آخر تحديث GMT 18:37:04
الدار البيضاء اليوم  -

فرنسا تضغط لحمل الدول المغاربية على قبول استرجاع مواطنيها

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - فرنسا تضغط لحمل الدول المغاربية على قبول استرجاع مواطنيها

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرباط - الدار البيضاء

لم يأت قرار باريس بتشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس من فراغ، ولم يكن مفاجئاً من حيث توقيته، أو بالمدى الذي وصل إليه، حيث قضى بخفض التأشيرات بنسبة النصف بالنسبة للجزائريين والمغاربة، وبنسبة الثلث للتونسيين. لكن ما كان لافتاً هو «الحدة»، التي ميزت تصريحات الوزير غابريال أتال، الناطق باسم الحكومة في لقاء إذاعي أمس، حيث قال إنه «كان هناك حوار (مع العواصم المعنية)، ثم كانت هناك تهديدات. واليوم نضع هذا التهديد موضع التنفيذ».

والخطوة الفرنسية تبدو بوضوح تام أنها عملية ضغط على المسؤولين المغاربيين لإعادة النظر في طرق تعاملهم مع فرنسا في ملف بالغ الحساسية للطرفين، وهو ترحيل المواطنين المغاربة، الذين قضى القضاء الفرنسي بترحيلهم إلى بلادهم، والذين وصل غالبيتهم إلى فرنسا بطرق غير شرعية.

وتجدر الإشارة إلى أن ترحيل أي أجنبي يفترض أن تحصل باريس بشأنه على «تصريح قنصلي» يخول للسلطات وضعه في طائرة وإعادته من حيث أتى. وتبين أرقام وزارة الداخلية أن نسبة ترحيل المواطنين المغاربيين هي في الحدود الدنيا، إذ إنها بنسبة 0.2 في المائة للجزائريين، و2.4 في المائة للمغاربة، و4 في المائة للتونسيين. وهذا الواقع يعتبره الرئيس إيمانويل ماكرون والحكومة الفرنسية بالغ الضرر سياسياً بالنسبة إليهما، خصوصاً أن ملف الهجرات سيكون رئيسياً في الانتخابات الرئاسية القادمة، التي ستجرى بعد سبعة أشهر.

وأمس أعلنت مارين لوبن، مرشحة اليمين المتطرف، أن ملف الهجرات سيكون «مركزياً» في الانتخابات القادمة، وأنها تريد تنظيم استفتاء في حال فازت بالانتخابات، حول إضافة مادة إلى الدستور، تجعل السيطرة على الهجرات «إلزامية».

وليست لوبن وحدها التي تسعى لاستغلال ملف الهجرات غير الشرعية ، المرتبط دوماً بملف الإسلام و«الانفصالية الإسلاموية» في دعايتها الانتخابية، إذ لا يمكن تناسي أريك زيمور، الصحافي والمثقف الذي يقف إلى يمين لوبن بسبب نظرياته، ومنها نظرية «الاستبدال» التي تعني استبدال الفرنسيين بمهاجرين، غالبيتهم من المسلمين، الذين يتبنون ثقافة وممارسات لا تتلاءم مع القيم والمبادئ الفرنسية. ويركز زيمور، الذي لم يعلن بعد ترشحه، رغم أن كافة المؤشرات تدل على أنه سيفعل ذلك قريباً، على ثلاثية (الهجرات، الإسلام، الأمن)، المترابطة فيما بينها. ولاكتمال الصورة، فإن مرشحي اليمين الكلاسيكي «حزب الجمهوريين»، الكثر حتى اليوم، يلهثون وراء اليمين المتطرف، ويتبنون العديد من مقارباته، مقتنعين بأن المجتمع الفرنسي يسير يميناً. والخلاصة أن الرئيس ماكرون بحاجة لإبراز عضلاته، واتخاذ قرارات تعكس عزمه، وهو الذي طلب منذ عام 2017 بتنفيذ كافة قرارات الإبعاد. وحقيقة الأمر فإن هذا التطور يأتي في سياق تدهور

للعلاقات الفرنسية - المغاربية. ولا شك أن القرار الحكومي ستكون له تبعات إضافية سلبية. وليس سراً أن باريس تنظر بعين القلق إلى ما يجري في تونس، وهي إن لم تنتقد إجراءات الرئيس قيس سعيد بشكل فاضح، إلا أن الرسالة التي أوصلتها إلى قصر قرطاج مراراً تشدد على ضرورة العودة إلى المؤسسات الديمقراطية، وإعادة العمل بأحكام الدستور. وما تروج له أوساط إسلامية تونسية لجهة أن سعيد يعمل على هدي نصائح فرنسية، لا أساس له من الصحة. وبالنسبة للمغرب، ثمة إشكالية أكثر خطورة، وعنوانها برنامج «بيغاسوس» الإسرائيلي للتنصت على الهواتف النقالة، ومنها هواتف وزراء ومسؤولين وصحافيين وشخصيات فرنسية بحسب ادعاءات فرنسية. وللإشارة، فإن العديد من الشكاوى قدمت في فرنسا ضد المغرب بسبب هذه القضية، التي سعت باريس للتغطية عليها مخافة تأزيم علاقاتها مع الرباط.ويدرك المراقبون وجود حساسية بالغة في المغرب والجزائر لكل ما له علاقة بباريس، التي كانت إما القوة المستعمرة، أو القوة المنتدبة.

وتبقى حالة الجزائر التي لم «تهضم» سلطاتها قرار ايمانويل  ماكرون طلب الصفح من «الحراكيين»، أي الجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب القوات الفرنسية في حرب الاستقلال الجزائرية، ويعدون بعشرات الآلاف. وقد انتقل قسم منهم إلى الأراضي الفرنسية بعد نيل الجزائر استقلالها. ومن يكرمهم ماكرون كأبطال تنظر إليهم السلطات الجزائرية على أنهم «خونة» لوطنهم لأنهم قاتلوا مع المستعمر ضد أبناء بلادهم.

هكذا تتبدى صورة العلاقات المتوترة بين الطرفين على جانبي المتوسط. ولا شك أن ما سيزيد من حنق المغاربيين أن الحصول على تأشيرة فرنسية، تتيح التنقل داخل فضاء «شنغن»، يعد محلياً وسيلة لتنفيس الاحتقانات الشعبية، وبالتالي فإن إلغاءها أو خفضها إلى النصف من شأنه زيادة الضغوط على السلطات، التي تواجه بدرجات مختلفة احتجاجات اجتماعية وسياسية.
من هنا، تظهر الحاجة لترقب ردود الأفعال، وما إذا كانت ستزيد من نسبة التوتر أم أن الرباط والجزائر وتونس ستغير سياساتها، وستقبل أخيراً باستعادة مواطنيها الذين فروا منها.

قد يهمك ايضاً :

ماكرون وجونسون يعارضان دوري السوبر الأوروبي

رئيس أوكرانيا يجري في باريس مفاوضات مع ماكرون وميركل

 
casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا تضغط لحمل الدول المغاربية على قبول استرجاع مواطنيها فرنسا تضغط لحمل الدول المغاربية على قبول استرجاع مواطنيها



GMT 18:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 00:01 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تتأهل رسميًا إلى نصف نهائي بطولة أفريقيا للريشة الطائرة

GMT 20:57 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

اختيار هشام نصر متحدثًا رسميًا لاتحاد اليد المصري

GMT 19:36 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

ارتفاع أسعار تذاكر مباراة وداع فينغر

GMT 07:53 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تعرف على قواعد اختيار هدية عيد الحب لشريكة الحياة

GMT 02:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المجلس الأعلى للقضاء يعاقب 15 قاضيا من مختلف المدن المغربية

GMT 06:17 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

جيجي حديد في إطلالة من الجلد في عيد ميلاد حبيبها

GMT 23:48 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

نجل "عبدالرؤوف" يكشف حقيقة حالته الصحية

GMT 06:50 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

الحزب الجمهوري يمدح إيفانكا ترامب ويشيد بمجهوداتها

GMT 12:46 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تنظيم الدورة الثانية للدوري الدولي لكرة الماء في الرباط

GMT 23:36 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الأحد
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca