الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
المعرض اللندني «ناشونال غاليري»

لندن-الدار البيضاءاليوم

ما الوقت الذي يقضيه زائرٌ لمعرض فني في التمعن بالأعمال المعروضة وفهمها؟ في كثير من الأحيان لا يتعدى الأمر ثواني بسيطة، لينتقل بعدها الزائر للعمل التالي، وهو ما يريد معرض جديد في «ناشونال غاليري» بلندن تغييره أو لفت النظر له. فالغاليري الذي يضم مجموعة ضخمة من أشهر الأعمال الفنية في العالم، قرر أن يلحق بركب برامج تلفزيونية تخصصت في إبراز الجانب الخفي من الأعمال الفنية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، منها ما لجأ لخبراء الترميم والعلماء لسبر أغوار اللوحات القديمة، وفحص تاريخها، وتحليل طبقاتها للكشف عن مراحل عمل الفنان. وبما أن 2019 هو عام الاحتفال بمرور 500 عام على وفاة ليوناردو دافنشي، فقد قرر مسؤولو الغاليري ضرب عصفورين بحجر واحد، أو لنقل بمعرض واحد. وهكذا يفتتح معرض تفاعلي يمزج ما بين المتعة الفنية والتقنية الحديثة تحت عنوان «ليوناردو... عش مع تحفة فنية».

المعرض مختلف عن غيره في كثير من النواحي، أولها أنه يعرض لوحة واحدة فقط وهي «عذراء الصخور»، وهي من مقتنيات «ناشونال غاليري»، وعبر أربع قاعات فقط يدعو العرض الزائر للتمهل قليلاً للاستمتاع، ومحاولة الدخول في عالم دافنشي، وطريقة رسمه. وتصف كارولين كامبل مدير «ناشونال غاليري» للمجموعات والبحث العرض بقولها: «المعرض بأكمله يتمحور حول التمهل أمام اللوحات. نريد أن نقنع الزائر بقضاء وقت أكثر في النظر للوحة عظيمة، لأننا نعتقد أن أفراد الجمهور قد يقضون 15 ثانية فقط أمام أي لوحة في الغاليري». وفي سبيل إقناع الزائر بذلك يعمد الغاليري لعمل ما لا يفعله أي متحف من قبل عبر تقديم هذا العرض الغامر.

في البداية، يأخذنا المعرض إلى ميلانو عام 1483، حين كلف ليوناردو دافنشي برسم لوحة لكنيسة سان فرنسيسكو غراندي، يختصر العرض الكثير من التفاصيل التاريخية حول بداية تكليف ليوناردو بالعمل والخلافات مع الكنيسة حول تفاصيل الشخصيات، ما أدى بالفنان لبيع اللوحة لعميل آخر (موجودة الآن بمتحف اللوفر)، ثم إعادة الاتفاق معه ليرسم نسخة محدثة من اللوحة نفسها أتمها في عام 1509، عموماً نترك كل تلك التفاصيل جانباً، وإن كنا سنعود للنسخة الأولى من اللوحة لاحقاً.

القاعة هنا واسعة، ولا تحمل الكثير سوى إسقاط ضوئي على الحوائط حولنا يرسم معالم مدينة ميلانو في ذلك الوقت، مع التركيز على كنيسة سان فرانسيسكو غراندي، حيث ستقبع اللوحة بعد ذلك. وعبر العرض الضوئي على لوحات من القماش الشفاف التي تتدلى من السقف، نرى عرضاً لبناء الكنيسة وموقع اللوحة بها مع بعض المعلومات حول ميلانو. العرض هنا ساحر وغامر بمعنى الكلمة، يبدأ بعرض بصري بسيط سرعان ما يتطور مع الاستعانة بالمؤثرات الصوتية، ليجذبنا لداخل خريطة ميلانو ومبانيها وإلى داخل بناء الكنيسة.

القاعة التالية تدعونا للتجربة بأنفسنا في مفهوم الضوء عبر أكثر من منصة بتحريك مفاتيح الإضاءة المسلطة على بعض القطع مثل صخرة ولوحة تمثل امرأة جالسة، والهدف هنا هو تخيل عملية الرسم وتحديد مصادر الإضاءة.

غير أن التجربة الفنية المذهلة تكمن في الغرفة الثالثة، حيث ندخل لحجرة أعدت على أنها استديو الرسم الخاص بدافنشي، لا تعنينا قطع الديكور المتناثرة، وتمثل مناضد وعلب ألوان وأدوات مختلفة، فالمهم هنا هو اللوحة الموجودة أمامنا في شكلها النهائي، وأيضاً شاشة العرض البصري أعلى. عبر العرض الضوئي والتعليق الصوتي المختصر نرى مراحل رسم اللوحة مع التركيز على تفاصيلها في الشاشة العلوية. طبقة فطبقة نتابع مراحل الرسم من بداية تلوين الخلفية باللون الأبيض ثم رسومات بالفحم تتكون أمامنا للشخصيات في اللوحة، نسمع صوت مرور قطعة الفحم على اللوحة، وننسى أننا في معرض حديث بوسط لندن، ونتخيل أننا في مرسم دافنشي. نرى ما تنفذه يداه، يتكون أمامنا من الرسومات التي يعدلها ثم يلغي بعضها إلى وضع الألوان المختلفة إلى الوصول للشكل النهائي. بينما يقدم العرض على الشاشة العليا مقارنة بين نسختي اللوحة بأسلوب ساحر.

لوحة واحدة مررنا أمامها في الغاليري كثيراً، ولم نرها بمثل هذا الوضوح، ولم نتفاعل معها بمثل الانتباه والشغف نفسه، هل هذا هو الاتجاه الجديد في العروض الفنية؟ لا أعتقد، ولكن هو اتجاه يخرجنا من حالة الألفة التي تتكون بيننا وبين أعمال فنية كثيرة. عموماً العرض، رغم بعض نقاط الضعف فيه، يمثل تجربة ممتعة وثرية.

وقد يهمك أيضاً :

علماء يكشفون عن التمثال الوحيد ضمن أعمال ليوناردو دافنشي

اكتشّاف سر تتبع عيني "الموناليزا" لمُشاهدي لوحة ليوناردو دافنشي

View on casablancatoday.com

أخبار ذات صلة

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
الروائية رشا عدلي تكشف المستور و"شغف" تصل بها إلى…
أنور الخطيب يوقّع ديوانه المنَحوتة مفرداته " كثير الشوق"…
في افتتاحه معرض الشارقة الدولي للكتاب الشيخ سلطان يعلن…
فيلم "أزرق القفطان" لمخرجته مريم التوزاني لتمثيل المغرب في…

اخر الاخبار

"الحرس الثوري الإيراني" يعيد انتشار فصائل موالية غرب العراق
الحكومة المغربية تُعلن أن مساهمة الموظفين في صندوق تدبير…
روسيا تُجدد موقف موسكو من الصحراء المغربية
الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السياسية لحل نزاع الصحراء

فن وموسيقى

أشرف عبد الباقي يتحدث عن كواليس "جولة أخيرة" ويؤكد…
وفاة الفنانة خديجة البيضاوية أيقونة فن "العيطة" الشعبي في…
كارول سماحة فَخُورة بأداء شخصية الشحرورة وتستعد لمهرجان الموسيقى…
شيرين عبد الوهاب فخورة بمشوارها الفني خلال الـ 20…

أخبار النجوم

أمير كرارة يحافظ على تواجده للعام العاشر على التوالى
أحمد السقا يلتقي جمهوره في الدورة الـ 41 من…
أنغام تستعد لطرح أغنيتين جديدتين بالتعاون مع إكرم حسني
إصابة شيرين عبدالوهاب بقطع في الرباط الصليبي

رياضة

أشرف حكيمي يوجه رسالة للمغاربة بعد الزلزال المدّمر
الإصابة تٌبعد المغربي أشرف بن شرقي عن اللعب مع…
المغربي حمد الله يقُود إتحاد جدة السعودي للتعادل مع…
كلوب يبرر استبدال محمد صلاح في هزيمة ليفربول

صحة وتغذية

فوائد صحية مذهلة مرتبطة بالقلب والمناعة للأطعمة ذات اللون…
النظام الغذائي الأطلسي يخفف من دهون البطن ويحسن الكوليسترول
بريطانيون يطورُون جهازًا جديدًا للكشف المبكر عن أمراض اللثة
اكتشاف مركب كيميائي يساعد على استعادة الرؤية مجددًا

الأخبار الأكثر قراءة