شرعية التنصت على المكالمات الهاتفية في انتخابات مجلس المستشارين.. ومشروعية إعلان أسماء المتورطين

الدار البيضاء اليوم  -

شرعية التنصت على المكالمات الهاتفية في انتخابات مجلس المستشارين ومشروعية إعلان أسماء المتورطين

خالد الإدريسي

في سابقة من نوعها في تاريخ الانتخابات في المغرب تم نشر أسماء مجموعة من الشخصيات السياسية على خلفية تورطها أو الاشتباه في تورطها في استعمال المال قصد استمالة الناخبين و شراء أصواتهم، بعد أن كشفت تسجيلات صوتية لمكالمات هاتفية هذا الأمر.
وإذا كان البلاغ الصادر عن اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات الذي أعلن علانية عن أسماء المتورطين مفاجئا وجريئا في نفس الوقت، فإنه مع ذلك خلف ورائه عدة اختلافات بين مختلف الفاعلين على المستوى السياسي والحقوقي فهناك من يؤكد أنها خطوة إيجابية في اتجاه تكريس شفافية الإنتخابات والقطع مع مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي كانت تؤطر العمليات الانتخابية فيما مضى، بينما اتجاه آخر اعتبر أن هذا التوجه الجديد يتنافى مع الضمانات القانونية المفروضة في القوانين الجاري بها العمل، وأنها تشكل انتهاكا لمجموعة من المبادئ والأسس التي تقوم عليها المتابعات الإدانات والمحاكمات، وذلك من خلال عدة أوجه:
- أن الإعلان عن أسماء المشتبه فيهم بواسطة البلاغ المذكور يخالف مقتضيات المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية التي جعلت من التنصت على المكالمات الهاتفية مجرد استثناء لا يجوز اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى وأن يتعلق الأمر بجرائم خطيرة على النظام العام حددها المشرع على سبيل الحصر، و لا توجد من ضمنها الجرائم الانتخابية. فمن منطلق المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية يعتبر الأصل هو عدم التنصت على المكالمات، وحتى إذا أردنا  مقاربة الاستثناء نجده لا ينطبق على مضمون الجرائم الانتخابية، وهو ما يجعل التساؤل مشروعا حول مدى شرعية إجراء التنصت على المكالمات الهاتفية أثناء العملية الانتخابية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين.
- عدم احترام قرينة البراءة التي تفرض أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته بمقتضى حكم نهائي و قطعي و ليس مجرد مكالمة هاتفية سجلت بطريقة غير مشروعة.
فالأصل أن البحث والتحقيق هي مراحل يتجسد فيها مبدأ سرية البحث، وهي مجرد مرحلة لجمع الأدلة واستجماع الحجج التي تساعد قضاء الحكم على مطابقة الحقيقة القانونية مع الحقيقة الواقعية من خلال حكم عادل يصدر وفق القانون بعد أن يتم احترام جميع ضمانات المحاكمة العادلة. و لذلك فنشر الأسماء بهذه الطريقة المهينة فيه نوع من ضرب لمبدأ قرينة البراءة.
- طغيان الاعتبار السياسي على الاعتبار القضائي و هذا واضح من أسماء المتورطين و من انتماءاتهم الحزبية، ذلك أن الدافع وراء هذا البلاغ بهذه السرعة وبهذه الجرأة و قبل أن يقول القضاء كلمة الفصل في هذه الاتهامات، ربما أملته دوافع سياسية مرتبطة بحسابات إما على المستوى الشخصي أو على مستوى الأجهزة، أكثر منها دوافع قانونية مسطرية، أو تخليقية ديمقراطية.
- أن إجراء التنصت على المكالمات الهاتفية بالنظر لعدم وجود أساس قانوني يؤطره ، و ما ترتب عنه من نشر لائحة الأسماء علانية فيه ضرب لقرينة البراءة، قد يضر بالدولة إذا كانت الأحكام الصادرة تخالف هذه الإدانة المسبقة التي سطرها بلاغ اللجنة الحكومية، وهو ما يمكن أن يفتح المجال للمتضررين من أجل مطالبة الدولة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحقهم من جراء هذا الإجراء غير المشروع ، كما تؤكد على ذلك المقتضيات الدستورية الجديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرعية التنصت على المكالمات الهاتفية في انتخابات مجلس المستشارين ومشروعية إعلان أسماء المتورطين شرعية التنصت على المكالمات الهاتفية في انتخابات مجلس المستشارين ومشروعية إعلان أسماء المتورطين



GMT 19:47 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

الاثنين أو الأربعاء

GMT 19:40 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

GMT 19:37 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

2025 سنة دونالد ترمب!

GMT 19:34 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

هل يقدر «حزب الله» على الحرب الأهلية؟

GMT 19:31 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

أحلام ستندم إسرائيل عليها

GMT 19:28 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

GMT 19:24 2025 السبت ,16 آب / أغسطس

المستهلك أصبح سلعة

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 01:22 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

عبد الرزاق خيري يناشد جمهور الجيش بالعودة إلى المدرجات

GMT 08:40 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفي أفضل الأماكن لقضاء شهر عسل مميز في سويسرا

GMT 11:44 2015 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

إعصار ميلور يجبر الآلاف على إخلاء منازلهم في الفلبين

GMT 06:47 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

نجمات تركن حلم الأمومة من أجل عيون الفن والنجومية

GMT 11:59 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور

GMT 08:13 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق أولمبيك خريبكة لكرة القدم يبحث عن مهاجمين

GMT 07:06 2018 الأربعاء ,08 آب / أغسطس

النصائح التي يجب اتباعها للعناية بالشعر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca