب القانوني في هذا النوع من النزاع الذي تكون نهايته الطلاق.
لا يملك المركز إحصائيات عن عدد الرجال المعنفين من قبل زوجاتهم في المغرب، وقال مصدر منه:"إن الأعداد التي تصلنا كبيرة، لكن الكثير من الرجال يفضلون الصمت على طرق أبواب الشرطة أو القضاء، ومع ذلك لا يتورع المئات من زيارة المركز لاستعراض معاناتهم".