نهاية نظامين...لا نظام واحد

الدار البيضاء اليوم  -

نهاية نظامينلا نظام واحد

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

الجامعة العربية، أقدم منظمة إقليمية، عمرها من عمر الأمم المتحدة، تأسست على هامش القضية الفلسطينية، ونمت على جذعها، والأصل أنها الرافعة والمظلة لكفاح شعب فلسطين للتحرر من الاحتلال والعنصرية...هذه المنظمة، سطرت في الاجتماع الأخير لوزراء خارجيتها "شهادة دفنها"، وشكراً لـ"كوفيد 19" أنه جعل الاجتماع يتم عبر تقنية "الاتصال عن بعد"، وإلا لكان الخلاف وصل حد استخدام القبضات أو "منافض السجائر" كما حصل في مناسبات سابقة...نقول هذه المنظمة سطرت "شهادة دفنها"، بعد أن نعينا مرات ومرات، "اللا-نظام العربي" الذي لم يدرأ ضراً ولم يجلب نفعاً، وكان مصيره الفشل، في كل مرة حاول فيها التصدي لنزاع بيني أو آخر بين دولة عربية .وأخرى غير عربية، دع عنك الصراع الأعقد والأطول في التاريخ: الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي

منظمة التعاون الإسلامي، المؤتمر الإسلامي سابقاً، أكبر منظمة إقليمية وأعرضها، عضويتها تناهز السبعة وخمسين دولة، نشأت بدورها هامش القضية الفلسطينية وجذعها، بعد أن تحوّل حريق الأقصى(1969) إلى شرارة أيقظت مشاعر التضامن الإسلامي مع الشعب الفلسطيني...تاريخياً، كانت المنظمة تتبنى تلقائياً ما يصدر عن "المجموعة العربية" من قرارات وتوصيات، ولم يُسجل في تاريخها أنها اصطدمت بموقف فلسطيني، لكن تردي الحالة العربية من جهة، وصعود بعض الدول الإسلامية (تركيا، إيران، ماليزيا والباكستان) من جهة ثانية، وقدرة الأخيرة على اتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن مراكز القرار الدولي، وتحديداً واشنطن من جهة ثانية، جعل المنظمة الإسلامية أكثر تقبلاً للمواقف الفلسطينية من نظيرتها العربية.

كلتا المنظومتين، تقفان على مفترق خطير...الجامعة وقفت طويلاً على هذا المفترق، وهي غادرته بالأمس باتجاه الانهيار، عندما خذلت بضعفها وانقسامها شعب فلسطين وممثله الشرعي وقضيته الوطنية...الجامعة التي سلكت منحدراً منذ سنوات طوال، يبدو أن وصلت نهاية مطافها، والأرجح أنها مستمرة كمظلة للتغطية على تردي مواقف بعض الدول والعواصم العربية، لا كغطاء يظلل بفيْئه شعب فلسطين.

هزال الحالة العربية أفضى إلى هزال الحالة الإسلامية، العرب طالما كانوا نواة "التعاون الإسلامي" و"محركه"...الصورة مختلفة اليوم، على أن الانقسام حول المسألة الفلسطينية ليس السبب الوحيد، أو حتى الرئيس، في ضعف المنظمة الاسلامية وتفككها...ثمة صراعات محتدمة على الزعامة والنفوذ، وثمة دول إسلامية لم يعد يرضيها البقاء في موقع المتلقي لما تمليه الجماعة العربية، سيما وأنها على خلاف حقيقي مع دول عربية وازانة.

قمة كوالالمبور (2019)، ليس بداية مطاف الانقسام في منظمة التعاون، ولن تكون نهايته...في المرة السابقة، تغيبت الباكستان أو غَيّبتها الضغوط التي فرضت عليها، كما قال رئيس وزرائها مؤخراً...في المرة التالية، لن تغيب الباكستان عن لقاء ثانٍ لمجموعة كولالمبور، وسينتقل مركز ثقل العالم الإسلامي إلى دوله الكبرى، غير العربية، وهذا منسجم على أية حال مع الحالة العربية الراهنة الموزعة على المحاور والمعسكرات المتصارعة، والتي تتولى قيادتها دول غير عربية: الولايات المتحدة، تركيا وإيران، وربما إسرائيل بعد ردح غير طويل من الوقت...والأرجح أننا سنكون أمام منظمة إسلامية ثانية، بديلة أو موازية، تغلب التعاون الاقتصادي والتقني والتجاري والمالي والثقافي بين أعضائها، لكنها لن تغفل التضامن مع شعب فلسطين، ولن تتنكر لرسالة "المؤتمر الإسلامي" الأولى، التي تمت صياغتها بتأثيرات حريق الأقصى، بل وربما تكون أكثر فاعلية في التعبير عن مظاهر الدعم والاسناد من المنظمة الأم.

منظمتان إقليميتان، كبيرتان ووازنتان، قديمتان وعريقتان، نشأتا بفعل تداعيات القضية الفلسطينية وبهدف دعمها...يبدو أنهما باتتا عرضة للشل والانقسام...لكن بقليل من التفاؤل، يمكن القول: أن جديداً ربما سينشأ من رحم القديم، وربما يكون أكثر رشاقة وفاعلية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهاية نظامينلا نظام واحد نهاية نظامينلا نظام واحد



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 17:46 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة كيا سيراتو 2016 في المغرب

GMT 04:55 2016 السبت ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تجدد الخلاف بين الهنديتين ديبيكا بادكون وكاترينا كيف

GMT 04:52 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق تنظيف الباركيه والعناية به

GMT 05:03 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

أنطونيو بانديراس يُقدِّم عطرًا جديدًا جذّابًا ومنعشًا

GMT 12:12 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

منة حسين فهمي ترفع شعار "الكلاب يدخلون الجنة"

GMT 15:38 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة اودي تي تي 2016 في المغرب

GMT 13:25 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الأمن توقف سبعة سلفيين في مدينتي طنجة وفاس

GMT 09:13 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

"فوكسهول" تطرح سلسلة سيارات FB-Victor رائعة منذ 1961
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca