لماذا أغلقت إسرائيل أجواء الجولان وأعلنَت حالة التأهّب بعد عُدوانها الأخير على جنوب دِمشق

الدار البيضاء اليوم  -

لماذا أغلقت إسرائيل أجواء الجولان وأعلنَت حالة التأهّب بعد عُدوانها الأخير على جنوب دِمشق

بقلم : عبد الباري عطوان
بقلم : عبد الباري عطوان

تَواصُل الغارات الإسرائيليّة في العُمق السوري باتَ يُشكّل مصدر إحراج لمحور المُقاومة وقِيادته، في أوساط أنصاره ومُؤيّديه في مُختلف أنحاء العالمين العربيّ والإسلاميّ، ليس لأنّ هذه الغارات، وما تُطلقه مِن صواريخ على أهدافٍ سوريّةٍ وإيرانيّةٍ لا يتم الرّد عليها بطريقةٍ فاعلةٍ ورادعةٍ، وإنّما أيضًا لأنّ عدم الرّد أدّى لانتِقالها إلى العُمق الإيراني، واستِهدافها مُنشآت نوويّة وبُنى تحتيّة اقتصاديّة، وإشعال حرائق، وحُدوث اختِراقات أمنيّة خطيرة.

الصّواريخ التي استهدفت شُحنة أسلحة حديثة قُرب مطار دِمشق الدولي، قادِمةٌ مِن طِهران مثلما أفادت معلومات غير رسميّة مساء أمس الأوّل (الاثنين)، أدّت إلى استشهاد خمسة خُبراء إيرانيين من بينهم أحد عناصر “حزب الله” اللبناني، وهذا تطوّرٌ غير مسبوق، مِن الصّعب أن يَمُر دون ردٍّ، أو هكذا يعتقد العديد مِن الخُبراء العسكريين، من بينهم إسرائيليّون.

الإسرائيليّون أغلقوا المجال الجويّ لهضبة الجولان، وأعلنوا حالة التأهّب في صُفوف قوّاتهم تَحسُّبًا لردٍّ انتقاميّ مِن قِبَل “حزب الله”، ربّما يكون انطِلاقًا مِن جنوب لبنان، أو حتى عبر الحُدود السوريّة، باعتبار أنّ شهيد الحزب علي كامل محسن سقَط في الأراضي السوريّة.

***
نُدرِك جيّدًا أنّ من أسباب تَصاعُد الهجمات العُدوانيّة الإسرائيليّة على أهدافٍ سوريّةٍ وإيرانيّةٍ، يأتي في إطار مُخطّط لجَر محور المُقاومة إلى حربٍ مُوسّعةٍ تخدم الحملة الانتخابيّة للرئيس دونالد ترامب، وتُخرِج بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مِن أزَماته الداخليّة، والقانونيّة الشخصيّة المُتفاقِمة، ولكنّ خُطورة عدم الرّد على هذه الهجمات شجّعت الجانبين الأمريكيّ والإسرائيليّ على نقل الهجمات إلى عُمق الأراضي الإيرانيّة، وبشَكلٍ مُكثّفٍ في الأيّام والأسابيع الأخيرة، ووصلت إحداها إلى مُنشأة “نطنز” النوويّة، ومعامل إنتاج صواريخ باليستيّة.

حالة التأهّب التي أعلنتها السّلطات الإسرائيليّة في صُفوف قوّاتها بعد هذه الغارة العُدوانيّة جنوب دمشق، تعود إلى إيمانها بأنّ “حزب الله” لن يتردّد في الثّأر لاستِشهاد أحد مُقاتليه، وما إقدامه على نعيه، والاعتِراف بارتقائه، إلا تأكيدًا على عزمه على الثّأر، فالمُعادلة التي أعلنها السيّد حسن نصر الله في أكثر من خطابٍ بأنّ أيّ استِشهاد لعناصره في هجماتٍ إسرائيليّةٍ سيُقابل بالرّد في أيّ مكان، علاوةً على كونها اختِراقًا لقواعد الاشتِباك، حيث تجنّبت القِيادتين العسكريّة والسياسيّة في دولة الاحتلال قتل عناصر للحزب، وآخِرها هُجوم طائرة مُسيّرة على سيّارة دفع رباعي تَقِل أربعةً من قِيادات الحزب الميدانيين داخِل الحُدود السوريّة، وأعطتهم فُرصةً لمُغادرة السيّارة قبل تدميرها.

“حزب الله” يتحلّى بالصّمت، ولم تَصدُر أيّ تصريحات من قيادته، أو المُتحدّثين باسمه، تعليقًا على هذا العُدوان الإسرائيلي، ربّما لأنّه يُريد أن يأتي ردّه عمليًّا، وليس كلاميًّا، وبعد التّشاور والتّنسيق مع شُركائه في محور المُقاومة، حتى يكون مُختلفًا وربّما أكثر قوّةً وتأثيرًا مِن الرّدود السّابقة.

الأمر الآخَر الذي يُوحِي باحتِمالات حُدوث ردع “للعُدوانات” الإسرائيليّة والأمريكيّة على إيران ما ورد على لسان السيّد علي خامنئي، المُرشد العام للثورة الإيرانيّة أثناء استقباله لرئيس الوزراء العِراقي مصطفى الكاظمي أمس عندما ذكّر ضيفه بأنّ اغتيال الحاج قاسم سليماني ورفاقه جرى على أرض العِراق، ومن قِبَل العدو الأمريكي، وأنّ إيران ستثأر لدِمائه، الأمر الذي فسّره الكثيرون بأنّه قد يأتي باستِهداف قوّات أمريكيّة على أرض مسرح الجريمة، أيّ العِراق.
***

هُناك مثل عربي يقول إنّ “السكّين وصَل إلى العظم”، بمعنى أنّ الصّمت لم يَعُد مُجديًا ولا بُدّ مِن الرّد دِفاعًا عن النّفس، وهو دفاعٌ تُشرّعه كُل القوانين والشرعيّات الوضعيّة والربّانيّة.
الأيّام والأسابيع المُقبلة ربّما تكون أسابيع المُواجهة والرّد على هذه الاستِفزازات الإسرائيليّة الأمريكيّة التي تُراهن على صمت الطّرف الآخَر، وهذه ليست “تمنّيات” بقدر ما هي قراءة للواقع ولما بين سُطور ردود الفِعل، لأنّ هذه الهجمات العُدوانيّة تأتِي في إطار مُخطّطات التّجويع لإذلال الشّعوب ودفعها إلى الثورة لتغيير الأنظمة أو تأييد أي تدخّلات خارجيّة لإنجاز هذه المَهمّة مثلما حدَث في العِراق قبل الغزو، ولا نعتقد أنّ قِيادات محور المُقاومة ليسَت على درايةٍ ووعي بمِثل هذه المُخطّطات “الشيطانيّة”.. واللُه أعلم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا أغلقت إسرائيل أجواء الجولان وأعلنَت حالة التأهّب بعد عُدوانها الأخير على جنوب دِمشق لماذا أغلقت إسرائيل أجواء الجولان وأعلنَت حالة التأهّب بعد عُدوانها الأخير على جنوب دِمشق



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 06:25 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

أفكار متنوعة وراقية لديكور حفلات الزفاف

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,27 آذار/ مارس

الهاتف Huawei Y7 2018 يظهر في صورة رسمية مسربة

GMT 13:31 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

حسام عاشور على بُعد 3 خطوات مِن الأكثر تتويجًا في العالم

GMT 05:33 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

التحقيق مع مدير بنك اختلس 600 مليون سنتيم في الجديدة

GMT 13:54 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أبرو يحرز رقمًا قياسيًا في عدد الأندية التي لعب لها

GMT 02:55 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر يعتبر لونًا مبهجًا يجلب السعادة إلى المنزل

GMT 15:09 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح مصنع جديد في طنجة لإنتاج الورق المقوى

GMT 23:44 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنعاشور حارس "الوداد" مطلوب في سوشو واتحاد طنجة

GMT 07:35 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

المتحف البريطاني يرمم جمجمة عُثر عليها في أريحا عام 1953

GMT 14:00 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

حدائق جاهزة على الشرفات أو فوق السطوح للإسترخاء و الراحة

GMT 06:54 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلات من وحي "عالم ديزني" لقضاء عطلة مميزة في أورلاندو
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca