آخر تحديث GMT 18:37:04
الدار البيضاء اليوم  -

الأكاديمي لحسن مادي يبدد القلق عبر "التربية على القيم الإنسانية"

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - الأكاديمي لحسن مادي يبدد القلق عبر

الأكاديميّ لحسن مادي، أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة ومدير مختبر البحث في علوم التربية
الرباط-الدار البيضاء اليوم

يرى النور من قلب الأزمة العالَميّة الرّاهنة كتاب "التربية على القيم الإنسانية وسبل بنائها" للأكاديميّ لحسن مادي، أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة ومدير مختبر البحث في علوم التربية والعلوم الإنسانية واللغات بالمدرسة العليا للأساتذة - جامعة محمد الخامس - الرباط.ويقول الكاتب إنّ موضوع "التربية على القيم الإنسانية وسبل بنائها" شغل باله منذ مدة غير قصيرة، وصار أكثر أهمية مع بداية سنة 2020 نظرا للمستجدات المتسارعة التي يعرفها العالم، غير المتحكم فيها في كثير من الأحيان.

ويطرح المؤلِّف مجموعة من الأسئلة حول ما سيكون عليه المستقبَل بعد هذه السنة التي انضافت فيها جائحة "كورونا" بشراسَتها وقوَّتها، التي فاجأت العالَم دونَ تمييز بين الدول والغنية، إلى الحروب المتتالية، وعدم الاستقرار في كثير من بقاع العالم، والتحالفات السياسية الهجينة غير المبنية على قناعات إيديولوجية واضحة بين الدول، والتي لا تولي أي اهتمام للجانب الإنساني، خاصة للأطفال والنساء، والهاجس المتزايد للتّسلّح بآخر الابتكارات القتالية، والتدفق السريع للمعلومات، وأنواع التكنولوجيات جِدِّ الفعّالة والمتطوّرة…

وبعد تأكيده على أنّ هذه المعطيات "لا يمكن أن تحدث بدون تأثير إيجابي أو سلبي على مسلَّمَاتِنا ومعتقداتنا، بل وعلى طبيعة تفكيرنا"، أي على "قيمنا التي توجه سلوكاتنا وتصرفاتنا"، يرى لحسن مادي أنّ الجائحة بيَّنَت للجميع "هشاشة النظام العالمي"، وبأنه "ليست هناك دولة - مهما بلغت من تقدم تكنولوجي وعلمي- محمية من الأوبئة ومختلف الأمراض الخطيرة، وليست هناك حدود معلومة للدول رغم ما تتوفر عليه من أسلحة فتاكة وأموال باهظة"، بل نحن "أمام تغيير غير مسبوق للعالم".

ويضيف المؤلِّف أنّ المرحلة الرّاهنة تعرف وجود "غموض مقلق ومحير لدى الجميع"، و"رغبة قوية للخروج من هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن؛ لأنه ليس هناك استعداد قبلي للدخول فيها لا من الناحية النفسية ولا من الناحية المادية"، مشيرا إلى أن "كورونا أحدثت هزة نفسية عنيفة غير منتظرة في حياتنا وربما عواقبها سنجترها لمدة غير قصيرة؛ فقد جاءت لتُغَيِّرَ العالَم، وقد تَظهر أنواع أخرى من الفيروسات أشد قوة وفتكا علينا التصدي لها."

ولا يرى الكتاب أنّ بإمكان أحد إعطاء جواب شافٍ عن سؤال "أيّ تغيير للعالم ينتظرنا؟"، بل "علينا أن ننتظر في السنوات القادمة ظهور حكماء، مؤمنين بالقيم الإنسانية والعيش المشترك بين البشر دون تمييز، قادرين على تقديم أجوبة ملائمة وواقعية وإنسانية على سؤال: كيف يمكن الحفاظ على الحياة في كوكبنا المهدد بالأوبئة والأمراض والحروب المدمرة؟"، وهو "ما يتطلب وجود نظرة مستقبلية واستشرافيّة لديهم، عمّا يمكن أن يحدث، وأن يتسلّحوا بنكران الذات، والجرأة على اتخاذ القرارات الصائبة، والقدرة على إعادة النظر في كثير من المسلمات السائدة اليوم، التي تتحكّم في العلاقات بين الدول، خاصة منذ بداية القرن الواحد والعشرين."

وتُمكّن هذه الدّراسة التي وقّعها الأكاديميّ لحسن مادي مِنَ "التعرف على مجموعة من القيم الإيجابية التي ستبقى سائدة في الحاضر والمستقبل"، وهي قيمٌ ستُحَقِّقُ "مجتمع العيش المشترك، المبنيّ على التطوع والتضامن والعدل، والمساواة". وبالتّالي فإنّ "أزمة القيم" التي يدافع عنها البعض، وفق الكاتب، "لا وجود لها في الواقع"، بل الأزمة الحقيقية التي ستواجِهها المجتمعات مستقبلا هي "أزمة الرغبة في طغيان الصور النمطية والأحكام المسبقة التي تجعل البعض، بوعي أو بدون وعي، يروج لمجتمع آخر بمواصفات خاصة حَسَبَ مصالحه الشخصية أو الفئوية."

ويرى الكاتب أنّ القول بأنّ هناك أزمة قيم "يحيل، في الحقيقة، على أزمة فهم القيم التي ينتجها أفراد المجتمع، وتحديدا فئة الشباب"، وبالتّالي "لا يجب أن نعتبر القيم التي ينتجها الشباب "مشكلا"، بقدر ما يجب مقاربتها كبعد من الأبعاد الضرورية لمشروع "حياة شاب"، وبناء لتمثل العالم من طرف فاعل اجتماعي له قناعاته وتصوراته ومُمْكِنَاتُه أيضا."ويذكر الأكاديمي لحسن مادي أنّ الدّراسة تبيّن أنّ "إيمان الشباب بإمكانية انتشار القيم الإيجابية على المدى المتوسط والبعيد، يعكس ثقتهم في مجتمعهم وفي مستقبل بلادهم، كما يؤكد على روح مواطنة عالية وتشبث كبير بالوطن وإيمان بقدراته وإمكانياته في مواجهة كل الصعوبات والنكسات التي تمر بها بلادنا من حين لآخر."

ويزيد الباحث: "ولعل أزمة انتشار فيروس "كوفيد-19" قد رسخت هذه الثقة في الوطن، من خلال الالتزام الذي عبر عنه مختلف الأفراد منذ بداية انتشار الوباء. ولعل نجاح استراتيجيات الدولة في مواجهة هذه الأزمة سيقوي التشبث بهذه القيم الإيجابية."

ويسجّل الأكاديميّ ضرورة التأكيد على أهمية القيم التي عبر عنها المبحوثُون، وأهمية ترسيخها داخل مختلف المدارس والمؤسسات التربوية، باعتبار المدرسة إحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأساسية التي توكل إليها مهمة تنشئة الطفل ومساعدته على تكوين شخصيته، عن طريق امتلاك مجموعة من الخبرات التي تؤهله ليحتل مكانته داخل المجتمع كفرد منتج وفاعل، علما أنّ المؤسسات التعليمية تلعب بشكل عام "دورا مهما في الحفاظ على تراث المجتمع وتقاليده، والعمل على تثبيت النموذج الاجتماعي والحضاري بواسطة مجهود جاد وعلمي".

ويزيد الباحث: هذه إذن "الآلية التي من خلالها يكتسب الطفل ويتعرف على القيم والمعايير السائدة في مجتمعه، وفي هذا السياق اقترحنا مجموعة من الوضعيات التعليمية ومجموعة من البيداغوجيات الملائمة لبناء القيم داخل المؤسسة التعليمية". لذا فإنّ "الاستثمار في منظومة القيم الإيجابية، باعتبارها مجموعة من القيم المترابطة التي تنظم سلوكَات الفرد وتصرّفاته وتوجّه مواقفه بوعي أو بدون وعي"، هو "استثمارٌ في الإنسان الذي هو أساسُ التّنميّة ومصدرها."

وقد يهمك ايضا:

عمر حنيش يؤكّد أن "كورونا" تحدّى الجامعة ومستقبل التعليم عن بعد مضمون

أستاذ علم الاجتماع يحذّر من خطوة الأخبار الزائفة عن "كورونا"

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأكاديمي لحسن مادي يبدد القلق عبر التربية على القيم الإنسانية الأكاديمي لحسن مادي يبدد القلق عبر التربية على القيم الإنسانية



GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 06:25 2018 الأحد ,29 إبريل / نيسان

أفكار متنوعة وراقية لديكور حفلات الزفاف

GMT 03:33 2018 الثلاثاء ,27 آذار/ مارس

الهاتف Huawei Y7 2018 يظهر في صورة رسمية مسربة

GMT 13:31 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

حسام عاشور على بُعد 3 خطوات مِن الأكثر تتويجًا في العالم

GMT 05:33 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

التحقيق مع مدير بنك اختلس 600 مليون سنتيم في الجديدة

GMT 13:54 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أبرو يحرز رقمًا قياسيًا في عدد الأندية التي لعب لها

GMT 02:55 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأصفر يعتبر لونًا مبهجًا يجلب السعادة إلى المنزل

GMT 15:09 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح مصنع جديد في طنجة لإنتاج الورق المقوى

GMT 23:44 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنعاشور حارس "الوداد" مطلوب في سوشو واتحاد طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca