“الخليفة العثماني” والحدود الجديدة !

الدار البيضاء اليوم  -

“الخليفة العثماني” والحدود الجديدة

بقلم : المختار الغزيوي

لفرط ماشاهد المغاربة السلطان سليمان القانوني في تلفزيونهم رفقة حريمه، ولفرط ماتابعوا مغامرات رهاف وفريدة ومنار ومحمود والبقية تخيلوا أنفسهم ملزمين بالتعبير عن موقف ما تجاه الاستفتاء الذي جرى في بلاد العصمنلية يوم الأحد الفارط. لذلك رأينا مؤيدي أردوغان ومناوئيه من المغاربة يتنابزون بالألقاب والمسميات في وسائط التواصل الاجتماعي عقب إعلان النتجية، ولذلك فهمنا أن ثمة أمرا ما غير سوي في الحكاية كلها.

الاستفتاء آلت نتيجته بفارق ضئيل من الأصوات لصالح ما يريد “السلطان أردوغان“ فعله اليوم في بلاد البوسفور، وهذا حقه الذي لا يناقش فيه طالما أن لعبة الأغلبية والأقلية ضرورية الاحترام، وطالما أن ذلك الواحد في المائة الذي فاق الخمسين يمنحه هذا الأمر، وطالما أن الأمر شأن عثماني داخلي لا يهمنا لا من قريب ولا من بعيد وإن كان اسم رئيس حكومتنا يحيل على قرابة قديمة مع العثمانيين انتهت عند أبواب تلمسان ولم تجد الطريق سالكة للوصول إلى فاس وعاصمة الملك فيها في ذلك الزمن البعيد…

أهم من حكاية الاستفتاء التركي على توسيع صلاحيات أردوغان، وما أكثرها في الزمن التركي الراهن، التركيز على ملاحظة هامة تخص الإسلاميين وعلاقتهم بالحكم.

هذا تيار سياسي يؤمن بالديمقراطية الفريدة، أي ديمقراطية المرة الواحدة والوحيدة، تلك التي تصل بك إلى السدة، ثم تقفل بعدها كل الأبواب وتقول للجميع “هيت لكم“.

فعلها الملالي في إيران بالثورة، وتحالفوا مع الليبراليين واليساريين نهاية سبعينات القرن الماضي، وعندما آل إليهم الأمر اعتذروا للجميع غير باسمين ولا ضاحكين، وقالوا «انتهينا»، ومنذها وإيران تحيا تحت حكم ولاية الفقيه رغم أن الثورة بشرت الإيرانيين كاذبة أنهم سيتخلصون من حكم الشاهنشاه لكي يحكموا أنفسهم بأنفسهم.

أرادت جماعة “الإخوان المسلمين“ فعلها في مصر أيضا، فسطت على ميدان التحرير، والتحق القرضاوي متأخرا من قطر بالساحة يمجد الثورة والثوار، ويقول للبهية إنه يحبها وأن التحرر قادم، سوى أن من أتى كان مرسي، وكان من خلفه المرشد بديع، وكان من خلف الإثنين من أرادوا تجريب اللعبة في أم الدنيا، لكن خير أجناد الأرض مثلما وصفهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قبل أن يصبح الدين مجرد مطية للحكم، أوقفوا المسار، وأعادوا مصر إلى المصريين وقالوا «تسلم الأيادي» وبقية الحكاية تعرفونها..

في تركيا الحال من بعضه، وأردوغان لايريد اليوم التسليم في مقاليد حكمه، لذلك خرج من انقلاب غريب بعض الشيء، لم يصدق أحد ملابساته، بقرارات جذرية أنهت علاقته بأستاذه غولن، وفتحت له المجال واسعا للبقاء إلى أن يقضي رب الناس أمرا كان مفعولا على رأس الإمبراطورية العثمانية التي ما زال الرجل الطيب رجب يحلم بإعادتها إلى أرض الواقع.

تماما مثلما تملأ أحلام روسيا الكبرى رأس القيصر بوتين، وتماما مثلما يريد ترامب إعادة المزيد من العظمة لأمريكا، وتماما مثلما تتخيل مارين لوبين أن تعيد لفرنسا أيام جان دارك، وتماما مثلما يحلو لكيم أن يلعب بصواريخه في كوريا الشمالية، وتماما مثلما يرى كثير من القوميين في كل مكان من الأرض اليوم الفرصة ملائمة للعودة إلى مفهوم الدولة الوطنية القوية، الطامعة في التوسع باستمرار، المؤمنة بتفوقها على من عداها، المعتقدة برسوخ أن الحل هو المزيد من الانكماش على الذات والانكفاء عليها للخروج بشيء ما غير متوقع في الختام .

هل سيخسر العالم بهذا التقوقع، أم تراه سيربح شيئا ما؟

من يغامرون بالجواب السريع يرتكبون خطأ جسيما. هذا العالم اليوم يعيد البحث لنفسه عن مسارات التخطيط كلها، يخرج من خرائط القرن العشرين المبتورة بفعل غير ما فاعل، مصرا على أن يعيد الأشياء إلى بداياتها الأولى.

عساه يجد في كثير من خطواته الحالية طريقة لإصلاح أخطاء ارتكبت في السابق وأدينا ثمنها غاليا. عساه من قلب هذا الانكفاء على الذات اليوم يجد انفتاحا أرحب ينطلق من دواخله نحو الجميع. لا تنسوا مد الهجرة المتدفق من كل مكان إلى كل مكان، وقولوا لأنفسكم إن كل هؤلاء الحالمين بإقفال الحدود عليهم وفعل مايريدونه فيها قد يجدون معهم وافدين جددا غير متوقعين، وانتظروا من دنيانا اليوم المزيد من المفاجآت…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“الخليفة العثماني” والحدود الجديدة “الخليفة العثماني” والحدود الجديدة



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 04:38 2016 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

معتقدات متوارثة عن الفتاة السمراء

GMT 18:38 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

شاروخان يعيش في قصر فاخر في مدينة مانات الهندية

GMT 12:25 2012 الإثنين ,23 تموز / يوليو

إيطاليا، فرانكا سوزاني هي لي

GMT 11:25 2014 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

"عام غياب الأخلاق"

GMT 01:38 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

فالفيردي يحشد قوته الضاربة لمواجهة "سوسيداد"

GMT 21:23 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل مُثيرة جديدة بشأن زواج "شابين" في المغرب

GMT 18:28 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

جوجل تدعم أذرع تحكم "Xbox" على إصدار Android 9.0 Pie

GMT 13:34 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تأجيل النظر في قضية مغتصب الأطفال في فاس

GMT 07:40 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

علماء يبتكرون إبرة تصل إلى الدماغ لتنقيط الأدوية

GMT 17:20 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

"الحوت الأزرق" بريء من انتحار طفل في طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca