أمريكا والسعودية.. عودة التوتر

الدار البيضاء اليوم  -

أمريكا والسعودية عودة التوتر

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

العلاقات الأمريكية السعودية فى أصعب حالاتها هذه الأيام، والسبب أسعار النفط، لكن السؤال الجوهرى هو: هل الغضب الأمريكى من الرياض سببه ارتفاع الأسعار عموما، أم توقيت هذا الارتفاع فقط؟!

سرد تفاصيل القصة ربما يقدم إجابة على هذا السؤال الذى قد يكون له تداعيات إقليمية ودولية كبيرة فى الفترة المقبلة. نعلم أن الغزو الروسى لأوكرانيا فى ٢٤ فبراير الماضى والمستمر حتى الآن كانت له تداعيات كثيرة، منها ارتفاع أسعار النفط إلى الضعف تقريبا حيث لامست ١٤٠ دولارا ذات يوم، واستمرت فوق حاجز المائة دولار لأسابيع كثيرة، ونفس الأمر حدث مع أسعار الغاز، الذى تستورده غالبية الدول الأوروبية من روسيا. ارتفاع أسعار الطاقة أفاد كثيرا شركات الطاقة الأمريكية الخاصة، لكن الذى دفع الفاتورة الحقيقية لذلك هو المواطن الأمريكى. هذا المواطن يدفع هذا الثمن منذ بداية الحرب، وإدارة الرئيس جو بايدن تدرك تماما أن استمرار ارتفاع الأسعار سيؤدى إلى مشاكل كثيرة أهمها على الإطلاق لهذه الإدارة هو احتمال خسارة الحزب الديمقراطى لانتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر المقبل، وربما زيادة فرص فوز الرئيس السابق دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا استمرت نفس الظروف.
بايدن اضطر للتخلى عن كل مواقفه السابقة وزار السعودية فى منتصف يوليو الماضى والتقى مع قادة السعودية خصوصا الأمير محمد بن سلمان، وكذلك مع قادة دول الخليج النفطية حتى يحصل على وعد بزيادة إنتاج البترول حتى ينخفض سعره وبالتالى عدم التأثير على انتخابات نوفمبر.
وبالفعل بدأ سعر البترول فى التراجع وسجل فى بعض الفترات أقل من ٩٠ دولارا، لكن قبل أيام اتخذت منظمة أوبك ومعها الدول البترولية من خارج المنظمة وتعرف اختصارا باسم «أوبك +» قرارا مهما جدا بخفض الإنتاج اليومى من البترول بمقدار مليونى برميل، وهو ما يعنى أن يبدأ السعر فى الارتفاع مرة أخرى.
جريدة وول ستريت جورنال نشرت يوم الأربعاء الماضى تقريرا صحفيا مهما جدا خلاصته أن واشنطن ناشدت الرياض وعواصم عربية نفطية بتأجيل قرار تخفيض الإنتاج لمدة شهر واحد فقط، حتى تنتهى انتخابات الكونجرس، لكن الإجابة التى جاءت من السعودية كانت «لا».
تقرير «الوول ستريت جورنال» يستند لشهادات مسئولين مطلعين، وبالطبع لم نكشف أساءهم، وهو غنى بالمعلومات من عينة أن واشنطن أبلغت الرياض أن الإصرار على خفض الإنتاج ستفهمه الولايات المتحدة باعتباره قرارا سعوديا بالوقوف فى صف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وتمويلا واضحا لحربه فى أوكرانيا.وامس الجمعة اتهم البيت الأبيض السعودية بتقديم دعم «اقتصادى وعسكرى ومعنوى» لروسيا، و«لى ذراع» دول فى أوبك بشأن خفض الإنتاج.
الهجوم الأمريكى على السعودى كان متعدد الاتجاهات فمثلا منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى جون كيربى قال إن الرئيس جو بايدن يعتقد أن على بلاده مراجعة علاقتها مع السعودية، وأنه مستعد لمناقشة هذه العلاقات مع الكونجرس؛ حيث إن أعضاء كثيرين به قالوا إنه حان الوقت للبحث عن طرق لمعاقبة الرياض ومنها وقف مبيعات الأسلحة الأمريكية لها. بل إن بعض أعضاء الكونجرس يريدون سحب القوات الأمريكية الموجودة فى المملكة، إضافة إلى تهديدات من أعضاء آخرين بتطبيق قانون «نوبك» والذى يسمح لوزارة العدل الأمريكية بمقاضاة أعضاء فى «أوبك +» بتهمة تحديد الأسعار بشكل غير قانونى.ه
الملكة لها رأى مختلف تماما وتقول إن قرار أوبك اقتصادى بحت، بل إن الأسعار مرشحة للهبوط فى الفترات المقبلة حسبما قال وزير الخارجية السعودى فيصل بن فرحان وأن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة استراتيجية، فى حين أن مسئولين سعوديين آخرين، قالوا إن قرار أوبك بلس ضرورى لحماية اقتصادهم لأن الأسعار بحلول أكتوبر الجارى هبطت لـ٣٠٪ مقارنة بشهر يونيو الماضى، وأنها كانت مهددة بالهبوط إلى ما دون الـ ٨٠ دولارًا للبرميل، فى حين أن السعودية تحتاج إلى ٧٦ ــ ٧٨ دولارا كسعر للبرميل لموازنة ميزانيتها العام المقبل، والمعلوم أن سعر البرميل قفز إلى أكثر من ٩٤ دولارا يوم الثلاثاء عقب قرار «أوبك +» بل إن المسئولين السعوديين قالوا لواشنطن إن سوق النفط يمكن أن ينهار دون الخمسين دولارًا للبرميل إذا لم يتحركوا، وهو ما يعرض «رؤية المملكة ٢٠٣٠» للخطر.وأكدت الرياض امس الجمعة أنها لن تقبل اية إملاءات.
هذا هو مضمون تقرير الوول ستريت جورنال وهو مهم فى ضوء أن تحركات وتصرفات المسئولين الأمريكيين الأخيرة تؤكد صحته، والسؤال هل معنى ذلك أن زيارة بايدن فى منتصف يوليو الماضى، فشلت، وهل انتهى فعلا التفاهم الاستراتيجى بين البلدين؟.
أسئلة كثيرة تحتاج إلى تفكير هادئ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمريكا والسعودية عودة التوتر أمريكا والسعودية عودة التوتر



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:46 2015 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة كيا سيراتو 2016 في المغرب

GMT 04:55 2016 السبت ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تجدد الخلاف بين الهنديتين ديبيكا بادكون وكاترينا كيف

GMT 04:52 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق تنظيف الباركيه والعناية به

GMT 05:03 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

أنطونيو بانديراس يُقدِّم عطرًا جديدًا جذّابًا ومنعشًا

GMT 12:12 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

منة حسين فهمي ترفع شعار "الكلاب يدخلون الجنة"

GMT 15:38 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة اودي تي تي 2016 في المغرب

GMT 13:25 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الأمن توقف سبعة سلفيين في مدينتي طنجة وفاس

GMT 09:13 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

"فوكسهول" تطرح سلسلة سيارات FB-Victor رائعة منذ 1961

GMT 15:20 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كن انت هذا العام

GMT 14:08 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يضع شرطًا لضم توريس جوهرة فالنسيا الشاب

GMT 01:19 2016 الإثنين ,08 آب / أغسطس

هل النعناع يعالج الحموضة؟
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca