الرئيسية » آخر أخبار عالم الأزياء
الملح سرّ مِن أسرار الجمال

القاهرة ـ سعيد فرماوي

حَظِي الملح باشتقاقات كثيرة في اللغة العربية، جعلت منه كناية عن جمال المرأة أو صفتها بالجمال، وذلك رغم حلاوة السكّر وهو الحبيبات التي تُوضع على مأكول أو مشروب ليصبح طعمه حلوا، فيقال "مليحة"، ويقال للحسن، بصفة عامة، مليح، وكل ما هو مرغوب من طرف ونوادر، صار مُلحا، لكن كيف تشتق كلمة من الملح، يشار بها إلى جمال المرأة، أو الحسن في الشيء، عوضا من السكّر، مثلا، والذي لعذوبة طعمه، كان يمكن أن تخرج منه كلمة تدل على جمال النساء، أو الرجال، أو الحسَن المقبول المرغوب الجميل؟
ولماذا في السليقة العربية أخرج من ملوحة الملح، ملاحة وجمالا، لتصير المرأة الجميلة، مليحةً، وما يعجبنا من أشياء ونوادر، وما يُستظرَفُ، مُلحا؟


الملح هو اللبن وهو الرضاع أيضًا
لا تأتي كتب اللغة، بالكثير الكاشف عن سرّ خروج كلمة تصف الجَمال البشري، من الملح. إلا أن العودة إلى الأمهات، تضيء جانباً خفياً وجوهرياً، وهو أن من معاني الملح "الرضاع!"، كما ينقل الفراهيدي، في أقدم قواميس اللغة العربية.
وتتحرك كلمة الملح، في الذائقة العربية القديمة المنتجة لهذه اللغة، فتقول "أملح البعيرُ، إذا حمل الشحم". يقول الزبيدي في تاجه، ويضيف: "ويقال: كان ربيعنا مملوحاً"، وينتقل إلى معنى الرضاعة في الملح، فيقول: "المِلاحُ، الرضاع، مصدر مالح ممالحة". ثم، في مكان آخر: "الملحُ اللَبنُ". وانتبه الزبيدي المشهور بسعة اطلاعه، إلى مدلول الملح، أصلاً، عند العرب، فيقول بالنقل: "والعرب تعظّم أمر الملح والنار" وفي موضع آخر: "العرب تحلف بالملح والماء تعظيما لهما"، وكذلك فعل الأزهري في تهذيبه: "الملح، الرضاع" ناقلاً عن الأصمعي: "ملَحنا، أي أرضعَنا". ويضيف رقيقة من رقائقه، فيؤكد: "الملح يؤنّث ويذكر، والتأنيث فيه أكثر". ثم يعمم كغيره من مؤلّفي الأمهات: "الملحُ، اللبن". ويستخدم فيقول: "ملَحَ اللهُ فيه، أي مبارك له".
ويقطع الزبيدي، في التاج، في أحد الاستعمالات، أن الملح هو "الحُسن، من الملاحة" وقد ملحَ يملح، أي حَسُنَ.

العرب كانت تعظّم الملح وتحلف به
لكن، هل يكفي اتحاد الملح باللبن، في قديم اللغة العربية، ليكون سببا في توليد كلمة تدل على حسن المرأة، أو حسن الرجل في استعمالات قليلة، أو ما يستظرَف، بصفة عامة؟
ما أشار إليه لغويون كبار، في أن العرب تعظّم الملح وتحلف به، يوضح جانبا تاريخيا من أهمية هذه المادة عند العرب، إلى جانب التصاقها باللبن، مجازاً وتصريحاً. فقد تحدث العلاّمة العراقي، جواد علي، في كتابه (المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام) عن "القصور الملحيّة" في كثير من "أنحاء جزيرة العرب" ووجوب أن ترتبط "بظهور قصص بناء القصور من الملح المنتشرة في كتب التاريخ والأدب" على حد تأكيده.

وبناء عليه، يؤكد علي، وهو الباحث المنقّب في طيّات اللغة العربية، أن العرب "حلفت بالملح والماء"، أو "بالملح والخبز". ثم يسرد جانبا من تعظيم العرب للملح، فكانوا يتعاقدون عليه، ثم يحلفون، مشيرا هو الآخر، إلى أن الملح عند العرب، شيئان، الملح المعروف الذي يتملح به، واللبن.
ويقول في مفصّله إن العرب من الذين يقيمون للقسم بالخبز والملح، وزناً عظيماً عندهم، فكانوا يحلفون بهما، كما يحلفون بالله. على حد سرده. فضلاً من أن الملح كان جزءاً من طقوس دينية، قبل الإسلام، لدى جماعات دينية معروفة، كان لها وجود قديم في الجزيرة العربية.

التصاق اللبن بالملح، وما يشتمله من معنى الحياة والنمو والغذاء، وتعظيم العرب للملح وحلف اليمين به، جعل من الكلمة إشارة إلى القرب والمودة والعهد، فمن نقض العهد، كمن ينقض صلة القربى الناتجة من الإرضاع، ذلك أن الملح الرضاع، والملح اللبن، ويحلف به، حتى إذا أكلت مع فلان، أصبح الفعل "ممالحةً" يعتبرها الزبيدي من المجاز، على اعتبار أن الممالحة لفظة "مولدة ليست من كلام العرب". إلا أنه يوضح بالنقل: "إنما الملح رضاع الصبي".

المليحة العذراء ترمي فؤاد عنترة بسهام عينيه!
تأتي كلمة الملح، بمعنى "البركة" فيقال "لا يبارك الله فيه ولا يملّح". وإن أراد أحد من أحد أن يحسّن صورته وسمعته، عند شخص آخر، فيقول له: "أحب أن تملحني عند فلان..". ينقل الزبيدي. هنا التمليح، بمعنى التجميل، تماما، إلا أن ما اعتبره صاحب التاج، لفظة مولدة ليست من كلام العرب، قطع بها أقدم قواميس العربية، العين، فيقول: "الممالحة، المواكلة". من الأكل. وهو تعبير لا يزال بين الناس، إشارة إلى العهد وحبال المودة. وإلى الآن، يقال: "بيننا، خبز وملح".

وفي ما يقول الزبيدي، إن السُّكَّر، من الحلوى، معتبراً أنها "معرّبة"، يستخرج الفراهيدي مفرداً لها، ويقول "السكّرة، الواحدة من السكّر، وهو من الحلوى". لكن، على الرغم من حلاوة هذا السكر وعذوبته، إلا أن الملح أشار للجَمال وإلى الحسن وإلى المستظرف، أكثر منه. فالملح، لبن وإرضاع، وذو شأن عظيم عند العرب فحلفت وتعاقدت به، ثم صار الشيء المرغوب مليحا، والنوادر مُلحا، أما الحسناء صاحبة الوجه الوضيء، فهي "مليحة"، ومِن أجل هذا كان الملح إلى جمال النساء، أقرب في الوصف، وإلى ما نستظرفه أقرب في التعبير، من السكّر الذي هو حلو المذاق، إنما عجز بالإحاطة بـ"حلاوة" الحسناوات، فبقي مجرد طعم، فيما الملح يتنقّل، بسعة وغزارة، ما بين ملح الطعم، وملح اللبن، والملح المعظّم لدى العرب، فصار من الطبيعي، مثلاً، أن يتوجّه عنترة لمحبوبته بهذا القول: رمتِ الفؤادَ مَليحةٌ عذراءُ بسهام لحظٍ ما لهنّ دواءُ.

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

علاقة وثيقة بين أفراد العائلات المالكة في جميع أنحاء…
أبرز اتجاهات الموضة في الألوان لموسم ربيع وصيف 2023
نصائح لاختيار الفستان المناسب لشكل جسمك
الدليل الكامل لأبرز صيحات الموضة لموسم ربيع وصيف 2023
قطع ملابس عصرية وأنيقة موضة موسم الخريف الحالي

اخر الاخبار

الشرطة الأميركية تعلن سرقة مجوهرات بقيمة مليوني دولار في…
تقرير دولي يُشيد بالمنظومة الاستخباراتية المغربية كنموذج متقدم في…
الملك محمد السادس يهنئ رئيسة الهند بعيد الاستقلال ويشيد…
الشرطة الإسبانية تُطالب الحكومة بتوقيع اتفاقيات لإعادة المهاجرين مع…

فن وموسيقى

تامر حسني يؤكد إستمرار علاقته الفنية مع بسمة بوسيل…
الفنان سعد لمجرد يعود إلى المهرجانات المغربية بعد غياب…
لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…
أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…

أخبار النجوم

رامي صبري يكشف رأيه بتجربته الأولى في The Voice…
إستغاثة مؤثرة من نجوى فؤاد تكشف معاناتها والوزير يتحرك…
كندة علوش تكشف عن رأيها في أداء زوجها بفيلم"درويش"
جميلة عوض تعود بقوة إلى شاشة السينما بعد فترة…

رياضة

انتقادات تطال محمد صلاح بعد خسارة ليفربول وغياب أرنولد…
المغربي أشرف حكيمي ينفي تهمة الإغتصاب ويؤكد ثقته الكاملة…
محمد صلاح يتلقى عرضاً خيالياً جديدًا من الدوري السعودي
أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر

صحة وتغذية

الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف سرطان الحنجرة عبر تحليل…
بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…
قضاء 15 دقيقة يوميًا في الطبيعة قد يكون الحل…
فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…

الأخبار الأكثر قراءة