الرئيسية » عالم الإعلام
باسم يوسف يلقن الإسلاميين درسً

 القاهرة ـ محمد الشناوي

 القاهرة ـ محمد الشناوي تعددت مظاهر السخرية من حكم "الإخوان" في مصر، وتجلت في كثير من الممارسات التي يقوم بها معارضو هذا الحكم والشباب الثوريون في جميع أنحاء مصر. وذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية أن من بين مظاهر السخرية تحويل الخطاب الأول للرئيس محمد مرسي - الذي ألقاه في ميدان التحرير، وأكد فيه أنه لا يرتدي واقيًا ضد الرصاص - إلى أغنية يتراقص على أنغامها الشباب في حفلات عيد الميلاد، في محال المشروبات والمقاهي التي يقيمون فيها حفل عيد ميلاد أحدهم.
ظهرت السخرية المبدعة للمصريين أيضًا عندما تعرضت مدينة بورسعيد إلى مجرزة ثانية في السادس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي أعقبها غضب شعبي وصل بسكان بورسعيد إلى العصيان المدني، مما اضطر مرسي في بداية العصيان إلى فرض حظر التجوال في مدن القنال، بورسعيد، السويس والإسماعيلية.
وجاء الرد الشعبي على قرارات مرسي بفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في المدن الثلاث حاسمًا قويًا ومباشرًا، ولكنه ساخر في الوقت نفسه، حيث قام الشباب بتنظيم دورات كرة قدم في شوارع المدن الثلاث تبدأ فاعلياتها قبل موعد الحظر بربع ساعة فقط وتستمر حتى الصباح من اليوم التالي، تحديًا من أبناء مدن القناة لقرارات مرسي.
وأقيمت حفلات سمر في بورسعيد والسويس والإسماعلية وتجمعات كرنفالية يومية تبدأ مع حظر التجوال وتنتهي بنهايته في صباح اليوم التالي، حتى إن فاعليات تلك المهرجانات الليلية اليومية وصلت إلى حد إقامة حفلات الزفاف في شوارع المدن الثلاث.
أما الظاهرة الساخرة الأقوى على الإطلاق، والتي نبتت في أرض مصر وترعرعت على ترابها فهو جراح القلب الذي تحول إلى كوميديان، باسم يوسف، والإنسان المصري الذي أطلق للسانه العنان للسخرية من نظم الحكم في مصر بدءًا من المخلوع مبارك وحتى محمد مرسي.
كرس هذا الرجل نفسه للسخرية من المستبدين مهما كانت انتماءتهم وخلفياتهم والفصائل التي انحدروا منها، هذا الرجل الذي يواجه مئات البلاغات المقدمة إلى النائب العام، والذي صدر أمرًا بضبطه وإحضاره للتحقيق معه في تهم واهية لا أساس لها، ولا دليل عليها، والتي خضع بصددها للتحقيق.
وكانت أهم التهم التي وجهت إلى باسم يوسف هي إهانة الرئيس وازدراء الأديان وتكدير الأمن والسلم العام والترويج لشائعات وأخبار غير صحيحة، إنه هو نفسه دلك الرجل الذي يحظى بمشاهدة 30 مليون مشاهد في الوطن العربي أسبوعيًا في برنامجه المشهور، وهو أيضًا من لُقب بـ "جون ستيوارت المصري".
نجح باسم يوسف في ترسيخ مفهوم السخرية، وتوعية الناس بأهميته في مقاومة الظلم والاستبداد والأنظمة غير المؤهلة للحكم التي تكرس لنفسها للسلطة من دون أدنى اهتمام بشيء سوى مصالحها الشخصية ومصالح الفصيل الذي ينتمون إليه. وإن لم تكن السخرية زواجًا بين العصيان المدني والضحك وإظهار أكبر قدر ممكن من الاستهانة بتلك النظم وعدم احترامها، لما تقدم عليه من ظلم واستبداد وسلطوية، وإذا لم تكن لدغة قوية في البشرة الرقيقة لمن تخلو أرواحهم من الدعابة والمرح، فماذا تكون إذن؟ وإن لم تكن الثورة عبارة عن حلقة ساخرة طويلة من برنامج له شعبية كبيرة موجهة ضد السلطة الحاكمة المستبدة، فماذا تكون إذن؟ يتضمن ما سبق الإسلاميين الممارسين للسياسة والساعين وراء السلطة في مصر الذين نجح باسم يوسف في كسر الحاجز الذي كانوا يحتمون به، وإزاحة الستار الذي يتخفون خلفه، الدين، ليكشف حقيقتهم للمصريين، وهم الإسلاميون من أمثال مرسي وجماعة "الإخوان المسلمين".
وفي الحقيقة، لم تكن الثورات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي السبب في ظهور مفاجئ للسخرية في المنطقة، فمنذ القدم، يقوم الساخرون والكتاب والمؤلفون والشعراء بتوجيه السخرية إلى الحكام، إلا أنهم كانوا يوجهون أعمالهم الفنية الساخرة ويسددون سخريتهم إلى صدور الطغاة والمستبدين في دول المنطقة عن طريق الرمزية والإسقاط والتلويح والتلميح والإشارات الضمنية، وغيرها من أساليب الكتابة وصياغة الأعمال الفنية من مقال وشعر ونثر ومسرحيات حتى لا يقع هؤلاء الفنانون ضحايا للكلمة التي يكتبونها.
أما الجديد بعد الثورات، فهو أن حاجز الخوف انكسر وتلاشى تمامًا مما أدى إلى ظهور فيض من السخرية على السطح، والتي يمارسها الفنانون بحرية ومن دون أي قيود في الوقت الراهن، اعتمادًا على الحقيقة التي يؤمنون بها وهي أن ثورة قد قامت في بلادهم.
شارك باسم يوسف على رأس آلاف الفنانين والكوميديانات وأصحاب العروض والبرامج المختلفة في إرساء قواعد السخرية في النور، وتأسيس مملكة خاصة للساخرين تكرس كل جهودها وإمكاناتها لمحاربة الحاكم المستبد والنظام الفاشل.     
وببساطة شديدة، بدأ باسم يوسف على رأس جيوش من الساخرين في توجيه الانتقادات اللاذعة والساخرة لمحمد مرسي وأعوانه من الإسلاميين الذي لا يتقبلون النقد بأي شكل من أشكاله.
وكانت بداية الحرب على النظام، الذي ظن أنه ورث البلد عن مبارك وأعوانه في مصر، وزين العابدين بن علي وأعوانه في تونس، وأنه قادر على أن يدير البلاد بالطريقة نفسها التي أدارها بها هؤلاء من دون مقاومة من الشعوب، بداية صريحة في النور حيث يستخدمون الأسماء دون مواربة أو إشارات ضمنية أو رموز، حيث يذكرون اسم من ينتقدونه وبعد ذكر الاسم تتوالى عمليات تقطيع الضحية، وتوجيه أسهم السخرية إليها، حتى تظهر للجميع من دون غلاف الدين الذي كان تتستر خلفه، وتخفي وراءه خطايا لا يقبلها هذا الدين على الإطلاق.
ومن هنا أصبح باسم يوسف هو رائد مدرسة الكوميديا السياسية الساخرة الصريحة التي لا مواربة فيها لأحد، ولا تقديس لأحد.
ومن الواضح أن من هم في سدة الحكم في مصر وتونس يقفون موقف المتفرج من انتهاكات حقوق الإنسان والأقليات والنساء، بينما تقوم أجهزتهم الإعلامية الخاصة وأجهزة إعلام الدولة بتوجيه ضربات متلاحقة لتلك الأقليات.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث يرسل الحكام أذيالهم من الأنصار والتابعين كالجراد ليتقدموا ببلاغات وشكاوى ويرفعون الدعاوى القضائية ضد الكوميديانات والساخرين منهم.
وهناك مثال حي لما يمكن أن تؤدي إليه تلك الدعاوى القضائية حيث تم الحكم بالسجن على أحد منتجي برامج العرائس ذات التوجهات السياسية الساخرة، سامي فهري، بسبب إنتاجه لحلقة من حلقات عرض العرائس الخاص به تنطوي على انتقادات ساخرة من حركة النهضة الحاكمة بتونس.
كما وجه النائب العام في مصر تهمًا إلى علي قنديل، أحد أصحاب عروض الكوميديا الواقفة الذي ظهر في إحدى حلقات البرنامج، برنامج باسم يوسف، وهي الاتهامات التي تضمنت السخرية من المؤذنين الذين ينطلقون بالأذان إلى الصلاة وتلاوة القرآن عبر مكبرات صوت، حيث أشار علي إلى أن من بين هؤلاء من يفتقد إلى حلاوة الصوت وحسن التلاوة، وتصدر عنه أخطاء كثيرة أثناء قراءة القرآن الكريم.
بالإضافة إلى ذلك يواجه عدد كبير من الفنانيين والكوميديانات في مصر وتونس تهمًا لا أساس لها من الصحة، بسبب تقديم عروض ساخرة من النظم الحاكمة، أو توجه الانتقادات لتلك النظم في إطار عمل فني مكتوب أو مسموع أو مرأي، من بين هؤلاء الذين وُجهت إليهم التهم دعاء العدل، رسام الكاريكاتير في مصر وفريق الراب التونسي "ولد الخمستاشر" الذين حُكم عليهم بعامين سجن لإهانة الشرطة.
ورغم كل ما سبق من تحديات، نجح باسم يوسف في تلقين الإخوان المسلمين وغيرهم من السلفيين الذين يناصرونهم على طول الخط درسًا قويًا عبر برنامجه السياسي الذي فضحهم وكشف حقيقتهم للجماهير المصرية، وهم من كانوا يفعلون ما يفعلون من انتهاكات للقانون من دون حساب، وهم أيضًا من يمارسون الاضطهاد ضد المسيحيين والأقليات والمرأة في مصر من دون حساب، وهم أيضًا من كانوا ولا يزالون على نفس النهج، حيث يوجهون اللوم للمرأة التي تقع ضحية الاغتصاب أو العنف الجنسي بدلًا من معاقبة مرتكب هذه الأفعال.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

تعاون إعلامي بين الكونسرفتوار الوطني و"المؤسسة اللبنانية للارسال"
إعلان أسماء الفائزين بجوائز الإعلام المرئي بمُنتدى الإعلام العربي…
ترامب يُهدد بمقاضات عدد كبير من وسائل الإعلام الأخرى…
منتدى الصحافيين الشباب يُطالب مجدداً بمراجعة شاملة للقانون المنظم…
التقشّف والتطوير يجبر البي بي سي على وقف بث…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة