آخر تحديث GMT 18:37:04
الدار البيضاء اليوم  -

بيّنت أنّه "دعارة مقنّعة" يمس حقوق المرأة التونسيّة

المحاميّة ياسمين عطيّة تناقش مفهوم "جهاد النكاح"

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - المحاميّة ياسمين عطيّة تناقش مفهوم

المحاميّة التونسيّة ياسمين عطية
تونس ـ المغرب اليوم

أكّدت المحاميّة التونسيّة ياسمين عطية أنّ اختيارها لموضوع جهاد النكاح جاء لما يشكّله الأمر من نوع جديد من الدعارة، تمارس من منطلق ذاتي، تحت شعار مقدس باسم دين الإسلام، مشير إلى أنّ هذه "الآفة" تمس بشكل كبير المرأة التونسية، التي تعتبر رائدة، ومحميّة قانونًا، بالمقارنة مع المرأة في بلدان عربية أخرى. وكانت المحامية التونسيّة ياسمين عطية قد حصلت، في 2 شباط/فبراير الجاري، على جائزة الدورة الـ 25 لمسابقة المرافعات، التي أقيمت في متحف تاريخ القرن العشرين، في مدينة كاين الفرنسية، إثر مرافعة بشأن موضوع "جهاد النكاح".وأشرفت وزير العدل الفرنسيّة كريستيان توبيرا، والتي ترأست هذه الدورة من المسابقة، على تسليم الجائزة الأولى لأحسن مرافعة للمحامية التونسية، في حين أسندت المرتبة الثانية للمحامي كافيت يورت عن هيئة المحامين في بروكسيل.
وأوضحت عطية أنّ "المرأة انخرطت في مشروع مجتمعي دخيل، لا يعتبر المرأة مواطنة بقدر ما يعتبرها موضوعًا غير مهم، فالمرأة وفق ذاك المشروع تعتبر غنيمة حرب، عبّدة، ومملوكة لصاحبها، الذي من حقه أن يدعها تعيش أو أن يقتلها".وأشارت ياسمين إلى أنَّها "قرّرت تبيان الخلط الواضح بين الديني والسياسي والاجتماعي في تفكير البعض، ذاك التفكير الذي يحاول تبرير استغلال المرأة، عبر المدوّنة الفقهيّة، أو قراءة سطحية لبعض آيات القرآن"، موضحة أنَّ "حديثها عن جهاد النكاح جاء من هذا المنظور، حيث قدّمت أمثلة عن فتيات تونسيات وقعن فريسة لفتوى البغاء المقنع، من ذلك الفتاة إيناس".واعتمدت ياسمين عطية في مرافعتها على جملة أفكار، بنَتْها انطلاقًا من العديد من المعطيات والسياق العام لظهور المفهوم، وانتشاره، وعلى تجارب فتيات عائدات من "الجهاد المقدس"، من بينهنّ إيناس، الفتاة التونسية التي تنحدر من وسط اجتماعي فقير، من أحد الأحياء الشعبية في العاصمة، والتي كانت فريسة سهلة لدعاة "البغاء المقنّع".
وبيّنت ياسمين كيف يتمكن بعض الذين يوظفون الخطاب الديني في التأثير على عقول هذا النوع من الشباب، الذي يعيش ظروف الفقر والتهميش، وعدم توفر الرعاية النفسية والاجتماعية، ما يجعله في مرمى الفكر السلفي المتشدّد، الذي يتقن استغلال المقولات الدينية في مثل هذه الوضعيات.ولفتت إلى أنَّ "إيناس القاصر مرّت بتجربة قاسية، حيث أحبت شابًا، لكنه تخلى عنها بعد أن قضى معها فترة من الزمن، سلّمت له فيها نفسها، لتقع بعد ذلك في وضعية نفسية صعبة، إلى أن تعرّفت على شاب سلفي، استغل وضعيتها، وتزوج بها عرفيًا، وأقنعها بضرورة الهجرة إلى سورية، بغي التكفير عن ما ارتكبته مع عشيقها، ونظرًا لصغر سنها، وحالتها النفسية الصعبة، وافقت إيناس، وهربت من منزل عائلتها، وعاشت مع الشاب السلفي، إلى أن حان موعد الرحيل، لتغادر التراب التونسي، وتتوجّه معه إلى سورية".
وأكّدت المحاميّة عطية، استنادًا إلى شهادة إيناس، أنَّه "في دمشق سلّمها السلفي إلى شيخ سوري، الذي عرّفها على مجموعة من المقاتلين، وبدأت رحلة العذاب، لتدخل في دوامة الدعارة ليلاً ونهارًا، ما أصابها بالمرض، وأوجاع حادة على مستوى رحمها، إلى أن استدعى الأمر التخلي عنها، لعدم مقدرتها على ممارسة الرذيلة تحت غطاء الجهاد، وتأزمت حال إيناس، إلى أن أمر بترحيلها إلى تونس، وفي مطار تونس قرطاج تمّ إلقاء القبض عليها من طرف الأمن، والاستماع إلى أقوالها، لتجد نفسها بعد ذلك في شوارع العاصمة، بعد رفض أسرتها لها".
واعتبرت المحاميّة أنّ "هذه القصة المعبرة عن مأساة فتاة تونسية تبيّن جملة من الحقائق، التي تتطلب التدخل السريع قبل استفحالها"، مشيرة إلى أنّ "المرأة التونسية كسبت العديد من الحقوق، عبر تاريخها النضالي، وتمكّنت من تجاوز الكثير من العراقيل في الدفاع عن مكانتها في المجتمع، وفي إصرارها على حقوقها، ومساواتها مع العنصر الذكوري".
وقدّمت ياسمين في مرافعتها مقاربة متميزة، كما دافعت بشراسة عن المرأة التونسيّة، وحقوقها ومكتسباتها، ورأت أنّ تلك الأفكار، "الدخيلة" على المجتمع التونسي، لا يمكن لها أن تقوّض الصورة الإيجابيّة التي ارتسمت في الأذهان عن وضع المرأة التونسية، والمكانة التي وصلت إليها.ويعود التفوق الذي حازته ياسمين عطية، فضلاً عن قيمة الموضوع والجدل الذي أثاره، إلى عمق الطرح، وزاوية التناول، التي من خلالها ولجت المحامية الصغيرة إلى مفاهيم عدة، وإشكاليات متصلة ببعضها، في تناسق أبهر الحضور.يذكر أنَّ ياسمين عطية تخرّجت من جامعة العلوم الاجتماعية في مدينة تولوز الفرنسيّة، وحصلت على الأستاذية في قانون الأعمال، وشهادة الدراسات المعمقة في القانون العام، وهي تعمل منذ خمسة أعوام في مجال المحاماة في تونس، كما تعمل كأستاذة مساعدة في مادة حقوق الإنسان، في كلية القانون والعلوم السياسية، في تونس.
وتدرّبت عطية لدى أكبر مكاتب محاماة تونس العاصمة، ولدى شركة المراقبة المالية العالمية "أرنست أند يونغ"، في العاصمة الفرنسية باريس، لاسيما أنّ اختصاصها هو القانون الجبائي، كما أنجزت رسالة الدكتوراة في هذا المجال، وكان موضوعها "الانعكاسات الجبائية لاتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي".وفي سياق متصل، أوضح المحلّلون للمشهد الاجتماعي التونسي أنّ "هناك أنماطًا اجتماعية، وقيمًا متنوعة، غزت بعض المجتمعات العربية، بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي، منها فتوى جهاد النكاح، التي لا وجود لها في الواقع، وهي فتوى هجينة، ومجهولة الهوية، انتشرت على هامش الأزمة السورية".
وبيّن الملّلون أنّ "الفتوى تتضمن دعوة النساء إلى التوجه نحو الأراضي السورية، بغية ممارسة نوع خاص من الجهاد، وهو إمتاع المقاتلين السوريين لساعات قليلة، بعقود زواج شفهية، بغية تشجيعهم على القتال".وأشاروا إلى أنّ "هذه الفتوى ظهرت بمثابة شائعة، في نهاية عام 2012، على قناة تلفزيونيّة سورية، وعلى الفور التقط الخبر من طرف بعض وسائل الإعلام الموالية لنظام بشار الأسد".ويعتقد بعضهم أنّ "الآلة الإعلامية للحكومة السورية هي من اخترعت هذا المفهوم الجديد، في إطار حربها على الثوار، بعد أن وصفتهم بأنّهم من المتسلّلين، ومن المنتمين إلى الخارج، بغية نزع صفة الانتماء للوطن عنهم، وأنهم عصابات مسلحة، لتبرير استخدامها القوّة ضد المتظاهرين".
وأبلغت عائلات تونسيّة عدّة، إبان ظهور مفهوم الجهاد، وانتشاره، عن اختفاء بناتها المراهقات، وسط ترجيحات بسفرهن إلى سورية، فيما أكّدت وزارة المرأة والأسرة تسجيل حالات اختفاء الأطفال المراهقين، إثر ظهور شبكات متخصصة تستهدف الشباب والأطفال من الجنسين، بغية تجنيدهم، عبر ممارسة التجييش الفكري والعقائدي.وأشار مسؤول في وزارة الداخلية التونسية إلى أنّ "تونسيات سافرن إلى سورية بقناعة تقديم خدمات اجتماعية للمقاتلين، من قبيل تمريض الجرحى، والطبخ، وغسل الثياب، وتمّ استغلال بعضهن جنسيًا".
وأعلن المدير العام لجهاز الأمن العمومي في وزارة الداخلية مصطفى بن عمر، في آب/أغسطس الماضي، عن تفكيك خلية لـ"جهاد النكاح" في جبل الشعانبي (وسط غرب تونس)، موضحًا أنّ جماعة "أنصار الشريعة" (التي صنفتها تونس تنظيمًا إرهابيًا) قامت بانتداب العنصر النسائي، لاسيما القاصرات المنقبات، على غرار الخلية التي تمّ تفكيكها، والتي كانت تتزعمها فتاة من مواليد 1996.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحاميّة ياسمين عطيّة تناقش مفهوم جهاد النكاح المحاميّة ياسمين عطيّة تناقش مفهوم جهاد النكاح



GMT 09:29 2022 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير هاري وميغان ماركل يُطلقان مشروع جديد لدعم المرأة

GMT 15:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

رئيس الرجاء يحاول اقتناص لاعبين أحرار بدون تعاقد

GMT 05:33 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن موقع هبوط يوليوس قيصر لغزو بريطانيا

GMT 09:33 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

عهد التميمي

GMT 10:19 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الروسي يعلن وصول أول كتيبة من سورية إلى موسكو

GMT 11:50 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

مقتل 4 من عناصر "بي كا كا" في قصف تركي شمالي العراق

GMT 06:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

8 معلومات مهمة عن "جسر العمالقة" تزيد الفضول لزيارته

GMT 17:21 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب الأرجنتين يعلن عن تشكيلته لمواجهة البرازيل

GMT 00:21 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

صحيفة بريطانية تكشف أفضل 10 فنادق في مدينة روما

GMT 22:46 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

حسن الفد يعيد شخصية كبور من خلال عرضه " سكيتش"

GMT 16:29 2017 الثلاثاء ,03 كانون الثاني / يناير

2016 عام حافل بالأنشطة والعروض في الدار العراقية للأزياء

GMT 04:38 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مرضٌ خطير يصيب الأبقار ويعزل عشرات القرى في سطات

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

وفاة الممثل المسرحي المغربي إدريس الفيلالي
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca