أردوغان يَشُن هُجومًا كاسِحًا على ماكرون في تصعيدٍ للحرب الكلاميّة بينهما

الدار البيضاء اليوم  -

أردوغان يَشُن هُجومًا كاسِحًا على ماكرون في تصعيدٍ للحرب الكلاميّة بينهما

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

صبّ الرئيس رجب طيّب أردوغان اليوم المزيد من الزّيت على “حرب المُلاسنة” المُشتعلة حاليًّا بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قال في لقاءٍ مع الصّحافيين بعد أدائه لصلاة الجمعة في مسجد آيا صوفيا في إسطنبول “آمل أن تتخلّص فرنسا من رئيسها ماكرون في أسرعِ وقتٍ مُمكن، وإلا فإنّ السّترات الصّفراء ستتحوّل إلى حمراء”.

هذه الغضبة الأردوغانيّة ضدّ الرئيس الفرنسي مفهومة، فالزّعيمان يخوضان معركة “كسر عظم” بسبب تفاقم الخِلافات بينهما في العديد من المِلفّات السّاخنة مِثل ليبيا وسورية وشرق المتوسط، وأخيرًا حول الحرب الأذربيجانيّة الأرمنيّة التي حُسِمَت لصالح إلهام علييف رئيس أذربيجان بدَعمٍ من القوّات التركيّة.

الرئيس ماكرون سارع بدوره بالرّد على هذا الهُجوم وطالب نظيره التركيّ بالالتِزام بالاحتِرام، واتّهمه بالتوقّف عن الحدّ من الحريّات العامّة المُتاحة للشّعب التركي.
***
هذه المُلاسنة، وعلى هذا المُستوى من الهُجوم الشّخصي المُتبادل، تأتي في ظرفِ حرج بالنّسبة إلى الرئيسين، والزعيم التركي أردوغان بدَرجةٍ أكبر، لأنّه أيّ الرئيس التركي يخوض حاليًّا حربًا على عدّة جبَهات داخليّة وخارجيّة في الوقتِ نفسه، داخليّة حيث تتوحّد أحزاب المُعارضة ضدّه، وتشن عليه حملة شرسة تتّهمه بالتّفريط “بقيمة وطنيّة لا يُمكن خصخصتها” بالسّماح ببيع 10 بالمئة من أسهم البُورصة التركيّة لدولة قطر بقيمة 200 مليون دولار، وتوحّد حزب الاستقلال الذي يتزعّمه أحمد داوود أوغلو، رئيس الوزراء حليف أردوغان الأسبق، مع حزب الشعب الجمهوري المُعارض والأكبر في البِلاد، في انتقاد هذه الصّفقة بشدّة وتأليب الرأي العام، وجاءت هذه الهجمة في وَقتٍ يُواجه فيها الاقتصاد التركي ضًغوطًا مُتعدّدة أدّت إلى تراجع قيمة اللّيرة التركيّة، وارتفاع نسبة التضخّم.

أمّا في الخارج، فإنّ فرنسا، والرئيس ماكرون بالذّات، يتزعّم حملة شرسة ضدّ الرئيس التركي في الاتّحاد الأوروبي، ويُطالب بفرض عُقوبات اقتصاديّة أوروبيّة ضدّ تركيا بسبب تنقيبها على النّفط والغاز في مناطق بحريّة مُتنازع عليها مع اليونان وقبرص الدّولتين الأعضاء في الاتّحاد الأوروبي، وأرسل قوّات وسُفن حربيّة وطائرات إلى اليونان مُؤازرةً لمَوقِفها ضدّ تركيا.
لا شك أنٍ الرئيس أردوغان، بهُجومه الشّرس على خصمه الرئيس ماكرون، يكسب قِطاعًا عريضًا من الرأي العام الإسلامي والعربي، بسبب تطاول الرئيس الفرنسي على الرسول صلى الله عليه وسلم، بدعمه لإعادة نشر رسوم مُسيئة ومُعيبة تحت عُنوان حُريّة التّعبير، ولكن يظَل تأثير هذا “المكسب” محدودًا في ظِل أخطار أيّ عُقوبات أوروبيّة مُحتملة على الاقتِصاد التركي، مُضافًا إلى ذلك تصعيد الحرب في ليبيا وسورية ضدّ أردوغان في وقتٍ بات جو بايدن الرئيس الأمريكي الجديد، الذي لا يكن أيّ ودّ للرئيس التركي، ويدعم الأكراد، على بُعد خمسين يومًا من دُخول البيت الأبيض خلَفًا للرئيس ترامب الذي يُوصَف بأنّه حليفٌ قويٌّ للرئيس أردوغان.
***
الرئيس أردوغان قد يُواجه ظُروفًا صعبة في الأسابيع والأشهر المُقبلة، قد تبدأ إرهاصاتها السيّئة على أكثر من جبهة، وليبيا وأرمينيا وشرق المتوسط تحديدًا، حيث يُشمّر الرئيس الفرنسي أكمامه، ويُحاول تعبئة مُعظم القادة الأوروبيين خلف حملته لفرض عُقوبات على تركيا، وأبرزها وقف الاستِثمار والواردات التركيّة التي تَصِل قيمتها 100 مِليار يورو سنويًّا.
أصدقاء الرئيس أردوغان في منطقة الشرق الأوسط من الحُكومات، وهُم قِلّة، يُطالبونه بإجراء مُراجعات لسِياساته الإقليميّة في العديد من المِلفّات، وبِما تُؤدّي إلى تقليص قائمة الأعداء، لمُواجهة الضّغوط الأوروبيّة، ولكنّه، وحسب قول مصدر إسلامي عالي المُستوى التقاه في أنقرة مُؤخّرًا يَرفُض التّجاوب مع هذه المطالب، ويُؤكّد أنّه سيَخرُج مُنتَصِرًا في نهاية المَطاف مثلما حدث في أذربيجان.
مُشكلة أردوغان، وحسب المصدر الإسلامي نفسه، يتمسّك برأيه، ويرفض الاستِماع إلى نصائح الآخرين، وآخِرها مُحاولة وِساطة بينه وبين حُلفائه السّابقين، داوود أوغلو وعلي باباجان، وحزب السّعادة، ولهذا تتفاقم مُشكلاته الداخليّة والخارجيّة، ويُواجه انكِسارات مُتواصلة في ليبيا وسورية، وربّما قريبًا في منطقة  الخليج إذا نجحت الوِساطة الأمريكيّة في تحقيق المُصالحة بين قطر وخُصومها.. واللُه أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان يَشُن هُجومًا كاسِحًا على ماكرون في تصعيدٍ للحرب الكلاميّة بينهما أردوغان يَشُن هُجومًا كاسِحًا على ماكرون في تصعيدٍ للحرب الكلاميّة بينهما



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:29 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

استبدال رائدة فضاء سمراء فجأة من بعثة "ناسا"

GMT 12:18 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

الغيطي يعترض على قيام سلفي بتحطيم تمثال في روما بلفظ مسيء

GMT 08:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

C3 إيركروس بديل مثالي لسيتروين C3 بيكاسو الشعبية

GMT 05:16 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تعلن أنّ الأطفال يرغبون في رؤية العقاب العادل

GMT 02:05 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لفتيت يؤكد ضرورة وضع قانون لتنظيم العمل الإحساني في المغرب

GMT 05:52 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

جيهان العلي تحتفل بعيد زواجها عبر صورة مع علامة

GMT 08:24 2015 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

ذوو سوابق يغتصبون فتاة بعد إجبارها على مرافقتهم في إنزكان

GMT 11:18 2014 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

اللاعب عمرو جمال مهاجم الأهلي رقم 23 عالميْا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca