فوضى السلاح في غزة ترتدّ على أصحابها!

الدار البيضاء اليوم  -

فوضى السلاح في غزة ترتدّ على أصحابها

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

لماذا كان التصعيد الإسرائيلي في غزّة؟ لماذا في هذا الوقت بالذات؟ من الواضح أنّ الأمر مرتبط بالانتخابات الإسرائيلية المتوقعة مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. هناك فريق إسرائيلي يعتبر أنّ عليه قطع الطريق على عودة بنيامين نتنياهو إلى موقع رئيس الوزراء.

هذا الفريق، على رأسه رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بني غانتس، سيكون في حاجة إلى صوتين إضافيين في الكنيست التي ستنبثق من الانتخابات المقبلة للبقاء في السلطة.

من خلال التصعيد في غزّة، مع تركيز خاص على "حركة الجهاد الإسلامي" التابعة لإيران، تصيب الحكومة الإسرائيلية غير عصفور بحجر واحد. تظهر قبل كل شيء أنّها ليست حكومة حمائم ولديها القدرة على الذهاب إلى أبعد ما يمكن أن تذهب إليه حكومة برئاسة نتنياهو، مرشّح اليمين في الانتخابات، عندما يتعلّق الأمن بمواجهة مجموعة مثل "الجهاد الإسلامي" رفعت شعار محو إسرائيل من الوجود.

أكثر من ذلك، تظهر حكومة لابيد – غانتس أنّها في حرب على كلّ الجبهات مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران وأدواتها في المنطقة وأنّ إيران لا تستطيع أن تفعل شيئاً للدفاع عن هذه الأدوات. تكتفي إيران بالكلام الكبير فيما الطرف الوحيد القادر على القيام بعمل مفيد هو مصر التي عملت من أجل تحقيق وقف للنار ووضع حدّ، وإن موقتاً، للمأساة التي يعيش قطاع غزّة وأهله في ظلّها منذ سنوات عدة.

إلى الآن، خدم التصعيد في غزّة الحكومة الإسرائيليّة، خصوصاً أنّ "حماس" التي تسيطر بالفعل على القطاع منذ منتصف العام 2007، وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه. لم تستطع "حماس" دعم "الجهاد الإسلامي". فضّلت الوقوف موقف المتفرّج. مجرّد وقوفها موقف المتفرّج يكشف سياسة عقيمة اتبعتها منذ تأسيسها تصبّ في خدمة المشروع الإسرائيلي. في النهاية، كانت "حماس" وراء نشر فوضى السلاح في غزّة وهي الآن تحصد ما زرعته. لم يعد القطاع سوى حقل تجارب لإسرائيل تفعل فيه ما تشاء في خدمة مشروع ضمِّ قسم من الضفّة الغربيّة بما في ذلك القدس الشرقيّة. لم يكن الانسحاب من غزّة سوى غطاء لمشروع ضمّ الضفّة الغربيّة.

لا يمكن عزل ما جرى في الماضي في غزّة، وما يجري فيها حالياً، عن نهج اتبعته "حماس" صبّ منذ البداية في مصلحة إسرائيل. كرسّت "حماس" حال الانقسام بين الفلسطينيين وأمنت كلّ ما احتاجت إليه من أجل تبرير الامتناع عن دخول أي نوع من المفاوضات الجدّية مع الجانب الفلسطيني. أمّنت لإسرائيل، عبر صواريخها وعبر العراضات المسلّحة لملثمين في غزّة وعبر شعاراتها من نوع "فلسطين وقف إسلامي"، كلّ ما تحتاجه كي تدّعي الحكومات الإسرائيلية الملاحقة أن "لا وجود لطرف فلسطيني" يمكن التفاوض معه.

ليست "حركة الجهاد الإسلامي" سوى فرع من الأصل. الأصل هو "حماس" التي تمثّل فكر "الإخوان المسلمين"، بكلّ تخلّفه. نبتت "الجهاد الإسلامي" من رحم "حماس" التي كانت لـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في كلّ وقت حصة في داخلها. استخدمت هذه الحصّة في الوقت المناسب، في كلّ مرّة برزت حاجة إلى القضاء على أي أمل في تحسّن الوضع الفلسطيني، إنْ على الصعيد الداخلي أو على صعيد البحث عن تسوية ما. كان في غزّة مطار إلى ما قبل سنوات قصيرة. افتتح المطار الرئيس بيل كلينتون وياسر عرفات في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 1998. ماذا في القطاع الآن بعدما دمّرت إسرائيل المطار وذلك قبل أن تضع "حماس" يدها كلّياً على القطاع؟ كانت المعابر مع مصر تعمل بشكل معقول كمتنفس للغزاويين. ما مصير هذه المعابر التي كان فيها مراقبون من الاتحاد الأوروبي؟

مرّة أخرى استخدمت إسرائيل قطاع غزّة في سياق سياسات داخليّة مرتبطة بمزايدات بين الأحزاب السياسيّة قبل موعد الانتخابات التشريعيّة المقبلة. وفّرت لها "حركة الجهاد الإسلامي" كلّ المطلوب لزيادة عذابات الشعب الفلسطيني وتحويل أهل غزّة إلى سجن في الهواء الطلق. إنهم مليونان يعيشون في بقعة لا تزيد مساحتها على 365 كيلومتراً مربّعاً!

تعرّضت غزّة لحرب أخرى. قتل الإسرائيليون من يريدون قتله. ليس معروفاً هل سيزيد ذلك من شعبيّة الثنائي لابيد – غانتس، لكن الثابت أنّ ثمّة حاجة إلى مراجعة حقيقيّة للمشروع "الحمسوي" في غزّة الذي بُني على فوضى السلاح. لا يمكن التفكير في قيام دولة فلسطينيّة في يوم من الأيام انطلاقاً من "إمارة إسلاميّة" في غزّة على الطريقة "الطالبانيّة"، نسبة إلى حركة "طالبان" في أفغانستان. لا يمكن التفكير في بناء مثل هذه الدولة بالاعتماد على فوضى السلاح.

هل لدى "حماس" التي تسعى إلى استغلال حال الترهّل لدى السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة ما يكفي من الشجاعة للاقتناع أنّ مشروعها الغزاوي لم يخدم سوى إسرائيل؟ انسحبت إسرائيل من غزّة في مثل هذه الأيّام من العام 2005. كان الانسحاب من القطاع انسحاباً كاملاً. ما الذي فعلته "حماس" منذ الانسحاب الإسرائيلي؟ حولت القطاع إلى منطقة محاصرة بائسة تعيش تحت رحمة الإسرائيلي. الأكيد أنّ الفلسطينيين يستأهلون أفضل من ذلك بكثير... يستأهلون ما هو أفضل من "حماس" وفروعها الإيرانيّة وغير الإيرانيّة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوضى السلاح في غزة ترتدّ على أصحابها فوضى السلاح في غزة ترتدّ على أصحابها



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 17:17 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كيفية محاربة الشيب المبكر الذي يصيب الشعر

GMT 00:41 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

خبراء الديكور يقدمون 6 حلول ذكية للمطابخ الصغيرة

GMT 08:39 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

مزاعم بشأن إخفاء صورة امرأة أخرى تحت لوحة الموناليزا

GMT 08:06 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

نبات "ليلك" الأرغواني اللون الأفضل في الربيع

GMT 20:58 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

كيفية مسح المستندات ضوئياً في تطبيق الملاحظات على "آي فون"

GMT 07:36 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مجدي حمدان يشرح أهمية مواقع التواصل في التنمية البشرية

GMT 12:56 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

آرسنال فى ضيافة بلاكبول ضمن منافسات الكأس الإنجليزى

GMT 07:49 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات رائعة باللون الأخضر الزمردي تليق بمنزلك

GMT 13:30 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

ممفيس ديباي يتلقى ضربتين موجعتين في فرنسا

GMT 22:35 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

سيارة مرسيدس E63 AMG تستمد قوتها من محرك V8

GMT 10:34 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

صلاح ينفي أنباء مشادته مع الجهاز الفني للمنتخب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca