هل يصبح "قطار التطبيع" عابراً للمحاور؟!

الدار البيضاء اليوم  -

هل يصبح قطار التطبيع عابراً للمحاور

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

تزدحم وسائل إعلام المنطقة، بالتقارير و"التسريبات" التي تتحدث عن اتجاه "جارف" للتطبيع مع إسرائيل، وفيما الأنظار تنصبُّ في غالبيتها لمعرفة هوية الدولة التالية على هذا المسار من بين الدول الخمس التي "تبشر" إدارة ترامب وحكومة نتنياهو بقرب انضمامها لقاطرة التطبيع، فإن تقارير وتقديرات مثيرة أخرى، تتحدث عن "تطبيع" عابر لخطوط الانقسامات والمحاور المصطرعة في الإقليم، وتلكم هي المسألة الأكثر مدعاة للبحث والتأمل.

في المحور الأول؛ "محور المقاومة والممانعة"، كان الإعلان عن "اتفاقية إطار" للشروع في مفاوضات لترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، وعلى لسان رئيس مجلس النواب اللبناني وزعيم حركة أمل، الشقيقة التوأم، لحزب الله اللبناني، أول "غيث" التسريبات والتقديرات التي سعى القائلون بها لإدراج هذه المفاوضات، في سياق موجة التطبيع العربية الإسرائيلية الراهنة، والتي شملت حتى الآن، كل من الإمارات و البحرين و السودان...البحث حول هذه النقطة، تركّز حول مغزى "الضوء الأخضر" الذي أشعله "الثنائي الشيعي" لإطلاق هذه المفاوضات، وما إذا كان بالإمكان التكهن بوجود "ضوء أخضر" إيراني لتدشينها، وعلاقة ذلك كله بـ "الانعطافة" في موقف التيار_الوطني_الحر، الحليف المسيحي الأكبر لحزب الله، الذين قال رئيسه بأن خلافه مع إسرائيل "ليس إيديولوجياً"، فيما ارتأى مؤسسه وأبوه الروحي الرئيس ميشيل عون، أن السلام مع إسرائيل والتطبيع معها، يأتيان بعد حل مشكلاتها مع لبنان، دون أن يربط ذلك بحل القضية الفلسطينية.
الشيء ذاته، سيكرره #بشار_الأسد في أحدث تصريحاته الصحفية، فهو يتحدث عن سلام محتمل، ما أن تتوفر الإرادة الإسرائيلية لحل المشكلات العالقة بين بلاده وإسرائيل، ومن دون ذكر للمسألة الفلسطينية من جديد، بوصفها شرطاً مسبقاً لسلام سوريا وتطبيعها معها...فيما الأنباء والتسريبات تحدثت في الساعات الماضية، عن محادثات ترعاها أبو ظبي بين أمريكيين وسوريين، ويقال أن مسؤولين إسرائيليين "كانوا هناك"، استكمالاً لما تردد عن زيارات متعاقبة لوفود أمنية أمريكية رفيعة المستوى لدمشق، بحثت في جملة قضايا، من بينها استطلاع فرص التوصل إلى سلام بين دمشق وتل أبيب.

في المحور الثاني؛ التركي – القطري، لا مشكلة جوهرية بين أنقرة و تلأبيب، ثمة رطانة خطابية عالية النبرة ضد إسرائيل، تصدر عن الرئيس التركي أساساً، وغالباً لاعتبارات داخلية أو "موجهة للرأي العام العربي والإسلامي"، بيد أن ذلك كله، لم يؤثر لحظة واحدة على نشاط السفارات والسفراء في عاصمتي البلدين، ولم يعرقل انسياب السلع والخدمات والرساميل بين #تركيا وإسرائيل، ولم يكبح حركة السفن التركية المحمّلة بالبضائع إلى ميناء حيفا، ولولا جائحة كورونا وتداعياتها، لما تأثرت أعداد السائحين الإسرائيليين الذين يتوافدون إلى تركيا للسياحة والاصطياف.

أما قطر، فقد تزايدت التكهنات بشأن قرب التحاقها بالركب الذي سارت عليه جارتيها: الإمارات والبحرين، الدوحة لا تخفي وجود علاقات نشطة ورفيعة المستوى مع تل أبيب، و يوسيكوهين زارها – ربما – أكثر من غيرها من العواصم العربية، الموقعة لمعاهدات سلام وتطبيع مع إسرائيل، وملف "حماس وقطاع  غزة"، جعل من السفير القطري محمد العمادي، "ضيفاً مستداماً" على مطار بن غوريون...لكن ذلك كله لا يكفي على ما يبدو، والمطلوب الانتقال بهذه العلاقة إلى مستوى أعلى، رسمياً وعلنياً، وثمة ما يشير إلى أن لحظة كهذه تبدو وشيكة، قبل "المصالحة الخليجية-الخليجية" وربما توطئة لها.

المحور الثالث؛ محور "الاعتدال العربي" أو "الدول السنيّة" كما يُسمي بين حين وآخر، هنا لا حدود للتوقعات والتكهنات بشأن أسماء وأعداد الدول التي ستلتحق بهذا المسار، وسط ترحيب من كثير من العواصم العربية والدولية، وليس فقط من قبل إدارة ترامب وحكومة نتنياهو...المسألة مسألة وقت، قبل أن يكتمل عقد "المطبعين العرب"...المسألة مسألة توقيت، قبل أن تقرر هذه العاصمة العربية أو تلك، لحظة صعودها إلى واحدة من عربات "قطار التطبيع".

هذه حقائق ستقلب وجه المنطقة، وربما تعيد ترتيب خرائط المحاور والتحالفات والأولويات...لن تنتهي معها "حروب المحاور وصراعاتها"، فهم لم تنقسم، ولم تصطرع أصلاً، من أجل فلسطين أو عليها، ودائماً ما كانت  القضية الفلسطينية، شمّاعة أو غطاء لكل الأفرقاء، تستعمله متى شاءت وكيفما شاءت...المهم أن على الفلسطينيين إعادة صوغ مشروعهم الوطني وإعادة رسم خرائط طرقهم، وتنقيح خطابهم وممارساتهم واختيار أدواتهم وأوراقهم، بناء على هذا المعطى الناشئ، فالبقاء طويلاً في مربع "الدهشة" و"الخيبة"، والدوران في حلقة ردود الأفعال، لم يكن من السياسة بشيء يوماً، وهو ليس كذلك اليوم، ولن يكون مستقبلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يصبح قطار التطبيع عابراً للمحاور هل يصبح قطار التطبيع عابراً للمحاور



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 20:31 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

كومباني يعلن جاهزية مانشستر سيتي لمواجهة ليفربول

GMT 11:14 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

تزيني بمجموعة مميزة من المجوهرات في عيد الحب

GMT 16:31 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

برانت دورتى ينضم لفيلم "Fifty Shades Of Grey"

GMT 01:15 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مميّزات جديدة في هاتف "iPhone X" الجديد من أبل

GMT 11:16 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة وفيتامينات لعلاج النهايات العصبية للجهاز العصبي

GMT 05:31 2016 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

علماء يتوصَلون لمعرفة مسارات طيور السنونو خلال رحلاتها

GMT 00:27 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مناقشة كتاب "أيام من حياتي" سيرة سعد الدين وهبة

GMT 23:31 2017 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

الريان يخرج حمد الله من "جحيم" الجيش القطري

GMT 05:04 2016 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

ضريح القديس يهوذا وحصنه الشاهق يزيّنان جانسي الهندية

GMT 22:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

لمسات مثيرة لرقبة زوجك قبل العلاقة الحميمة

GMT 22:18 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ يلتقي فورتونا دوسلدورف 13 كانون الثاني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca