القاهرة – شيماء مكاوي
الفن والموهبة ليست لهما وقت أو سن محدد، فهناك الكثير من الفنانين بدأت نجوميتهم في وقت متأخر، عندما كبر بهم العمر، ولعل أبرز هؤلاء الفنانين وأكبرهم نجومية هو الفنان حسن حسني، ففي سن السادسة فقد والدته التي وافتها المنية في سن مبكرة، وهو الحدث الذي أصبغ عليه هالة من الحزن الدفين، وفي المدرسة الابتدائية عشق المدير الذي عبر عنه على مسرح المدرسة، ويذكر أنه قدم دور "أنطونيو" في إحدى الحفلات المدرسية، وحصل من خلاله على كأس التفوق في مدرسة الإعدادية، وقتها تأكد حسن أنه لن يعمل في شيء آخر غير ذلك وبعد رحلة طويلة من العمل الفني المغمور.
بدءًا من نهاية السبعينات، شارك حسن حسني في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا"، الذي اشتهر باسم بابا عبده مع الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي، من خلال شخصية الموظف الفاسد المرتشي، وهو الدور الذي عرفته الجماهير من خلاله، على الرغم من حجم الشر الذي جسده فيه.
مع مطلع الثمانينات فتحت ستوديوهات دبي وعجمان أبوابها للنجوم المصريين، وكان من بينهم حسن حسني، الذي صور أعمالا كثيرة لا يذكر هو نفسه عددها، وعرضت في دول الخليج بكثافة، وقتها أطلق عليه أصدقاؤه لقب "الممثل الطائر"، نظرًا لتنقله بين ستديوهات عجمان ودبي بكثرة لتصوير العديد من الأعمال.
كان الإغراء المادي لتلك الأعمال يفوق قدرة حسن حسني على رفض العمل بها، وهو ما أثر على علاقته بالمسرح، الذي ابتعد عنه لنحو ثماني سنوات، وهو ما يبرره حسن حسني بقوله: "على الرغم من عشقي للمسرح الا أنه لم يكن سبب شهرتي، فالناس لم تعرف بوجود ممثل اسمه حسن حسني إلا بعد مشاركتي في مسلسل أبنائي الأعزاء شكرًا، وقتها دخلت بيوت المصريين وحققت الشهرة التي كنت أحلم بها، وهو ما لفت نظري إلى أهمية أعمال التلفزيون وأثرها على تحقيق الفنان للانتشار".
بالرغم من ابتعاد حسن حسني عن المسرح طوال تلك السنوات، إلا أنه عاد للمسرح في منتصف الثمانينات، عندما قدم مع فنانة المسرح المعتزلة سهير البابلي ومع صديق عمره الفنان حسن عابدين مسرحية "ع الرصيف"، التي دعمت نجوميته لدى الجمهور المصري والعربي على حد سواء، وقدم أيضًا في عام 1985 المسرحية الفكاهية "اعقل يا مجنون"، مع الفنان الكوميدي الكبير محمد نجم .
أما عن علاقة حسن حسني بالسينما بدأت بدور صغير في فيلم الكرنك، مع المخرج علي بدرخان في عام 1975، إلا أن دوره في فيلم سواق الأتوبيس الذي أخرجه عاطف الطيب، في عام 1982، كان علامة فارقة في حياته المهنية والفنية، حيث لفت إليه الأنظار كممثل قادر على أداء أدوار الشر تحديدًا بشكل مختلف، بعدها قدم مع الطيب عددًا من الأفلام، من بينها: "البريء، والبدروم، والهروب"، كما عمل مع عدد آخر من المخرجين من بينهم محمد خان في فيلم زوجة رجل مهم، ورضوان الكاشف في فيلم سارق الفرح، والذي حصل على شخصية "ركبة" القرداتي، التي جسدها فيه ونال عليها 5 جوائز.
عام 1993، كان مميزًا في تاريخ حسن حسني الفني، ففي الوقت الذي سافر فيه إلى سوريا ولبنان لعرض مسرحية "جوز ولوز"، التي كان يشارك في بطولتها، كانت لجنة تحكيم مهرجان السينما الروائي في القاهرة برئاسة لطفي الخولي تعلن فوزه بجائزة أحسن ممثل، متفوقًا على فاروق الفيشاوي، ومحمود حميدة، اللذان نافساه على الجائزة في ذلك العام، وقتها كان المعتاد منح الجوائز لنجوم الفن ممن يحملون لقب "فتى الشاشة" أو "الجان".
وفي نفس العام، فاز حسن حسني بجائزة أحسن ممثل في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وذلك عن دوره في فيلم "فارس المدينة"، ليتنبّه الجمهور والنقاد إلى موهبة حسن حسني، الذي أعلن أن دخوله السينما كان "على كبر"، كما يقول المصريون.
بدأت مرحلة جديدة في حياة حسن حسني، منذ منتصف التسعينات، كان أكثر ما يميزها مشاركته في أفلام الشباب التي بدأت في تلك الفترة، إلى الحد الذي قال عنه البعض أنه بمثابة شهادة الأيزو لتلك الأفلام التي لا تخلو من وجوده فيها، بدءًا من أفلام محمد هنيدي، وانتهاءًا بأفلام حمادة هلال.
من هؤلاء الفنانين التي كتبت لهم الشهرة عندما كبروا، بيومي فؤاد، على الرغم من تخرجه في كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، إلا أنه كان مشتركًا في فرقة أتيليه المسرح، كما تخرج ضمن الدفعة الأولى لمركز الإبداع الفني، قسم الإخراج، وقام بالعمل في مجال الإعلانات في البداية، وبدأ العمل سينمائيًا بأدوار صغيرة في أفلام، مثل: "احكي يا شهر زاد" 2009، "678" 2010، و"أسماء" 2011، بالإضافة إلى أعمال الدراما، مثل: "أبواب الخوف" 2011، و"رقم مجهول" 2012، و"اسم مؤقت" 2013.
زادت شهرته مؤخرًا عندما شارك في مسلسل "الكبير أوي" بأجزائه الأربعة، كما حقق نجاحًا كبيرًا عام 2013، من خلال مشاركته في مسلسل "موجة حارة".
أما الفنان لطفي لبيب، فبدأ مسيرته الفنية متأخرًا 10 سنوات، بالرغم من تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1970، إلا أن تجنيده لمدة 6 سنوات، ثم سفره خارج مصر لأربعة سنوات، أديا إلى تأخر مسيرته الفنية التي بدأها عام 1981، بمشاركته في مسرحية "المغنية الصلعاء"، وبعدها مسرحية "الرهائن" بالاشتراك مع الفنانة رغدة. ورغم صغر أدواره في مرحلة البدايات إلا أن لطفي أصبح شريكًا أساسيًا في معظم أفلام الفترة من 2000 إلى 2010، بعد نجاحه الكبير في فيلم "السفارة في العمارة"، الذي يراه شخصيًا "فاتحة خير".
ومن ضمن هؤلاء الفانين، أحمد خليل، الذي كان يهوى التمثيل منذ صغره، لكن والده رفض أن يسلك طريق التمثيل حتى يصبح مهندسًا، ولكن بعد أن تخرج من الثانوية العامة طلب من والده دخول معهد السينما، الأمر الذي وافق عليه الأب بشرط دخوله قسم الإخراج، ولكنه دخل من دون علم والده قسم التمثيل، نظرًا لأنه كان يعشق التمثيل، ولم يعلم والده بذلك إلا بعد أن أحرز المركز الأول في القسم.
عقب تخرجه في معهد السينما، التحق بمسرح الجيب، وفي السبعينيات سافر إلى الخليج حيث بدأت موجة كبيرة من الإنتاج التلفزيوني، ما أدي إلى ابتعاده عن العمل في السينما المصرية، إلا أنه شارك في أعمال متميزة منها "سليمان الحلبي"، حيث جسد شخصية الجنرال الفرنسي كليبر، ثم عاد بكل قوة إلى التمثيل في التليفزيون المصري في أعمال تلفزيونية، مثل: "يموت الزمار"، و"حديث الصباح والمساء"، و"زمن عماد الدين"، واستطاع بتواجده التليفزيوني المكثف أن يؤدى كافة الشخصيات، لكنه لم يحظ بنفس المكانة في السينما.
كما بدأ يوسف داوود نشاطه الفني متأخرًا، بالرغم أنه مثَّل في حوالي 40 فيلمًا، وعدد من المسلسلات التليفزيونية منذ الثمانينيات وحتى وفاته، كما مثل في عدد من المسرحيات، إلا أنه في بدايته تخرج في كلية الهندسة قسم كهرباء عام 1960، وعمل مهندسًا، ثم تفرغ للفن عام 1985، بعد أن التحق بالدراسات الحرة لمدة عام، كانت البداية في مسرحية "زقاق المدق"، ومن أشهر أعماله في التليفزيون مسلسل "السوق"، "وكسبنا القضية"، "الدش والمش"، وتنوعت أدواره من الكوميدية إلى دور ضابط الشرطة ورب الأسرة، كما لقب بـ"مهندس الضحك"، وشارك الزعيم عادل إمام في أغلب مسرحياته.
ومن أبرز الفنانين الذين بدأوا نجوميتهم عندما كبروا، النجم خالد الصاوي، الذي حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة 1985، ثم حصل على بكالوريوس الإخراج السينمائي من أكاديمية الفنون عام 1993، عمل بالمحاماة لفترة قصيرة، ثم مساعدًا للإخراج، ثم مخرجًا تلفزيونيًا في قناة النيل الدولية، وبعض القنوات المتخصصة.
بدأ التمثيل على المسرح الجامعي، واشترك في تأسيس الجمعية المصرية لهواة المسرح، كتب وأخرج للمسرح، وفاز بجائزة تيمور للإبداع المسرحي عامي 1991، 1992، عن مسرحيتي حفلة المجانين وأوبريت الدرافيل، كما عمل في مسلسل أحلام العمر، بالإضافة إلى كونه مؤلف قصصي ومسرحي، وشاعر، كما عمل مساعد مخرج في بعض الأفلام وكل هذا أثر على بدء نجوميته في وقت متأخر.
وكان الراحل خالد صالح من ضمن الفنانين الذين بدأوا حياتهم الفنية في وقت متأخر، فقد بدأ التمثيل من خلال مسرح الجامعة، ومثَّل في مسارح الهواة مثل مسرح الهناجر في دار الأوبرا المصرية لفترة طويلة، وكان هذا في الوقت الذي كان يمارس فيه أعماله التجارية الخاصة.
تفرغ تمامًا للتمثيل في عام 2000، وهو في سن السادسة والثلاثون، ولمع نجمه سريعًا وبرع في أداء الأدوار المعقدة، وأدوار الشر، من أهم أعماله السينمائية "تيتو، وعمارة يعقوبيان، وهي فوضى"، كما عرض له في رمضان 2007 مسلسل سلطان الغرام، وفي رمضان 2008 مسلسل بعد الفراق، وهما بطولة مطلقة.
ومن الفنانات اللاتي أشتهرن مؤخرًا، ليلى عز العرب، التي بدأت علاقتها بالفن من خلال قيامها بأدوار صغيرة للغاية في بعض الأعمال الفنية منها: "إسكندرية نيويورك" للمخرج "يوسف شاهين"، و"عايز حقي" مع النجم هاني رمزي، ومسلسلي "الأصدقاء"، و"فارس الرومانسية"، إلى أن قامت بدور والدة أحمد حلمي في فيلم "1000 مبروك"، وهي حاصلة على بكالوريوس تجارة في يونيو 1967، وكانت أصغر خريجة جامعية في مصر، وعملت في قطاع البنوك من 1968 وحتى عام 2005، ثم التحقت بمشروع تطوير سكك حديد مصر التابع لوزارة النقل المصرية حتى 2011، ثم تفرغت للتمثيل الذي كان هوايتها منذ الصغر بعد التحاقها بورشة تمثيل في قصر السينما عام 2000.
كما حققت وفاء سالم النجومية بعد سن الـ40، حيث درست في كلية الآداب، واكتشفها المخرج المصري عاطف سالم، وعملت في السينما مابين سورية أو مصر، وكانت في بدايتها تأخذ أدوار كبيرة إلا أن كثرة توقفها عن التمثيل أثر على حجم أدوارها، وأدى إلى تقلص نجوميتها في الفترة الأخيرة فقط.