بلبلة السُنة في لبنان

الدار البيضاء اليوم  -

بلبلة السُنة في لبنان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

على مدى سبعين سنة استقلالية، تفرد الموارنة في لبنان بالانقسام السياسي الذي اتخذ أشكال المجازر وأحجام المقابر في مراحل كثيرة. وصورت رواية «مطر حزيران» للراحل جبور الدويهي، على نحو ملحمي، تبادل القتل والموت والثأر في بلدة زغرتا في الخمسينات بين ثلاث عائلات ظلت نساؤها ترتدي ثياب الحداد السوداء طوال عقود.
وفي حرب لبنان، قاتل الموارنة خصومهم ضمن «القواعد» المقبولة، ثم انقضّوا على بعضهم البعض، في الطرقات وفي المسابح، وعلى الشرفات، وكانت أهم وأفدح تلك الصراعات الدموية بين جيش الجنرال ميشال عون، و«القوات اللبنانية»، التي استمرت سياسياً حتى اليوم.
عرفت طوائف أخرى الانقسام، ولكن غالباً ضمن الإطار السياسي، كمثل حال الدروز. وظلت الطوائف المدنية بعيدة، إلى حد ما، عن وباء الانقسام والتشتت. وكان الباحثون يعزون هذا الفارق إلى أن طباع أهل المدن أكثر هدوءاً لأنهم أهل تجارة ومصالح مشتركة وعلم. وعندما تقول «أهل المدن» في الماضي كان ذلك يعني السنّة، في المدن الرئيسية الساحلية الثلاث، بيروت وطرابلس وصيدا.
للمرة الأولى، تبلغ عدوى الانقسام بأهل السنّة ما تتخذه اليوم. وقد كشف عزوف الرئيس سعد الحريري، عن خوض الانتخابات عمق هذا الانقسام، أولاً في منزله، حيث أعلن شقيقه الأكبر خوض المعركة. ثم تزعم الرئيس فؤاد السنيورة، وهو أحد أركان الإرث الحريري، جهة مضادة للعزوف والدعوة إلى عدم مقاطعة الانتخابات. وتزداد هذه الهوة اتساعاً، وقبله كان الرئيس تمام سلام، صاحب الدارة الرئاسية الأقدم، قد أعلن انسحابه قبل إعلان الحريري. ولأسباب مختلفة، أعلن الرئيس نجيب ميقاتي، أنه ليس مرشحاً.
ما دامت الأشياء في لبنان قد أصبحت جميعها بالاسم الصريح بدل اللقب المريح، فإن حال السُنة اليوم ليس أفضل من حال الموارنة، حيث لم تمضِ حتى الآن أربعون عاماً على حرب داعس والغبراء ما بين ميشال عون وسمير جعجع، أو «التيار» و«القوات». غير أن الأكثر قلقاً هو الأكثر جدة: إلى أين ينتهي الخلاف السني - السني، وكيف يتطور. سعد الحريري يريد مقاطعة الانتخابات، وفؤاد السنيورة يرى في ذلك خطأ مذهبياً ووطنياً. وثمة حيرة وانقباض في صفوف السنة العاديين. كذلك في أجواء دار الفتوى التي عادت إلى نشاطها الوطني بعد غياب طويل.
ربما تتحول المسألة إلى أكثر من مجرد بلبلة سياسية. ولا أعني بذلك العنف لأنه آخر الخيارات عند غالبية السنة. وإنما الضياع، وبالتالي الضعف، أكثر مما هو الحال الآن. لم يكونوا في حاجة إلى أزمة إضافية. أو بالأحرى أن تتخذ الأزمة العميقة القائمة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري هذا العمق الإضافي. في مقابل الاضطراب السني، تزداد القوى الأخرى تجمعاً. وقد يحول ذلك دون التغيير الذي كان متوقعاً من الانتخابات. ولم أكن ولست بين المتوقعين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلبلة السُنة في لبنان بلبلة السُنة في لبنان



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 23:49 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

استنفار في بركان بسبب "هداف الشان"

GMT 02:53 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

شاب يخطف زوجته المستقبلية من أمام مركز تجاري في القوقاز

GMT 00:21 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حكومة مدريد يطلب ملاقاة الملك محمد السادس في الرباط

GMT 19:03 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح مصحة لعلاج الكلى بأحدث الأجهزة في "وجدة"

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

بنك ناصر يوقع "بروتوكول" لصرف المعاشات عن طريق خدمة "فوري"

GMT 05:16 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سهلورق زودي تدعو الى مواصلة الإصلاحات وتعزيز السلام

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 12:15 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

لماذا نلوم الناصيري وبنشرقي؟

GMT 08:02 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

البنزرتي.. هل هو رجل المرحلة؟

GMT 06:24 2015 الأربعاء ,25 آذار/ مارس

أعربت لـ"العرب اليوم" عن حزنها الشديد

GMT 10:31 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في بن جرير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca