«رسائل ساخنة» من «مجلس الدفاع» الى الحكومة

الدار البيضاء اليوم  -

«رسائل ساخنة» من «مجلس الدفاع» الى الحكومة

بقلم : جورج شاهين

تتشابك السيناريوهات ومعها التفسيرات لما حصل في عاليه والشحار الغربي الأحد الماضي. وليس صعباً على أيّ طرف من الأطراف المتورطين في ما حصل تبرير موقفه، فلدى كل منهم ما يكفي من الحجج والأفلام لتحميل سواه المسؤولية. ويعترف أكثر من مسؤول أنه كان على علم بما يجري قبل ثلاثة أيام، وأنه كان بالإمكان تفادي ما حصل. لكنّ الجوَّ السياسي وتموضع بعض المسؤولين منع من بيدهم لغة التحذير من أن تكون كلمتهم مسموعة، فصحّت توقعاتهم وتحوّلت مخاوفهم وقائع مؤلمة.

ويقول مرجع أمني إنّ المواقف المسبقة و»المفروزة» سلفاً عزّزت الجو المشحون في الجبل فلم تنفع التحذيرات التي أُطلقت في تحاشي ما حصل. فالقواعد الشعبية للحزب الإشتراكي كانت تغلي لألف سبب وسبب، منها ما يتصل بما هو مطروح من تحديات سياسية زادتها المواقف المتشنّجة بين أقطاب الطائفة، رغم الفارق في حجم كل منها. فمَن هم في موقع القوة الدرزية الكبرى، وتحديداً في القيادة الإشتراكية على اقتناع بأنّ ما كتب لهم ليس قدراً، وأنهم يمكنهم استعادة ما خسروه في التشكيلة الحكومية، فيما يسعى الطرف الآخر الى إثبات حضوره والتوسع في الإدارة والمؤسسات العامة بقدر المستطاع، وله مَن يناصره من أهل الحكم والحكومة.

كذلك لا يخفى على أحد أنّ قداس «التوبة والغفران» في دير القمر لم يشفِ غليل «التيار الوطني الحر» فهو ينوي تعزيز وجوده في الجبل، والمرحلة مناسبة قد لا تتكرّر مرة أخرى. وقد منحته المقررات الأخيرة لمجلس الوزراء وسائل الدعم والحضور على اكثر من صعيد، خصوصاً إقرار الـ 40 مليار ليرة لبنانية لوزارة الدولة لشؤون المهجرين في موازنة «التقشف»، تحت شعار إقفال الوزارة خلال ثلاث سنوات، فاستشعرالقوة «المفرطة»، وبالتالي ارتفع منسوب التوتر بينه وبين الاشتراكي الى الذروة. لأنّ هذا القرار لم يُقنع أحداً، لا مَن نال المال ولا مَن اعترض على الخطوة. 

تزامناً، لم تكن مساعي ترتيب العلاقة بين التقدمي ورئيس الحكومة قد سلكت الطريق التي بدأ شقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو ما دفع الى الإعتقاد أنّ بإمكان الأطراف الأخرى مناوءة الإشتراكي وممارسة المزيد من الضغوط عليه. فلم يكن هناك من يرتاح لاحتمال تصحيح العلاقة بين السراي والمختارة بهذه السرعة اعتقاداً منهم أنّ تيار المستقبل يمكنه المضي أكثر في خلافه مع جنبلاط من أجل إمرار التعيينات والقرارات الكبرى في هذه الأجواء التي يتعزز فيها الطوق على الإشتراكي. وما بين هذه السيناريوهات ظهر جلياً أنّ أحداً لم يستمع الى تنبيهات الجهات الأمنية والعسكرية، فقد كانت كل المعلومات تشي بأنّ الأجواء لن تسمح بجولة عادية وهادئة لرئيس «التيار الوطني الحر» في الجبل في ضوء مواقفه الحادة التي يرفع فيها شعار «استعادة الحقوق المسيحية» التي دغدغت عواطف فئة من أبناء الجبل، وزادت الإحتقان لدى فئة أخرى. وإذ توالت التحذيرات، اعتقد البعض أنه يمكن الإستعاضة عن أيّ خطوة كان يمكن اتخاذُها ولم تحصل، بتعزيز القوى العسكرية والأمنية في المنطقة التي ستشملها الجولة، وهو ما زاد حدة التوتر، علماً أنّ زوار الجبل من القيادات السياسية والحزبية في الفترة الأخيرة لم يلجأ أيٌّ منهم الى أسلوب التيار إطلاقاً.

هذه المعطيات من دون الدخول في التفاصيل، كانت على طاولة اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، فأعلن الرئيس الحريري مواقف حادة ممّا حصل، ولا سيما في إشاراته الواضحة الى ما يمكن أن يتسبّب به الخطاب الإستفزازي، وزاد الطين بلّة ما جرى من مواجهة محدودة بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزيرة الداخلية ريا الحسن قبيل الجلسة على خلفية المواقف ممّا حصل وبسبب ملاحظاتها التي عبّرت عنها في حلقة تلفزيونية الأسبوع الماضي، فاختلطت الأمور ببعضها. على هذه المعادلة رست المناقشات الحامية في مجلس الدفاع الأعلى وبرز خلاف كبير بين الحريري ومَن يؤيده في طرحه التهدوي من جهة، وباسيل ومجموعة الوزراء في الإجتماع، ومعظمهم من كتلته من جهة أخرى. فكان الردّ والتلويح بـ «الثلث الضامن» في جلسة مجلس الوزراء في اليوم التالي. ولن ينفع تغليف ما جرى بأيّ شكل من الأشكال، فمَن أراد أن يرى بعينيه لا يتجاهل كل ما سبق ذكره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رسائل ساخنة» من «مجلس الدفاع» الى الحكومة «رسائل ساخنة» من «مجلس الدفاع» الى الحكومة



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 08:05 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أزياء أسبوع ميلانو لموضة الرجال جريئة ومسيطرة

GMT 06:29 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

منع أقدم سجناء "غوانتانامو" من قراءة كتاب دون أسباب

GMT 12:15 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

"ثقافة الإسكندرية" تعلن عن إصدار 4 كتب جديدة

GMT 09:23 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

النمر التسماني يظهر مجددًا بعد الاعتقاد بانقراضه

GMT 10:40 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

الزخرفة تميز "دوتشي آند غابانا" في صيف 2018

GMT 11:44 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

وزير الفلاحة والصيد البحري يصل إلى مدينة جرادة

GMT 05:38 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد يشرح خبايا السيرة الذاتية لبيريغيت ماكرون

GMT 05:51 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

حمادة هلال يطرح كليب "حلم السنين" في عيد الحب المقبل

GMT 07:18 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

نظام تعليمي إنجليزي متطور يمنح الشهادة الجامعية في عامين

GMT 16:56 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

مصطفى أوراش يوجه أسئلة محرجة لرئيس طانطان لكرة السلة

GMT 10:43 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية مالم تعد من أجمل الأماكن لجمع العائلات وقضاء العطلات

GMT 01:00 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص يحتجز نجله داخل غرفة في مكناس لمدة 3 سنوات

GMT 09:59 2017 الأحد ,22 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تُعلن أن الغضب المكبوت يُسبّب السرطان

GMT 08:42 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

تنافس تسع فنادق عالمية على جائزة أفضل تصميم
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca